تحقيقات وتقارير

رفع الدعم عن الوقود بنسبة (75%) أبرز مؤشرات الموازنة المعدلة

تحصلت (السوداني) على أبرز مؤشرات موازنة ٢٠٢٠م المعدلة التي أجازها الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء.

 

رفع جزئي
وقررت الحكومة رفع الدعم جزئياً عن المحروقات بنسبة ٧٥٪، الكهرباء ٤١٪، بجانب حدوث تحرير تدريجي لسعر الصرف يبدأ بحساب المنح والقروض الاجنبية بسعر ١٢٠ جنيه للدولار، انخفاض إيرادات الموازنة المعدلة بنسبة ٤٢٪ من ٥٦٨.٣ إلى ٣٩٦.١ مليار جنيه، ثم ارتفاع مصروفات الموازنة المعدلة إلى ٦٣٥.٤ مليار جنيه بنسبة 8٪، ارتفاع عجز الموازنة المعدلة بنسبة ٣٥٠٪، من ٧٣ إلى ٢٥٥.٣ مليار جنيه، بمعدل زيادة ١٨١.٢ مليار جنيه، إلى جانب ارتفاع حجم الاستدانة من البنك المركزي بنسبة ٣٣٠٪، لسد عجز الموازنة من ٦١ إلى ٢٠٠ مليار جنيه، حيث ستتجه الحكومة للاستدانة من المركزي حوالى ١٠٨ مليار جنيه في النصف الأول لسد العجز بزيادة ١٨٠٪ من سقف الاستدانة للموازنة الاصلية، المقدر ب ٦١ مليار جنيه .

 

وتوقعت المؤشرات، حدوث تراجع عائدات الصادر المتوقعة من ٤.١٤ مليار دولار، إلى ٢.٨٥ مليار دولار، إضافة إلى تراجع في حجم الواردات من ٧.٣٦ مليار دولار إلى ٥.٧ مليار دولار.
وجاءت أبرز أهداف الموازنة المعدلة، في الاستجابة لجائحة كورونا بزيادة الاعتمادات المخصصة للصحة، إعادة تقدير الإيرادات العامة نتيجة لتباطؤ الاقتصاد جراء ذلك، وإدخال أجندة الإصلاح التي قدمتها وزارة المالية في الموازنة العامة للدولة، وذلك بإصلاح منظومة الدعم وسعر الصرف واحتواء الضغوط التضخمية، بجانب تخفيف الآثار السالبة للإصلاح على الوضع المعيشي، من خلال توسع برنامج الدعم النقدي المباشر للأسر، برنامج سلعتي، وزيادة والمرتبات والأجور.

 

معادلة مضطربة
واعتبر الاقتصادي د. خالد التيجاني، أن موازنة العام الجاري بدأت بمعادلة (مضطربة)، بمساومة سياسية بين الحكومة وقوى الحرية والتغيير، وقال لـ(السوداني) إن وزير المالية السابق د. ابراهيم البدوي، سعى لانفاذ فكرة تحرير الاقتصاد وإصلاح الدعم، مما تسبب في خلاف بين الجانبين، ثم حدث توافق على موازنة مؤقتة لفترة ثلاثة أشهر، لحين انعقاد المؤتمر الاقتصادي، ومن ثم المانحين، إلا أن كل هذه الترتيبات لم تمض حسب المخطط، موضحاً أن البدوي حسم التوجه الاقتصادي بتبنيه برنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي، دون انتظار قرارات الحوار المجتمعي، وأضاف : اتفاق الشراكة المتبادلة مع صندوق النقد الدولي يعتمد على محاور رئيسية تبرز في تحرير المحروقات وترشيد الدعم، تعديل سعر الصرف، الايفاء ببرنامج الدعم النقدي للأسر، وتحديد حوالى ١.٦ مليار دولار من جملة مبالغ المانحين البالغة ١.٨ مليار دولار، حيث المبلغ مشروط ببنود محددة.

