تحقيقات وتقارير

وزارة “معيشة الشعب”.. الصناعة والتجارة تحت المجهر

برغم كثافة الهجوم عليه وتزايد الحملات ضده، إلا أن وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني كتب (بوستاً) على صفحته الإسفيرية، يشرح بوضوح مهام وزارته، التي يتزايد عليه التركيز ويتزايد الهجوم لارتباطها المباشر بمعيشة المواطنين وكذلك بمصالح أصحاب المصالح والمتواطئين مع النظام البائد.. (السوداني) فتحت ملف وزارة الصناعة والتجارة ضمن تقييم عام لمجمل وزارات الفترة الانتقالية..

 

كيف تم اختيار مدني؟
مؤخراً وعقب مليونية تصحيح مسار الثورة، أجرى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك تعديلاً وزارياً محدوداً، تضمن عدداً من المفاجآت، أبرزها إقالة أو إعفاء د. أكرم علي التوم من وزارة الصحة فضلاً عن بقاء مدني عباس مدني في وزارة الصناعة والتجارة في وقت كان فيه أبرز المرشحين للمغادرة بفعل الهجوم الشرس الذي يتعرض له من الشارع العام.. بقاء مدني فتح باب الأسئلة حول ما إذا كان رئيس الوزراء يرى في الرجل ما لا يراه الشارع.
ويذهب مصدر رفيع بالمجلس المركزي للتحالف الحاكم ممثلاً في قوى إعلان الحرية والتغيير في حديثه لـ(السوداني) إلى أن مدني كان مرشحاً بالأساس لوزارة شؤون مجلس الوزراء باعتبارها الوزارة المركزية في إدارة كل الوزارات، فضلاً عن أنها الذراع التنفيذي الحقيقي لمكتب رئيس الوزراء لمتابعة تنفيذ قراراته بل وتعد ذاكرة الوزارات بأكملها..
ويرى المصدر أن سمات شخصية يتمتع بها مدني عباس مدني ساهمت في إلقائه في أتون وزارة الصناعة والتجارة. وأضاف: المعيار الوحيد الذي جاء بالوزراء ما بعد الثورة هو الكفاءة باستثناء مدني عباس حيث كان المعيار الأمانة بحكم أن وزارته هي وزارة (الكجمة) و(العضة) و(القصقصة) وفيها(الزبدة) ـ على حد قوله ـ منوهاً إلى أن أمانة مدني شهدت بها أمريكا ومنظماتها قبل أن يشهد بها شارعنا فضلاً عن أنه غير قابل للشراء أو البيع أو الانكسار في وزارة تضم كل مصالح الفلول وأصحاب رأس المال..
وشدد المصدر القيادي على أن بقاء مدني ضمن التشكيل الوزاري دليل على وعي رئيس الوزراء بطبيعة مهام الوزارة فضلاً عن معرفته بكل تفاصيل مجهودات مدني ما استدعى الإبقاء عليه..

الأسواق .. استفهام دائم
اتهام بالعجز تارة والخوف تارة أخرى واجه مدني ووزارته كلما استغل التجار مأساة السودانيين وحاجتهم وبالغوا في زيادة الأسعار، وظل الاتهام بأن القائمين بأمر الوزارة يهابون التجار وفاشلون في مراقبة الأسعار في الأسواق وضبط وجود السلع وتوفيرها..
ويذهب وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني في حديث لـ(السوداني) في وقت سابق، إلى أنه ومنذ تطبيق سياسة تحرير السوق منذ بداية التسعينيات وتبني اقتصاد السوق الحر أو سياسة التحرير الاقتصادي تم تحجيم دور الدولة في مسألة الرقابة على الأسعار، وأضاف: لم يعد هناك سند قانوني يخول تدخل الدولة بشكل جاد في عملية الرقابة على الأسواق وضبطها.
مدني ركز على أنه وضع ذلك من ضمن أولوية استراتيجية الوزارة في الإطار القانوني والرقابي بالنسبة لعمل الوزارة سواء كان عن طريق سن قوانين جديدة. وأضاف: هي حالياً في طور الإجازة التشريعية بعد أن انتهت منه وزارة العدل.
وكشف الوزير عن قانون التجارة والصناعة واللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك على المستوى القانوني.منوهاً إلى أنه على المستوى الرقابي تم إنشاء آلية مباحث التموين لتمثل الجسم الرقابي الذي يتابع تنفيذ القوانين، وأضاف: عملياً الوزارة تمضي بأسرع ما تتيح الإجراءات في مسألة وضع إطار قانوني ورقابي لعمل الوزارة وضبط السلع.

الانتظار.. تكتيكات بديلة
بقاء الأسواق على ما هي عليه وحتى اكتمال إجازة القوانين التي تتيح لوزارة التجارة والصناعة التدخل بدأ أمراً غير محتمل للمواطنين الذين انهكتهم الزيادات وقصم ظهرهم التضخم، بحسب متابعات(السوداني) فإن ثمة خطوات في محاولة لمعالجة جموح الأسواق، عبر الأسواق المنتجة للمستهلك، فضلاً عن السعي في مسألة التعاونيات من أجل أن تصبح أداة في ضبط الأسواق وتقليل الزيادات التي يفرضها الوسطاء والمنتفعون بحسب اقتصاديين رصدوا أداء الوزارة.
وكشف مدني في وقت سابق عن أن التعاونيات واحدة من المشاريع الكبيرة جداً بالنسبة للحكومة الانتقالية، وأكد أن الوزارة بدأت إعادة التسجيل قبل عشرة أيام عن طريق تسجيل التعاونيات بشكل جديد مع برامج مكثفة بالتدريب والتوعية بحيث تنشأ وتنشط بشكل مختلف يعكس رؤية جديدة لتطوير العمل التعاوني في السودان.
بيد أن أهم وأخطر الخطوات بحسب الناشط الحقوقي والقانوني هيثم محمد أحمد الزين في حديثه لـ(السوداني) تتمثل في إجازة قانون حماية المستهلك، ووصفه بالمهم جداً، مشيراً إلى أن القانون مجاز وفي انتظار اللائحة التنفيذية التي تحدد العقوبات وتوضح الأدوار.
بينما يرى الوزير أن القانون ولائحته يمنحا الوزارة حق أكبر في فرض الرقابة على الأسواق والسلع ووضع المؤشرات السعرية، باعتبار أن ذلك من الأدوات المهمة والمطلوبة في ضبط جموح الأسواق الآن.

الخبز.. تحدي اللقمة
صفوف الخبز امتدت طويلاً منذ ما قبل سقوط المخلوع ونظامه، وكان واحداً من ضمن عوامل موضوعية أخرى سبباً في اشتعال شرارة الثورة المجيدة في ظل مكابرة رموز النظام البائد عن الإقرار بفشله بحسب الناشطين، بيد أن الصفوف وإن تراجعت إلا أنها تعود لتطل بوجهها في كل مرة عقب نجاح الثورة.. ويذهب كثيرون في تحليلاتهم إلى وقوف النظام البائد وفلوله حول ذلك الأمر، تارة بشراء الدقيق نفسه وتخزينه لخلق شح أو ندرة، فيما يرى آخرون أن الأمر لا يعدو سوى إفلاس للدولة وعدم قدرة على توفير السلعة وسيطرتها عليها منعاً للتهريب حال وفرتها..
بيد أن التحليل الأول وجد قبولاً أكبر لدى الشارع خصوصاً ممن عاصروا أواخر التجربة الديمقراطية الثالثة، حيث عمل منسوبو النظام البائد حينها على تحريك الشارع عبر خلق أزمات معيشية لتوفير مناخ لانقلابهم الغادر بحسب وصف الكثيرين، وهو ما أكدته القيادية السابقة بالحركة الإسلامية والجبهة الإسلامية القومية والمؤتمر الوطني إخلاص قرنق وفقاً لتقارير إعلامية سابقة، بأنه تصدر لهم التوجيهات بدفن الدقيق والسكر في هامش الخرطوم.
يومياً.. عناصر الأزمة
وكشف مدني على صفحته بالفيس بوك أمس، أنه ومنذ أن وعد بحل أزمة الخبز في ٣ أسابيع استناداً على تقرير فني لانسياب الدقيق والذي تولت الوزارة أمر توزيعه في بداية شهر يناير، تمكنت وزارته من التعرف على تعقيدات المشكلة والمافيا المرتبطة بها والمصالح التي يمكن أن تتضرر من أي إصلاح في هذه المنظومة، منوهاً إلى أنه وحتى الآن يجري إصلاح كافة حلقاته.
وأوضح مدني في منشوره أن العنصر الأول القمح تم توفيره وأصبح هناك تركيز وتدقيق في ملفه، وأضاف: بينما تم إدخال معالجات على العنصر الثاني وهو المطاحن حيث تم إدخال ٤ مطاحن إضافية في الشهر الماضي-يونيو- واعداً بإدخال مطحنين إضافيين قبل نهاية أغسطس.

      عمرو شعبان

صحيفة السوداني

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى