عبدالحميد عوض يكتب: قم بنا يا أكرم

(1)

السجال الذي دار طوال الأسابيع الماضية حول آداء وزير الصحة،أكرم علي التوم، له ما يكفي من المشروعية والحجة والمنطق، ولم يكفر أو يشذ الذين وجهوا إنتقادات حادة للوزير بسبب ما اتخذه من قرارات كانت لها -حسب البعض – مضارعلى المواطنين وصحتهم- إن لم نقل حياتهم ومماتهم.

لكن بتقديري الشخصي، أن أكرم علي التوم كان الأكثر صراحة ووضوحاَ، وتمسكاً بالتدابير الإحترازية، خاصة تدابير التباعد الاجتماعي، وتطبيق إجراءات الحظر الصحي المفروض من إبريل الماضي وربما لا زال متمسكاً بتدابيرحظر التجوال والإغلاق الكامل في ولاية الخرطوم لما بعد انتهاء المدة الحالية في 29 يونيو الجاري، وبالطبع له الحق في ذلك، إلا إذا أقنعه الآخرون بغيرذلك.

وقناعتي الأخرى، أن أي خطأ إرتكبه الوزير، حدث في كل بلدان العالم لسبب بسيط، هو أن البشرية تواجه عدواً مجهولاً، والكل يجرب ويختبرسياسات الوقاية، ولم يصل العلماء إلى الآن، إلى اتفاق في شيء، إلا على جزئية التباعد الاجتماعي، في خط دفاع حرب كورونا.

(2)

في حثه المواطنين على البقاء في المنزل والابتعاد عن التجمعات، لفتت عبارات وزير الصحة، أنظار العالم حينما استخدم “صحتك دي في يدك، المرض دا ما عندو علاج، بنديك دربات وبندول، مافي حاجة تانية بنديك ليها لو خنقت بنديك أكسجين، لو ضاقت عليك بعد داك بتموت ”

الوزير كذلك ظل الأكثر تشدداً برفضه عودة آلاف العالقين من السودان بالخارج، ورهن عودتهم بانخفاض نسبة الإصابة، وقد تفهم كثيرون ذلك الموقف رغم ضروب المعاناة التي وجدها العالقون خلال أكثر من 3 أشهر.

هذان نموذجان فقط لمواقف الوزيرولوضوحه وإلتزامه بالمعايير الصحية في مواقفه.

(3)

بإشتداد الخلافات بين الوزير، ورئيس وأعضاء لجنة الطوارئ الصحية، وقف الشارع الثوري، مسانداً لأكرم علي التوم، لدرجة أن بعض لجان المقاومة أصدرت بيانات مناوئة للتوجهات التي برزت داخل الحكومة لإقالته، حتى أن بعض اللجان أعدت التروس، وجهزت الإطارات القديمة لحرقها لحظة صدور القرار، فأخمدت تلك المواقف فكرة الإقالة في مهدها، بالتالي حدثت حالة من الثقة بين الوزير ولجان المقاومة والشارع الثوري عامة، ما زاد من قوة الوزير لتمرير قراراته، وهي قرارات في تقديري الشخصي جاءت في إطار مصلحة مواجهة فيروس كورونا، وساهمت في الحد من تفشيه مهما قيل ويقال عن آثارها الأخرى على الشرائح الضعيفة، وتلك لا تقع مسؤوليتها على الجهات الصحية، بل على جهات أخرى.

(4)

الوزير أكرم علي التوم، يجد نفسه اليوم أمام اختبار أخلاقي ومهني وإنساني حقيقي، إزاء الدعوات التي أطلقتها أحزاب سياسية حاكمة ولجان المقاومة، للخروج بمليونية 30 يونيو من أجل تصحيح مسار الثورة.

ليس مطلوباً من أكرم إلا الاتساق مع الذات وتوحيد المعايير ليقول رأيه الصريح والمهني حول تلك الدعوة”المليونية” ومدى مواءمتها للتدابيرالاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، واحتمالية تأثيرها على انتشار الفيروس،على أن لا يفتقر أي رأي للوزير صراحته وجرأته التي أبداها حول عودة العالقين، وأهمية التباعد الاجتماعي، ونظرية تخنق بنديك أكسجين تتضايق تموت.

 

 

 

 

صحيفة السوداني

Exit mobile version