 

مؤشرات خطرة
وشدد التيجاني، على أن الموازنة المعدلة تواجه ثلاثة مؤشرات (خطرة) العجز في الموازنة البالغ ٢٥٤ مليار جنيه، تساوي ١٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي، حيث زاد العجز اربعة أضعاف العجز المتوقع في الموازنة منذ بداية العام الجاري، ثم كيفية سد العجز حيث من المقرر أن تلجأ للاستدانة من قبل البنك المركزي بنحو ٢٠٠ مليار جنيه، ما يعني أن ارتفاع معدلات التضخم بنسبة ٢٠٠٪، وهي ستنعكس على القوة الشرائية للمواطنين، اضافة إلى أن برنامج الدعم النقدي للأسر، قررت الحكومة تغطية نسبة ٨٠٪ من الاسر السودانية، بينما مبلغ المانحين تغطي حوالى ٢٥ ٪ من جملة المبلغ المطلوب.
وتوقع التيجاني، أن يتم تحرير اسعار المحروقات بنسبة ٧٥٪ الكهرباء ٤١٪، مقابل زيادة دعم الدقيق ٣٤ إلى ٤١ مليار جنيه.

 

ضبابية الموازنة
ذهب محللون اقتصاديون إلى أن التعديلات التي أجراها الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء ( ليست موازنة)، وانما مجرد اعتماد مالي للأربعة أشهر القادمة.
وقال المحلل المالي، عثمان التوم، إن هناك (ضبابية) تلازم موازنة ٢٠٢٠م منذ بدايتها، ولم تنشر تفاصيل إعدادها بشفافية، وكثير من التساؤلات المطروحة، حول الاجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية، في اسعار الخبز والدواء والمحروقات، ماهي بنود الموازنة والتعديلات التي أجريت، وكيف تسهم هذه الاجراءات في تحسين الايرادات وسد العجز، تحرير أسعار الكهرباء، كم سيوفر رفع الدعم عن المحروقات، وكيفية استغلال هذه الموارد لصالح المواطن، وأضاف: يجب نشر تفاصيل بأرقام، لافتاً إلى أن المواطن (يريد ومن حقه أن يعرف بنود الموازنة وماهي المكاسب له)، مقابل التي السياسات والاجراءات المعلنة، حتى (تريح المواطن ويكون معاك)، مشددا على أن الموازنة (حدث يقابله هدف)، بمعنى (أن تقول الدولة) إن رفع الدعم سيوفر مبالغ بحجم معين، سيتم استخدامها في مشاريع أو خدمات تقدم للمواطن، فيما يخص احتياجات الأساسية، معاشه، التعليم، الصحة، الدواء، كهرباء ومواصلات وخلافه، لابد من (الشفافية والجدية والمصداقية)، مشيراً إلى أن العام الحالي تبقى له أقل من خمسة أشهر، ويفترض بداية الإعداد لموازنة ٢٠٢١م.

 

إعتماد مالي
وأوضح الخبير الاقتصادي بروفيسور إبراهيم اونور، أن التعريف العلمي للموازنة، (التقدير العلمي للمصروفات والايرادات العامة للدولة ولمدة عام).
وقال إن العام المالي الحالي للدولة مضى منه ثمانية أشهر، قضتها الحكومة في مشاورات الموازنة دون إعلانها، وعندما أعلنت مؤخراً، لم يتبق من العام المالي إلا أربعة أشهر، وإضاف : الحكومة لن تجري تقديراتها المعلنة الآن، على الثمانية أشهر التي انقضت، وإنما ستحصرها فقط على الأربعة أشهر المتبقية، واعتبر ذلك ( بأنه ليس موازنة) حسب فقه وعلم المالية العامة، وإنما مجرد اعتماد مالي للأربعة أشهر القادمة.

 

تناقضات الموازنة
ولفت أونور، إلى وجود ( تناقضات هذه الموازنة) أن وزارة المالية تتوقع نمواً اقتصادياً بمعدل 0.8 في المئة في العام القادم، ولمدة ثلاث سنوات في حين سياسة تمويل العجز برفع الدعم عن المحروقات بنسبة 75 في المئة، وكذلك رفع الدعم عن الكهرباء كلاهما سياسة انكماشية اي ستؤدي لتراجع النمو أكثر مما كان عليه في العام الماضى، لأن رفع أسعار المحروقات والكهرباء سيزيد من تكاليف مدخلات الإنتاج من ترحيل وغيرها من تكاليف الإنتاج الأخرى.
وأفاد بأنه هذه الاجراءات أصبحت الحكومة الحالية ( لا يوجد برنامج اقتصادي) يهدف لنمو اقتصادي، مؤكداً أن كل السياسة التي أتبعتها وزارة المالية منذ العام الماضي هي في الحقيقة (سياسة تدميرية للاقتصاد السوداني) لأنها ظلت تركز على ثلاثة أشياء، وهي رفع الدعم المستمر وطباعة المزيد من العملة الوطنية، وإهدار للموارد متمثلاً في تفاقم التهريب وزيادة تجنيب حصائل الصادر، وتلف السلع التي في طريقها للصادر، منوهاً إلى أن كل هذه الأمور ناتجة من الضعف الرقابي للدولة وغياب المحاسبة للمسؤولين.

