آراء

أنس الإمام يكتب:يابان 1910 وسودان 2020

 

المؤلف الكوري هاجوون تشانج صاحب كتاب «السامريون الأشرار: الدول الغنية والسياسات الفقيرة وتهديد العالم النامي» الشهير والذي احدث ضجة كبري بعد اصدارة، والقارئ للكتاب يخيل له بان مؤلفه تشانج سوداني، ولا ابالغ ان قلت انه كان يقطن في ضاحية الحاج يوسف وتحديداً شارع واحد وذلك بسبب مناقشته للمشاكل التي تعاني منها الدول النامية بشكل عام والسودان بشكل خاص، وعندما يطرح مشاكل تلك الدول يطرحها بلسان العارف والعالم بحال مجتمعاتنا.

يقول القس (سيدني قوليك) عن وصفه لإنسان إحدى الدول والمجتمعات “العاطفي ، خفيف القلب ، المتحرر من كل قلق من المستقبل ، الذي يعيش للحاضر دون غيره،غير ملتزم بالمواعيد.. كسالي وغير منتجين وغير قابلين لتحقيق التنمية الاقتصادية “.

هنالك ايضاً الاستشاري الاسترالي الذى قام بجولة في احدي المصانع في نفس الدولة السابقة و قدم تقريره قائلاً( لا استغرب من قلة العائد الانتاجي لانهم عندما رايت اداء العمال ايقنت انكم ” جنس لايقيم للزمن وزن” وكان رد المسئولين وقتها هذه هي عاداتنا وتقاليدنا والتراثنا.

لكن تخيل يا عزيزي القارئ ماهي هذه الدولة؟
في الاول قد تأتي فى ذهننا مجموعة من دول العالم الثالث، ولكن لا تستغرب اذا كانت هذه الدولة هي اليابان، نعم اليابان (بشحمها ولحمها ) والتي اصبحت الآن تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث الناتج القومي الاجمالي ، نعم هي كانت مثلنا قبل اكثر من قرن من الزمان، نفس الصفات ونفس الامراض المجتمعية التي عندنا، عبرت اليابان وتقدمت، واذا اخبرنا ( قوليك والخبير الاسترالي) ما اصبحت فيه اليابان الآن من تقدم لاقسموا بانكم تتحدثون عن بلد آخر، بسبب انهم اقاموا في اليابان فترة طويلة – اكثر من (25) سنة – خبروا اهلها وتقاليدها، و هدموا نظرية ماكس فيبر ( هنالك ثقافات انسب للتنمية الاقتصادية من غيرها ).

يتخذ مؤلف الكتاب (تشانج) من بعض التعميمات التي تردد بحذافيرها بحق شعوب الدول الفقيرة، مدخلا للتأكيد على أنه ما من ثقافة صالحة أو غير صالحة للتنمية الاقتصادية، فكثير من أنماط السلوك السلبية التي شاعت بين اليابانيين في الماضي، كانت إلى حد كبير نتاج أوضاع اقتصادية مشتركة بين جميع الدول المتخلفة اقتصاديا، لا بين ثقافات بعينها، وهذا هو السبب في أن اليابانيين في الماضي، كانوا أشبه كثيرا من الناحية الثقافية بشعوب الدول النامية. فحين يكون بلد ما فقيرا، يلجأ الناس في الغالب إلى سبل غير أخلاقية وغير قانونية لكسب لقمة عيشهم، ويضعف تنفيذ القانون، فيفلت الناس بأفعالهم غير القانونية، ويجعل ذلك خرق القانون أكثر قبولا من الناحية الثقافية.

ماهي الوصفة (الروشتة)!
وحسب وصفة تشانج أنه في مجتمع لا يقوم مسؤولوه بتوفير القدر الكافي من الوظائف، لن يكون الكلام عن اهمية العمل الجاد فعال في تغيير عادات الناس في العمل، وفي المجتمعات التي تُساء فيها معاملة العمال، لن يلقى الحث على التعاون إلا كل تجاهل، إن لم يثر السخرية، لأن تغيير المواقف يحتاج دعما من تغيرات حقيقية في الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات والسياسات.بمعني آخر التي تقود التنمية وتوجيه المجتمع هي الحكومات والتي بدورها تقوم بتغيير نمط المجتمعات من خلال وضع السياسات العامة والخطط الاقتصادية، وحين يتوفر العائد الجيَد يتغير سلوك الافراد والمجتمعات لصالح التنمية الاقتصادية المنشودة والنموذج الياباني خير مثال.
في ختام مقالي اريد ان اقول ( نعم لدينا عادات اجتماعية سيئة غير اقتصادية اولها الاسر الممتدة حيث يكون العائل شخص واحد هو المنتج اقتصادياً وبقية الاسرة غير منتجة، لدينا مشكلة في التعامل والاحساس بالزمن، لدينا سلوك استهلاكي عالي غير انتاجي، لدينا عادات اجتماعية تعيق عملية التنمية الاقتصادية، لكن هنالك امل في التغيير، ونستطيع ان نستنسخ النموذج الياباني، وذلك اذا توفرت شروط اولها الرغبة والارادة السياسية والحكومية في تغيير هيكل الثقافة الاقتصادية في المجتمع السوداني، من غير انتاج لانستطيع ايقاف تدهور العملة الوطنية، من غير انتاج لانستطيع ان تكون لنا استقلالية في القرار..

وبالانتاج لن نحتاج!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى