تحقيقات وتقارير

كشفت عنه مواكب جرد الحساب.. وزارة المالية في مرمى نيران المؤسسة العسكرية ولجنة إزالة التمكين

يبدو أن مواكب جرد الحساب التي أعلن عنها تجمع المهنيين السودانيين قد حركت ساكن حكومة الفترة الإنتقالية قبل أن ترمي بحجر في بركة الشارع السوداني الذي هو الآخر انتفض بعد سكون،حيث عادت ذات الهتافات التي سبقت سقوط المخلوع البشير، ويرى مراقبون أن حراك الشارع كان وراء لقاء المكاشفة (مؤتمر إذاعي ) الذي عقده دكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء والذي اعقبه بـالخطاب الجماهيري بمناسبة مرور عام من توليه المنصب، لجنة إزالة تفكيك الثلاثين من يونيو ومحاربة الفساد هي الأخرى جهرت بصوتها معلنة عن حزمة من القرارات التي كانت حديثاً للمجالس وكان له مفعول السحر في إمتصاص غضبة الثوار الحالمين في محاسبة الجناة واسترداد أموال الشعب، غياب اللجنة عن الواجهة طوال الفترة الماضية أثار العديد من علامات الإستفهام والشكوك والمظان لدى المراقبون والمتابعون لانشطتها، وهذا ماكشف عنه أعضائها خلال مؤتمرها الصحافي والذين أكدوا على استمرارية عمل اللجنة من خلف الكواليس لانشغالها بملفات عديدة حالت دون عقد مؤتمرات صحافية كما جرت العادة، بل شهدت المنصة العديد من الدفوعات التي برأت ذمة اعضاء اللجنة من الفساد المالي وذلك من خلال حديث الأستاذ وجدي صالح عضو اللجنة الذي برأ اعضاء لجنته من شبهة الفساد المالي حيث قطع بأن لجنة إزالة التمكين بوزارة المالية لم تتسلم أية مبالغ مالية، وقال في هذا الخصوص أن اللجنة حققت في الأمر وتأكدت من عدم تسلم أموال من اي جهة، واللجنة لم تكتف بتبرأة ذمة منسوبيها وحسب بل رمت باللائمة على وزارة المالية عندما كشفت عن استردادها لمبالغ مالية واصول لاتزال بحوزتها وأنها في إنتظار وزارة المالية لإستلامها، وتقصير وزارة المالية لم تكشف عنه اللجنة ،بل أن المؤسسة العسكرية هي الأخرى أكدت أنها بسطت يدها للمالية دون جدوى.

براءة ذمة
نفى وجدي صالح خلال المؤتمر الصحافي تسلم لجنة إزالة التمكين بوزارة المالية أية مبالغ مالية، وقال في هذا الخصوص إن اللجنة حققت في الأمر وتأكدت من عدم تسلم أموال من أي جهة.
وأكد تماسك لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، واضاف انها تعمل بروح الفريق ولن تتراجع عن تحقيق أهداف الثورة التي تؤمن بها وأبدى تفاؤله بتفكيك نظام ٣٠ من يونيو صامولة صامولة واختفاء آثاره لينعم الشعب السوداني بدولة حقيقية لا تمييز فيها، وقال إن الثورة منتصرة لا محالة وأن اللجنة التي أتت بإرادة الشعب لن تخونه، وأوضح أنها تقوم بعمل مترابط لاسترداد الأموال وتمكنت من الحجز على أموال وعقارات، وكشفت اللجنة عن تحصيلها لمبالغ مالية كبيرة رأت انها قادرة على فك الضائقة المعيشية التي وقعت على المواطن في الفترة السابقة، منوهة الى ان حدود عملها ينحصر في إسترداد الاموال ومحاربة الفساد وأن كل ماحصلت عليه من مبالغ وأصول رهن اللجنة ولفتت إلى أن وزارة المالية لم تتسلم المال ولم تضع يدها عليه من اجل إنفاقه، واللجنة التي قدمت كتابها بالأمس ناصعاً خلال مؤتمرها الصحافي و رمت باللائمة على وزارة المالية وهو ذات اللوم الذي سبقته اليه المؤسسة العسكرية وهو أمر يرى مراقبون أنه يقدح في عمل وزارة المالية ويثير العديد من الشكوك والمظان تجاة الوزارة التي أصبحت في مرمى النيران.

حجر عثرة
من جهتها أكدت المؤسسة العسكرية على أنها لن تكون حجر عثرة أمام الاستفادة من موارد البلاد الإقتصادية وهذا ماذهب اليه القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان الذي برأ ذمة المؤسسة العسكرية من التغول على ممتلكات الشعب والسيطرة على مفاصل الإقتصاد حسب ماظل متداولا، وقال هناك “حملات منظمة تسعى لتفكيك الجيش وتفكيك مؤسساته وشركاته الاقتصادية لتفتيت البلاد ومضى بالقول ” الفاشلون يريدون أن يعلقوا اخفاقاتهم على مؤسسات الجيش” منوها الى ان سوء التخطيط والإدارة كانت وراء الازمة الحالية ووقطع انها تحتاج الى معالجات وصبر لبناء الاقتصاد وتفجير الطاقات وعدم الاعتماد على الهبات.

 

وأضاف “عرضنا على الحكومة كل المساعدة ولكن لم يفعلوا شيئا” واردف ان القوات المسلحة بسطت يدها بلا من ولا اذى لوزارة المالية والتخطيط الإقتصادي لوضع يدها على مجموعة مقدرة من الاموال للاستفادة منها في تخفيف حدة الضائقة المعيشية لكنها لم تستجب، وتابع ان عدم وضوح الرؤية عند القائمين على امر الإقتصاد ووجود اجندات اخرى لدى بعض الجهات السياسية هو من يقف وراء ترويج فرية تحكم القوات المسلحة في مفاصل الإقتصاد القومي، وقال إن تلك الجهات تعمل للاستحواذ على خيرات وممتلكات شركات وإستثمارات القوات المسلحة والتي هي ليست للمزايدة او التكسب السياسي، ذات التأكيدات التي خرجت من لسان القائد الاعلى للقوات المسلحة قد اكدها الفريق ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الاموال الذي اوضح ان جميع شركات المؤسسة العسكرية هي في الاصل صندوق للضمان الاجتماعي للفرد العسكري وتستقطع اموالها من راتبه شهريا منذ تأسيس الصندوق في العام 1972م، واردف ان جميع شركات المؤسسة العسكرية تخضع للمراجعة العامة ولقانون الضرائب والجمارك، مؤكدا استعداد المؤسسة العسكرية للجلوس مع الحكومة التنفيذية لوضع خطط متكاملة وشراكات ذكية مع البنوك والقطاع الخاص من اجل تعافي الاقتصاد الوطني وتحسين معاش الناس، وذهب العطا لابعد من ذلك عندما كشف عن جملة مبادرات قدمها البرهان للقطاع الإقتصادي للمساهمة في تعافي الإقتصاد القومي إلا ان تلك المبادرات بحسب العطا لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب البطء الذي لازم عمل الجهاز التنفيذي.
وتعليقا على تلك التداعيات وصف الاستاذ والمحلل السياسي الفاضل احمد المهدي إستثمارات الجيش بأنها دولة داخل دولة وقال لـ( الجريدة) إن الوثيقة الدستورية اقرت بأن القوات المسلحة تحتاج الى كثير من الإصلاحات واوكلت تلك الإصلاحات الى قيادات الجيش العليا، منوها الى ان وضع إستثمارات القوات المسلحة اصبحت حالة فريدة تحتاج الى تفاهمات ونقاشات وان تلك الخطورة قد كشف عنها دكتور عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء في خطابه الاخير وان حديثه عن الـ(18 %) هي بمثابة شكوى رسمية للشعب وليس تحريضا كما فسره البعض وقطع الفاضل بالقول: لايعقل ان تتمدد استثمارات الجيش وتعيش قواته رفاهية عالية ويظل الشعب فقيرا لايجد قوت يومه، وشدد الفاضل على ضرورة مراجعة كل إستثمارات الجيش عبر لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد حتى وإن استدعى الامر ان تقوم القيادة العليا للقوات المسلحة بتشكيل لجنة قانونية من وحداتها من اجل إجراء فحص لبعض المشاريع الإستثمارية خاصة وان تلك الإستثمارات اصبحت حديث المجالس.

في المقابل ذهب عبدالله الرمادي المحلل الإقتصادي في اتجاه آخر حيث رأى ضرورة ان تسعى كل الجهات الى المحافظة على المشاريع الإقتصادية والصناعية التي تحت تصرف الجيش، وقال في حديثه لـ( الجريدة) إن كل الدول المتقدمة انشأت مؤسساتها العسكرية العديد من الشركات والمصانع التي رفدت بلدانها بالعديد من الإحتياجات الصناعية في كافة المجالات الزراعية والصناعية وغيرها من المنتوجات، ودلل الرمادي بماظل يقدمه التصنيع الحربي المصري من منتوجات قال انها اصبحت تصدر للخارج بعد ان سدت الإحتياجات المحلية غير انه استدرك قائلا: إن لامانع من ان تتم مراجعة حسابات تلك الشركات تحت إشراف مراجع عام يتم تعينه من رئاسة الجمهورية لمعالجة جوانب القصور، ومضى كانت القوات المسلحة في السابق تنتظر التصاديق والمنح من وزارة المالية والآن اصبحت تعتمد على مواردها الذاتية، بل اصبحت تقدم خدمات الإجلاس للمدارس والسيارات وتشارك بألياتها في النظافة كما انها ظلت تصنع كل أدوات ومستلزمات الجندي من ملابس واحذية وهو امر واقع ومنظور، واضاف ان كل من يتربص بالقوات المسلحة يريد الفوضى والعبث بمقدرات الامة.

قرارات ناجعة
وكانت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال اصدرت عدداً من القرارات بإنهاء خدمة عدد من العاملين بالمؤسسات الحكومية والخدمة المدنية وشملت القرارات التي تلاها عضو اللجنة وجدي صالح في المؤتمر الصحافي للجنة مساء امس، إنهاء خدمة (١٥١) قاضياً بالسلطة القضائية، و (٤١٢) من العاملين بقطاع الكهرباء، و(٢٣) من العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، و(٢٢) من العاملين بوزارة الشباب والرياضة، و(١٤) من إدارة الحج والعمرة و(١٠) عاملين بمجمع الفقه الاسلامي، وعامل بهيئة الاوقاف بولاية النيل الأبيض، كما شملت قرارات اللجنة إنهاء خدمة (٧) من العاملين بولاية غرب كردفان وايقاف ترقيات استثنائية لعدد (٤) من العاملين بالولاية، وإيقاف تعيينات آخرين لمخالفتها اللوائح، فضلاً عن إعفاء الأمين العام للمجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي، ومفوض العون الانساني، والأمين العام لمجلس الاشخاص ذوي الاعاقة من مناصبهم، كما شملت قرارات اللجنة إعفاءات بولاية شمال كردفان طالت مدير مؤسسة شمال كردفان للتمويل الاصغر الشريف احمد الشريف، وحل مجلس إدارة مؤسسة شمال كردفان للتمويل الأصغر، وحل لجنة تسيير مشروع تطوير سلاسل القيمة، إلى جانب إعفاء احمد جاد المولى مفرح جاد المولى منسق مشروع تطوير سلاسل القيمة الزراعية واستردت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بموجب هذه القرارات عدد (١١) عقار بشمال كردفان، و(١٤) عقارا بشمال دارفور، بالإضافة إلى إعفاء رئيس مجلس جمعية الهلال الأحمر بشمال دارفور وموظفين بالأمانة العامة، ووزارة التربية، والارصاد الجوي بالولاية وشملت القرارات حل مجلس أمناء هيئة الاوقاف الإسلامية بشمال دارفور، وإلغاء عضوية جمعية البر والتواصل من المجلس، فضلاً عن إلغاء تسجيل وحجز أصول عدد من الجمعيات وشبكة الجمعيات العاملة بالولاية وايلولة ممتلكاتها لوزارة المالية بالولاية، واعلنت اللجنة استرداد أسهم شركة كوبات للبنية التحتية (٩٥) سهما لصالح الصندوق القومي للخدمات الطبية، واكد وجدي صالح عضو اللجنة إحالة إجراءات للنيابة بشأن شركة شواهق لاسترداد أموال حصلت عليها بطريقة غير مشروعة وهي الحصول على ٩٥٪ من أسهم الصندوق القومي للخدمات الطبية واكد وجدي ان القرارات شملت أيضآ استرداد أسهم شركة القدير الإسلامية لدى شركة مطاحن الأبيض الحديثة بشمال كردفان، وجدد وجدي استمرار اللجنة في متابعة إجراءات تتعلق بأموال منهوبة وعقارات وأبراج و أكثر من (٧٠٠) قطعة لشخص واحد.

تقرير: عبدالرحمن حنين

    صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى