رأي

محمد لطيف يكتب: الأمة وحتمية.. تغيير منهج التغيير !

لا عاقل يدعو لإقصاء أي حزب من الحياة السياسية .. بل لا عاقل يشكك فى دور هذه الأحزاب أو يدعو لتغييبها أو تهميش ذلك الدور .. لذا من الطبيعى أن لا يكون هؤلاء العقلاء سعداء إن غاب أي حزب سياسي عن المشهد بإرادته أو بفعل فاعل .. ويظل حزب الأمة واحدا من احزاب السودان الكبيرة .. قاعدة وتاريخا و دورا.. يختلف الناس حول هذا الدور .. واثر هذا الدور .. سلبا كان أو إيجابا .. ولكن لن يختلف اثنان حول ثقل الحزب الجماهيرى وتاريخه السياسي ..ولكن ظلت الشكوى الدائمة من طريقة ومنهج تعامل حزب الأمة فى مختلف القضايا وفى مختلف المواقف ..والمفارقة أن تأتي هذه الشكوى دائما .. من حلفائها الأقربين .. لا من خصومها البعيدين .. صحيح أن هؤلاء الخصوم يستثمرون بعد ذلك في ما رشح من تلك الخلافات .. ولكن الصحيح ايضا أن أزمة الحزب دائما ما تبدأ مع من تربطه به صلة ما ..!

فى فترات المعارضة المتطاولة ضد نظام الإنقاذ .. منذ العام 1989و حتى سقوط النظام .. ظل حزب الأمة فى كثير من المناسبات .. هو الأقرب للوصول الى تفاهمات مع ذلك النظام.. ولن يختلف اثنان ايضا .. أن حزب الأمة ظل يتحدث عن إمكانية إصلاح النظام .. وإن اختلفت الصيغ التى تحدث بها الحزب .. أو راوحت تلك الأحاديث بين المواربة و التصريح .. أمر واحد أيضا ظل ثابتا فى علاقة حزب الأمة مع نظام الإنقاذ .. وهو أن الحزب يطرح شروطه للمضى قدما في تطوير علاقته مع النظام .. وتبدأ بالفعل مفاوضات .. وتبادل مذكرات .. ولكن ظلت دائما تلك التجارب تتكسر عند ساحل بحر واسع من الشكوك المتبادلة .. حيث كان ينتظر النظام عند الساحل المقابل .. رافعا شعار الإصلاح من الداخل .. منتظرا عبور الحزب اليه .. فيما يتمترس حزب الأمة في ساحله متمسكا بشعار الإصلاح اولا ..!

ولئن كانت تلك المواقف .. وذلك الشعار .. مقبولا فى مرحلة ما .. وقد عصم الحزب بالفعل فى منعطفات عدة من شبهة التورط السياسي .. ففى رأي المراقبين أن استمرار ذات النهج من الحزب في ظل المشهد السياسي الحالي لما يضعف الحزب .. ويضعف المشهد كله كذلك .. ولئن كان الحزب يتحدث دوما عن تضحياته فى سبيل استعادة الديمقراطية .. وحرصه على استمراها وتطويرها .. فليس من المعقول أن يكون نهجه .. مقاطعة كل شيء .. ولئن كان حزب الأمة يعتبر نفسه .. رأس الرمح فى عملية التغيير .. فليس من المنطق أن يختار الحزب أن يكون خارج آليات هذا التغيير وعملياته ..!

حزب الأمة طرح رؤية لإصلاح قوى إعلان الحرية والتغيير .. من حيث الهيكل والأجهزة والمنهج الخ .. ولكن الحزب فى ذات الوقت .. اختار أن يقف خارج سور الحرية والتغيير .. فى الوقت الذي كان يفترض أن يكون داخل ذلك السور مدافعا عن وجهة نظره .. منافحا عنها .. إلا إذا كان الحزب .. يعتقد أو يفترض أنه كان على قوى إعلان الحرية والتغيير .. أن تبصم على رؤيته .. وتعمده كمنفستو لكل القوى السياسية تأتمر بأمره و تحتكم اليه .. فإن كان ذلك كذلك .. فما على الحزب إلا أن يراجع مفهومه للممارسة الديمقراطية .. ويراجع كذلك نهجه فى تطويرها ..!
ثم .. ولما يجف مداد ذلك الموقف .. يفاجئ حزب الأمة المراقبين .. بل والشعب السودانى قاطبة بموقف انسحابي جديد .. حين يعلن مقاطعة عمليات تعيين الولاة كافة .. بما فى ذلك سحب منسوبيه الذى تم اختيارهم لإدارة بعض الولايات .. وبغض النظر عن قدرة الحزب أو عدمه في تنفيذ قرار السحب هذا .. يظل اﻻنسحاب محيرا .. ويظل ذات السؤال يتكرر .. لماذا يفترض حزب الأمة أن عدم الأخذ بمقترحاته يعني نهاية الدنيا ..؟ ولماذا لا يقتنع الحزب بإمكانية استمراره في العملية السياسية والسعي للإصلاح من داخلها .. سيما وأن الذي يحكم السودان الآن .. ليس هو نظام الإنقاذ الذي لم يكن يثق فيه حزب الأمة .. بل هو نظام شارك الحزب في تأسيسه ..؟ قضية قانون ينظم عمل الولاة كان واحدا من شروط حزب الأمة .. ويتفق معه فيه كثيرون .. هو إجراء ماضٍ الآن .. في مسألة عدد الولايات غير المستقرة أمنيا ..انحصر الخلاف بين الحزب والحكومة في ولايتين فقط ربما .. ويبدو جليا من منطق كل طرف .. أن الاختلاف لا يعدو اختلاف مقدار .. لا يستدعي حجب ثقة ودعم حزب الأمة لا عن الحكومة الانتقالية فحسب .. بل عن الفترة اﻻنتقالية برمتها .. إلا إذا اراد لنا الحزب أن نصدق .. أن كل شيء يهون .. فى سبيل اﻻنتخابات المبكرة ..!

 

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى