عبداللطيف البوني يكتب: من أجل إعلام مؤثر

(1 )
في حلقة المشهد التلفزيونية التي قدمها الأستاذ ابوبكر عابدين على القناة القومية والتي استضاف فيها , السادة ياسر عرمان وإسماعيل التاج وعبد الرحمن نمر للحديث عن اتفاقية السلام التي تمت في جوبا وقد تكررت في الحلقة الشكوى من الإعلام وكيف انه أهمل أمر هذه الاتفاقية، واتهم الإعلام بمعاداة الثورة فالذي بدا لي ان السادة الضيوف بعد ان مكثوا في جوبا زمنا طويلا أنفقوه في التفاوض الى ان وصلوا للاتفاق عندما عادوا الى الخرطوم وجدوا ان الناس غير منشغلين ان لم نقل غير مدركين لما جرى في جوبا ،فعزوا ذلك لإهمال أجهزة الإعلام للاتفاقية.
(2 )
نتفق مع السادة أعلاه في ان التجاهل الشعبي للاتفاقية سوف يصيبها في مقتل وان الاتفاقية مهما كانت درجة عدالتها وقوتها و(تسبيكها) إذا قابلها الشعب بلا مبالاة سوف تفنى وتذهب مع الريح وليس أدل على ذلك من اتفاقية نيفاشا 2005 والتي بذل فيها جهد دولي وإقليمي ومحلي كبير وخاطبت كل قضايا السودان منذ محمدعلي باشا الى يوم الناس ذلك ولكن التجهيل المتعمد بها جعل الصقور في الجانبين ينفردان بالتنفيذ وحدث ما حدث . حتى اتفاقية أديس ابابا 1972 والتي كانت أضخم إنجاز في تطوير العلاقة بين شقي القطر عندما أراد نميري تمزيقها جردها من البعد الشعبي قائلا أليست هذه الوريقة التي وقعناها أنا وجوزيف لاقو فمن حقنا الاثنين ان نفعل بها ما نريد، فحدث هذا ما حدث، عليه هذه الاتفاقية التي بين أيدينا الآن الخوف عليها من الشيطان الذي سوف يدخل من ثقوب التجاهل واللامبالاة الشعبية وتظهر نغمة خيانة العهود والمواثيق.
(3 )
لتدارك هذا الأمر اقترح الأستاذ اسماعيل في ذات الحلقة ان يبث التلفزيون رسائل مكثفة عن محتويات الاتفاقية ويقوم بشرحها وأبدى استعداد مركز لهم بان يقوم بتفصيل هذا الأمر ولكن ليسمح لنا مولانا ان نقول له ان كان هذا الشكل من الإعلام النازل من فوق ذا جدوى فقد حدث، فالاتفاقية قد وجدت حظها من التغطية لدرجة ان السيد التعايشي كبير المفاوضين الحكوميين كاد يتحول الى مذيع بصوته القوي وطريقة كلامه المرتبة فطوال أيام التفاوض وبعدها كانت الخبر الرئيسي في نشرات التلفزيون والإذاعة. والصحف من جانبها لم تقصر ليس هذا فحسب بل التلفزيون القومي قدم حلقات لا حصر لها وفي برامجه الرئيسة عن الاتفاقية، استضاف فيها من وقعوها ولكنها كانت كلها كالصوت الواحد اي منلوج وليس ديالوج لذلك لم تحدث الأثر المطلوب فإذن بمقاييس التردد فقد ترددت الاتفاقية في الوسائط الإعلامية الرئيسة ترددا كبيرا جدا ولكن من حيث الجدوى فالنتيجة كانت مخيبة للآمال.
(3 )
إذن ياجماعة الخير المشكلة ليست في الإعلام مطلقا إنما في القالب الإعلامي فكلما القالب حواري وساخن، جذب المتلقي (انظروا للبي بي سي ) فهذه الاتفاقية المعنية هناك من تحفظ على بعضها من داخل الحاضنة الحاكمة وهناك من كتب معترضا على بعض بنودها وهناك من يعترض عليها كلية ومن المؤكد ان الذين وقعوها قادرون على الدفاع عنها فضعوا كل هذه الآراء في الضوء الإعلامي لتتفاعل، وبتفاعلها يتم الوعي بالموضوع وليس بالضرورة أن يكون في الشاشة شخص معارض بل يمكن لفريق الإعداد ومقدم البرنامج ان يجلس الضيف على كرسي ساخن فالسخانة هي التي تمدد الأشياء داخل العقول . هسي عليكم الله زول ذي ياسر عرمان دا الممكن يناطق الجن فلماذا تخشون عليه من أسئلة بيت الكلاوي؟

 

 

 

صحيفة السوداني

Exit mobile version