آراء

محمد لطيف يكتب: صادر الماشية .. أوهام التآمر وحقيقة التهاون !

( اطّلع وزير شؤون مجلس الوزراء السفير/عمر بشير مانيس على جهود اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق حول أسباب وملابسات إعادة صادر الماشية من المملكة العربية السعودية.. جاء ذلك لدى لقائه مساء امس بمكتبه بوكيلة وزارة العدل مولانا/سهام عثمان رئيسة اللجنة، حيث بحث اللقاء نتائج الزيارات الميدانية التي قامت بها اللجنة لولايات البحر الأحمر والنيل الأبيض وغرب وشمال كردفان، بالإضافة لمحجر الكدرو .. كما اطلع معالي السفير على عمل اللجنة برصد مشكلات ومعوقات الصادر بمناطق الإنتاج والمحاجر البيطرية .. ولقاءات اللجنة بمُصدِّري الماشية ووكلاء النقل البحري فضلا عن معاينة وسائل النقل المستخدمة لمعرفة صلاحية آليات نقل الصادر وتحديد أوجُه الخلل والمسؤولية ووضع الحلول والمعالجات الفورية والمتوسطة وبعيدة المدى ليعود قطاع صادر الثروة الحيوانية لمكانه الريادي في الاقتصاد السوداني .. )
حرصنا على عرض الخبر بتفاصيله .. لأن التفاصيل احيانا تكون فى غاية الأهمية .. سيما فى أمر بات يهدد الإقتصاد الوطني .. بل ويهدد الأمن القومى .. ولأننا قوم نتعاطى نظرية المؤامرة حد الثمالة .. ولأننا نؤمن أن كل مصائبنا مصدرها آخرون .. وأننا آخر من يخطئ .. فمنذ اول باخرة أعيدت لصادر الماشية السودانية .. إنطلقت الشائعات .. من قائل بأن السلطات السعودية تضيق الخناق على الحكومة الانتقالية .. كي تهييء للعسكر مبرر القفز على السلطة.. الى قائل بأن الطاقم الفني العامل فى محطات إستقبال صادر الماشية السودانية في السعودية كلهم مصريون .. تخيل .. وأن المخابرات المصرية أمرتهم بعدم السماح بدخول الماشية السودانية للضغط على الحكومة السودانية .. بعساكرها .. لتغيير موقفهم من سد النهضة .. !
ولسبب من هذا فقد كان افضل ما فعلت الحكومة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأمر .. أما وقد اضطلع وزير مجلس الوزراء على جهود اللجنة .. فالمؤمل والمرجو .. أن تعلن اللجنة الموقرة نتائج تحقيقها هذا .. وتنشره على الملأ .. حتى يقف الرأي العام السودانى على الحقيقة .. وأكاد أجزم .. بعد الحديث الى العديد من المصادر ذات الصلة .. من خبراء وعاملين فى الحقل .. أن ثمة أخطاء قاتلة .. قد ارتكبت في مرحلة ما .. وربما فى اكثر من مرحلة .. وأنه قبل التفكير فى تصحيح الأخطاء .. لا بد من محاسبة من أخطأ .. فى الحد الأدنى بالإبعاد من موقعه .. مع تبيان الأسباب للرأي العام ..!
أشرنا الى مراحل .. نعم .. فالحديث عن صادر الماشية .. وكما يلاحظ القارئ فى ثنايا خبر مانيس اعلاه .. يمر بثلاث مراحل .. الأولى والأهم .. مرحلة الإنتاج وهذه يمكن أن تشمل من الراعي البسيط .. وحتى التاجر الذى يجمع من الرعاة ماشيتهم لتصديرها .. والمرحلة الثانية والأخطر .. وهي تشمل الترحيل والشحن وتدخل فيها كل العمليات ذات الصلة .. منذ أن تبدأ الماشية رحلة التصدير .. ويشمل ذلك .. إيجازا ودون إخلال .. العمليات البيطرية والعمليات المحجرية وعمليات التطعيم .. ومدى التزام المصدرين بتطعيم كل قطعانهم .. لا كما يتحايل البعض بتطعيم نسبة محدودة بظنٍ فاسد أن الأمر لن يكتشف .. ثم اللقاح نفسه .. ومدى فعاليته .. إن لم يكن صلاحيته نفسها .. ثم يأتي الشحن .. وهو قصة أخري .. تبدأ من الشاحنات التي تُحَمّل ضعف ما يفترض أن تحمله .. لا لسبب إلا الجشع ومحاولة خفض تكلفة الترحيل .. ثم تأتي ثالثة الأثافي .. وهي البواخر .. ويكفي بؤسا وفضيحة .. أن نقول هنا .. إن البلاد لا تملك سفينة واحدة .. وهذه لوحدها قصة تستحق فتح تحقيق مستقل فيها .. أما التحقيق الحالي فينبغي أن يجيب على الأسئلة الأساسية عن جاهزية هذه البواخر .. من حيث توفر نظام التغذية والتهوية والشرب لمواشٍ يمكن أن تمكث فيها لما يقارب يوما كاملا .. !
تحدثنا عن مرحلتين .. وإن سأل سائل عن المرحلة الثالثة .. فهي فى الواقع ليست تحت سيطرتنا .. بل هناك في محطات استقبال الصادر .. ولكن الذى بين ايدينا أن نفعله .. هو العودة لنظام التسويق من داخل البلاد .. بالعودة الى تجربة مؤسسة تسويق الماشية .. ولئن كانت المؤسسة قد وئدت وتحولت الى مجرد أسهم حكومية محدودة فى بنك الثروة الحيوانية .. فالسؤال .. ما هو دور هذا البنك إن لم يكن تأهيل صادر البلاد من الماشية بكل ما يتطلبه ذلك التأهيل ..؟

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى