آراء

عبدالحميد عوض يكتب: سر الفشل

(1)
في يونيو من العام الماضي، توترت العلاقة بين النوبة والبني عامر بمدينة بورتسودان، ووصلت مرحلة القتل على الهوية، وفشلت معها محاولات الصلح التقليدية، فتجدد الصراع مرات ومرات، وفي المرة الأخيرة لم يلجأ لسياسة الطبطبة ولا التوسط بين الطرفين للتوقيع على إتفاق “قلد” جديد، وكل ما فعله الوالي المدني الجديد عبد الله شنقراي وخلفه الحكومة المركزية، هو تحريك المزيد من القوات، والانتشار في المدينة، وفرض هيبة الدولة، وتطبيق روح القانون، فاستتب الأمن بشهادة أهالي المدينة وزوارها.
(2)
في كسلا، تحركت خفافيش الظلام، وأثارت الفوضى لليالي من الفرجة المجانية، وذلك بسبب تعيين والي الولاية مختلف حوله، وهي قضية سياسية، وحلها سياسي، لا بإثارة القلاقل الأمنية والتلاعب بالقبلية، والذي حدث بعد ذلك أن القوات النظامية تدخلت ولعب مدير الشرطة الفريق عزالدين الشيخ دورا كبيراً في إدارة الأزمة، وأسمع خلال وجوده في المدينة، صوت القانون، لمن به صمم، فعادت الأمور إلى نصابها الصحيح حتى هذه اللحظة.
(3)
في الخرطوم العاصمة، برزت إلى الوجود ظاهرة سرقات نهارية وخطف للهواتف النقالة، استمرت لايام حتى تدخلت الشرطة ودشنت حملة البرق الخاطف وطاردت تلك العصابات ونجحت في احتواء تلك الظاهرة، مع وعد من الشرطة بالاستمرار في حملة البرق الخاطف.
(4)
الاسبوع الماضي، وصل سعر الدولار إلى 260 جنيه بعد أن كان السعر في حدود 200 جنيه، وحدث انفلات كبير في الأسعار على رأس الساعة الواحدة، ويوم الخميس، أعلنت الحكومة تفعيل حالة الطوارئ الاقتصادية وشكلت قوات مشتركة لمطاردة المضاربين في أسعار الدولار والذهب والمهربين، كما أعلنت عن تعديل بالقوانين لتشديد العقوبات، وانشاء نيابات ومحاكم متخصصة في الطوارئ الاقتصادية.
في يومها بدأت القوات المشتركة، حملة مطاردات ومداهمة لأوكار العملة، والقت القبض على عدد من التجار ولم تمض الا 3 أيام حتى استقر سعر الدولار وتراجع – حسب التقارير الصحفية – إلى ما كان عليه قبل أسبوع من المضاربات.
(5)
تلك أربعة أمثلة فقط تفك شفرة ازمة البلاد الحالية، حيث ثبت تماما أننا أمام أزمة أمنية في المقام الأول أو بالأحرى فشل في إدارة الأزمات أمنيا، مع غياب سيادة حكم القانون والمجاملة والتراخي في تنفيذه، ولو أن مؤسساتنا الأمنية والقانونية تحركت وفرضت هيبتها في أول يوم لِتأزم العلاقة بين النوبة والبني عامر، لما حدث ما حدث، ولو أنها فرضت هيبة الدولة في كسلا، لما خسرنا أرواحا، ولو أنها تعاملت مع جرائم الخطف في الخرطوم بالسرعة المطلوبة، والقت القبض قبل فترة على تجار العملة ورمتهم في السجون لما وقعت كارثة انهيار الجنية وفوضى الأسعار .
(6)
أثبتت الأيام أن اجهزتنا الأمنية خاصة الشرطة تمتلك القدرة الكافية للتعامل مع كل المهددات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لكن يبدو فيما يبدو أن الشرطة مقيدة بقرار سياسي، هو الذي حال بينها وبين أدائها لمهامها في الفترات السابقة، وهو أمر متوارث من نظام الفساد والاستبداد المرتبطة مصالحه بجرائم تدمير الاقتصاد والنسيج الاجتماعي، ولم يعد مقبولاً استمرار ذلك الوضع والتقييد.
(٧)
قلت من قبل للمكون العسكري في السلطة الانتقالية إنه لو كان فعلاً جاداً في إنجاح الفترة الانتقالية عليه القيام بالمهمة الأمنية الموكلة إليه على أكمل وجه، لأن كثيرا من مشاكلنا لها طابع أمني، وإن تمظهرت في أزمات اقتصادية أو اجتماعية وخلافه، ودعوت ذلك المكون للتركيز في تلك المهمة بدلاً من التفرغ لإصدار أحكام بفشل المدنيين وتقديم نفسه كبديل لهم.

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى