زاهر بخيت الفكي يكتب:منو القال ليك يا معاليك..؟

 

علينا أن لا ننسى (حاكم ومحكوم) أنّ أول مطلوبات الثورة وأحد أهم أركان شعاراتها هي (الحُرية) ، من أجلها خرج المواطن للشارع لإزاحة من كانوا سبباً في تقييدها ، خرج ينشُدها لم يُبالي بما قد يُصيبه من جراء الخروج لتحقيقها ، تساقطت الجُثث وسالت الدماء وازدحمت المشافي بالجرحى ولم تتوقف الهُتافات بالحُرية إلى أن تحقّق الأمل ورحل من كانت تُقلِق الحُرية مضاجعهم ، ظنّنا ظناً لا تُدانيه الشُكوك بأنّ من يأتِ ليحكُم يأت وفي يديه (مرزبّة) لتحطيم الأقفال الصدئة للسلاسل الغليظة التي كبّلوا بها حُريات الناس.

ولقد صدق الزعيم الأزهري عليه الرحمة في قولِهِ (الحرية نور ونار ،من أراد نورها فليصّطلي بنارها ).
حذّر وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح ممّن وصفهم (بالمنافقين) الذين يُريدون سرقة ثورة ديسمبر مُشيراً إلى أنّ مجموعة من السودانيين المقيمين بالخارج من الرافضين للثورة يقومون بإرسال رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ، منوهاً إلى أنّ الشخص الموجود خارج السودان لا يرى الحقائق مثل الموجود بالبلد ، وأرسل رسالة للثوار بأنّ الثورة لن تُسرق برسالة فيسبوك أو واتساب.

منو القال ليك يا معاليك أنّ من يستهدفون رئيس الوزراء والوزراء هُم السودانين المُقيمين بالخارج ، لا يا سيدي أنّ غالب من ينتقدونكم عبر الوسائط هم أهل السودان الذين لم يسعدهم الحظ بالهجرة من اكتووا بنيران العبث السياسي (هُنا) ومن تذوّقوا مرارة الفقر والجوع ، من يُهاجمونكم هُم من اصطلوا بنيران الغلاء وبتصاعد الأزمات وتردي الخدمات ، والمسيرات والتظاهرات المتواصلة من قبل الثوار ما هي إلّا تعبير حي عن حجم المُعاناة التي يُعانونها وعن سخطهم من فشلكم وعجزكم في تحقيق طموحاتهم وإنزال شعاراتهم إلى أرض الواقع ببسط الحُرية ونشر السلام وتحقيق العدالة ، وما دُمتم يا معالي الوزير تُعلنون على الملأ من تضجركم من رسائل الفيس والواتساب فهذا يعني بأنّ الحُرية ما زالت غائبة .

مالك أنت وما يكتبونه في صفحاتهم من آراء ، واعلم أنّ حديثك هذا لن يُثنيهم عن الكتابة بل يفتح شهيتهم للكتابة والنقد العنيف ، والفيس والواتس سلاح فتاك زُلّزلت به عروش وتهدمت به إمبراطوريات بالقُرب منّا ومن دونهما لما كُنت أنت في هذا المقام ولِما نجحت ثورتنا العظيمة ، والشعب يواجه نظام لديه من القوة والعتاد ما كان يكفي لإبادة كُل الشعب ، وبالفيس والواتس كانت تُعقد اللقاءات الحاسمة وتُنظّم المسيرات وتوضع برامج الخُروج وتُرسم خُرط الطريق.
افعلوا ما تُسكتون به من ينتقدونكم ويُهاجمون سياساتكم واصمتوا قليلاً عن التصريحات ، وابحثوا عن مُخارج تُخرجون بها الوطن من هذا النفق المُظلم وترفعون بها المواطن عن هذه المذلّة ، وإلّا فاذهبوا الله يعدِلا عليكم.

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version