زاهر بخيت

زاهر بخيت الفكي يكتب: السر شنو يا حمدوك..؟

تأثرتُ جداً بقصة رواها لي صديق اتصل قبل أيام بأسرته للسؤال المُعتاد عن حالهم وعندما أمسك إبنه الصغير الهاتف سأله ببراءة قائلاً يا أبوي صفوف الرغيف عندكم طويلة زيّنا..؟
ابتلع ريقه بصعوبة كما قال ، من الحسرةِ على مآلاتِ الأحوال ، وبشّر ابنه بأنّ ما يحدث الأن من أزماتٍ مصيرها إلى زوال ، ومن منّا من لم يتحسّر على أوضاعنا الحالية المُزرية ، وما وصلنا إليه من دمارٍ شاملٍ لم يترُك لنا مساحة أمل إلّا وطالها وقضى على ما فيها من أملٍ قبل أن يتمدد فينا ، ومن سيطرت عليهم فوبيا الدولة العميقة من الساسة الجُدد أوصلونا بغياب رؤيتهم وهشاشة دولتهم إلى مرحلةٍ ضاعفوا علينا فيها الأزمات التي ورثناها من الدولة العميقة ، والتي ما زالوا يتوجسون منها بالرغم من أنّ القانون وأدوات الردع والقوة في أيديهم لحسمها وبتر جذورها متى ما أنبتت في مكان.
وقف مواطن سوداني ممكون أمام الكاميرات في المؤتمر الاقتصادي القومي ووجه حديثه مُباشرة إلى حمدوك وقال بأنّ عُمُره ازداد عشرة سنوات بسبب لهثه ووقوفه ثلاثة أرباع اليوم للخُبز والوقود وغيرهما من الصفوف والسبب في الكارثة كما زعم الرجُل تكمُن في وزير التجارة مدني عباس ، وتساءل عن سر الاحتفاظ بمدني حتى اليوم رغماً عن الاخفاقات ولماذا لم يلحق بالوزراء الذين أقالهم حمدوك ، وقد توقّع الرجُل بأن يكون مدني من أوائل الراحلين من الوزارة ولم يحدث ، صفق الحُضور طويلاً وتبسّم حمدوك.
فعلاً السر شنو..؟
نُشارك الرجُل في سؤاله عن السر ونقول لحمدوك قبل التضحية بمدني أنّ مؤسسة الحُكم بكاملها تحتاج لتغيير يتناسب وهذه الثورة ، لن تُغيّر إقالة مدني في هذه الأزمات المُتتالية شيئا ، ولن تنحسر برحيله طوابير الخُبز ولن تتقاصر الطوابير الأخرى ، مُصيبتكُم أكبر من مدني وفشله في إدارة وزارة التجارة التي انتظر المواطن أن تتقاسم معه الهم وفشل كغيره من الرفاق ، لابُد من تغييرٍ يطال الجميع بلا استثناء ، تغيير حقيقي لا لإرضاء الحاضنة السياسية ولا علاقة له إلبتة بالمُحاصصات الحزبية ، تحتاج البلاد إلى من يُشخِّص ولمن يضع يده في موضع الألم ويستأصل كُل الخلايا السرطانية من جذوعها ، لا من يُحاول علاج علل الوطن المُزمنة بالمُسكنات.
لن تتحركوا خطوة واحدة للأمام إن لم يكُن الوطن أكبر عندكم من الأشخاص ومن أي علاقات أخرى ، واعلموا أنّ الفترة الانتقالية ليست بالطويلة ، ربما يصبر عليكم المواطن حتى نهايتها إن فعلتًم له شيئاً يُعينه على الصبر لانتظاركم حتى نهايتها وإلّا فمزبلة التاريخ فيها مُتسع لكُل من جاءته الفرصة لينجو منها بالعمل الجاد ولم يستطع أن يُسجل اسمه بمداد الانجازات في دفتر التاريخ.

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى