أحمد يوسف التاي يكتب: ارفع رأس الوزير ولو بالتزوير

ألقى مدير المدرسة نظرة فاحصة على نتيجة امتحان مادة اللغة العربية وكانت 30% ، ثم رفع رأسه مخاطباً أستاذ المادة:(يا استاذ عدِّل النتيجة دي، أعملها 83%، بكرة الوزير والوالي جايين زيارة والنتيجة دي حتترفع ليهم، عشان نرفع رأس الوزير قدام الوالي).. صعق الأستاذ من أمر المدير الحاسم، ورفض تعديل النتيجة… انتهره المدير وهو يوبخه كما لو أن الأستاذ ارتكب خطأً شنيعاً، وأخذ الأوراق وأجرى التعديل الذي يريد (83%) دون أن يطرف له جفن… هذه الواقعة تم نشرها في قروب واتساب من أحد الأساتذة، كنا وقتها نتداول حول الحال المائل الذي وصل إليه التعليم، والبؤس الذي أخذ بتلابيب العملية التربوية، وقد كتبتُ عن هذه الواقعة قبل ثلاث سنوات، وأشرتُ معها إلى عدد من النماذج التي تعكس مستوى البؤس الذي وصلنا إليه في مجال التعليم…
تذكرتُ هذه الواقعة بعد تصريحات أدلى بها المدير العام لوزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة عمر السنوسي، حيث قال الرجل : (إن نتيجة شهادة الأساس لهذا العام والتي شهدت رسوب 25 ألف طالب وطالبة وبلغت نسبة النجاح فيها 69.2%، هي نتيجة حقيقية تعبر عن واقع التلميذ والمدرسة والبيئة التربوية التي يتعلم فيها من خلال قضايا شائكة ومعقدة تواجه العملية التعليمية، وأن النتائج التي كانت تعلن خلال العهد البائد كانت تتم معالجتها سياسياً وليست أكاديمياً، حيث تقوم كل إدارة بزيادة الدرجات لرفع معدل نسبة النجاح..!!!)…انتهى تصريح السنوسي الذي وضع النقاط فوق الحروف بشكل واقعي ، وأكد بصورة قاطعة أن نتيجة النجاح في العهد المباد كانت تُضاعف وتُزاد، وهو ما يتطابق تماماً مع القصة التي أوردتها والتي حدثنا عنها أحد المعلمين..
من الوقائع والنماذج أعلاه يجب أن ندرك أن معظم النتائج التي كنا نتباهى بها كأولياء أمور، وإدارات مدارس ، ووزارات تعليم هي نتائج في الغالب (فالصو)، مزورة ومغشوشة ومضروبة، وعليه لا بد من مواجهة ذلك الواقع البائس التعيس، والاعتراف أولاً بهذه الفضائح التي تتم على مستوى إدارات المدارس والوزارات والولاة… لا بد أولاً من الإقرار بهذا الخطأ القاتل المدمر، لنبدأ صفحة جديدة ناصعة لا لبس ولا غش ولا تضليل يلوث نقاءها، فقد انتهى عهد «الغتغتة» والتزوير والتدليس نريد نتائج حقيقية تعبر عن واقع التعليم في السودان بكل بؤسه ومشاكله وقضاياه المعقدة لتسهيل معالجتها.. نريد ثورة تعليم حقيقية ضد ثورة التعليم التي جعلت العملية التعليمية في السودان مسخاً مشوهاً…
يجب أن نبدأ العهد الجديد من حيث انتهت ولاية الجزيرة، نريد نتائج حقيقية غير مزورة ولا مغشوشة ، حتى لو رسب جميع طلاب السودان ذلك خير من أن نرفد المجتمع بطلاب فاشلين نجحوا بالغش والتزوير لنملأ بهم المستشفيات والمدارس وجهاز الخدمة المدنية، والنتيجة هي البؤس الذي يأخذ بخطام بلادنا ومستقبل أجيالها إلى الجحيم…. اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين .

 

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version