 

وتوقع اونور، أن يؤدي ذلك إلى انكماش اقتصادي، و(بحسب تقديراتنا) وخلافاً لتقديرات الموازنة الحالية، سينكمش الاقتصاد السوداني بمعدل سالب حوالى 3 في المئة، وأن يرتفع الدولار إلى حوالى 190 للجنيه قبل نهاية العام الحالي.
المختصون أكدوا ضرورة أن يكون رفع الدعم تدريجياً حتى لا يؤثر على المستهلك ولا يثير (غضب المواطن والشارع)، لأنه يزيد (الأعباء والضغوط المعيشية) على المواطنين، بينما دعا البعض لضرورة التشاور في مجموعات، حتى يتجه (النظر داخلياً وليس خارجياً) قبل تنفيذ قرارات رفع الدعم، وأشارت إلى أنه في حال رفع الدعم، فإن المالية (ستمشي عكس عقارب الثورة).

 

 

علة الاقتصاد
وفي المقابل يرى عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، فى إفادات سابقة لـ”السوداني” أن اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، رؤيتها عدم المضي في تجاه رفع الدعم وزيادة الأسعار و التضخم واستمرار المشكلات، مثلما حدث في النظام البائد، وأضاف : هناك جدل يدور حول (وجود دعم ولا مافي)، موضحاً أن الدعم في البنزين فيه (احتيال على المواطن) خاصة أنه ينتج محلياً بنسبة ٨٧٪ وتكلفة اللتر حوالي ٤.٥ جنيهات.
وشدد كرار، على أن (علة الاقتصاد) في سعر الصرف، كما يجب أن تتجه الموارد لتحقيق مطالب الثورة في العدالة، لأن الاقتصاد دوره الأساسي توفير وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

واعتبر كرار، أنه في حالة مضي وزارة المالية في طريق رفع الدعم، فإنها (ستمشي عكس عقارب الثورة)، وتسير في طريق يؤدي للمزيد من الانهيار على حد قوله، بدليل (ماحدث في النظام البائد)، وأشار كرار، لأهمية البحث عن بدائل غير فكرة رفع الدعم، وإلى ضرورة الجلوس في مجموعات للتشاور، حتى يتجه (النظر داخلياً وليس خارجياً).

 

وأوضح رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك د. حسين القوني، أن الحكومة تضطر لرفع الدعم، عندما تكون تكاليف السلع والخدمات عالية، وتمثل عبئاً على الموازنة، وقال فى إفادات سابقة إن رفع الدعم يتم تدريجياً حتى لا يؤثر على المستهلك ولايثير (غضب المواطن والشارع)، لأنه لديه تأثيرات اقتصادية واجتماعية سالبة على المجتمع، وأضاف : بسبب ( الظروف المعيشية) للسودان حالياً اضطرته لقبول وصفة صندوق النقد الدولي، الداعية لرفع الدعم عن بعض السلع، وتوقع القوني، أن أبرز التأثيرات ستظهر في (زيادة الأعباء والضغوط المعيشية) على الفقراء والمساكين، المزيد من رفع الدعم خلال الفترة القادمة، خاصة والحكومة تدعي بأنه لا يذهب للمستحقين وإنما يستفيد منه الأغنياء، ويرى القوني، أن الحكومة ستلجأ للدعم النقدي المباشر للأسر، لتخفيف هذه التأثيرات، مشيراً إلى أن الإجراء سيواجه صعوبة الوصول للأسر في المناطق البعيدة والأرياف.

تقرير: ابتهاج متوكل

صحيفة السوداني

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى