رأي

محمد لطيف يكتب: الشعب يريد .. التغيير لا التظاهرات

الثلاثين من يونيو 1989 ..هو اليوم الذي نجحت فيه الجبهة الإسلامية

القومية في الاستيلاء على السلطة عبر مجموعة محدودة من منسوبي

القوات المسلحة .. وبدعم واسع من التنظيم الذي كان وحده الناشز عن

إجماع الأمة .. برفضه التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية ..

مستغلا الجو العام الذي هيأته ما كانت تعرف بـ .. صحافة الجبهة آنذاك .. ثم مستخدمة مذكرة القوات المسلحة الشهيرة في فبراير من ذلك العام .. كخديعة وغطاء لانقلاب الإسلاميين .. أما الثلاثين من يونيو 2019 فقد كان هو اليوم الذي استعاد فيه الشعب السوداني إرادته وتماسكه .. وفرض فيه رغبته بقيام دولة مدنية حقيقية .. لا دولة عمد ومشايخ .. تسودها الديمقراطية لا العشائرية والجودية .. تحكمها الحرية لا الوصاية الدولية والوصايا الأبوية .. فاستقام المسار من بعد اعوجاج .. فماذا ننتظر من 30 يونيو 2020 ..؟!

بدءاً .. ودون الخوض في أية تفاصيل نثبت أمرين أساسيين .. الأول أن مبدأ حق التعبير بأي شكل من الأشكال .. بما في ذلك حق التجمع وحق التظاهر محسوم أمره كحق أصيل من حقوق المواطن .. أما الأمر الثاني فهو أن السلطة الانتقالية ما زالت متعثرة في الوفاء بمطلوبات التغيير .. التي هي في ذات الوقت .. شعارات الثورة .. التي

دفع السودانيون ثمنا غاليا مهرا لها .. ومطلوبات التغيير هذه تشمل ..

تفكيك دولة الحزب .. وسيادة حكم القانون .. وكفالة الحياة الكريمة

للمواطن .. وتحت تفكيك دولة الحزب هذه .. يندرج مكافحة الفساد ..

واسترداد أموال الشعب المنهوبة وقيام المؤسسات الدستورية البديلة ..

وتحت سيادة حكم القانون هذا يندرج محاسبة كل المتورطين في جرائم

العنف ضد المدنيين .. منذ حرب دارفور مرورا بضرب وسحل

المتظاهرين وحتى فض الاعتصام .. ومساواة الجميع أمام القانون ..

أما كفالة الحياة الكريمة للمواطن فلتبدأ بإحلال السلام وتعويض الضحايا وتطبيع حياة النازحين واللاجئين ولا تنتهي بمعالجة كل علل الاقتصاد بإجراءات حاسمة وسياسات بديلة .. تحفظ للدولة حقها وللمخدم حقه وللمواطن حقه .. فهل ستخرج مطالب المتظاهرين ..

ونعني بالطبع الحادبين على تحقيق شعارات الثورة والحريصين على

استقرار الوطن مما أوردنا أعلاه ..؟ خصصنا هنا مخاطبة الحادبين

على تحقيق شعارات الثورة .. لأن من بين من يحشد للثلاثين من يونيو

القادم .. من لا يذكر الثورة نفسها .. ناهيك عن تحقيق شعاراتها .. وأن

من بين من يحشد للثلاثين من يونيو 2020 من يستصحب ذات الخبث

الذي هيأ للثلاثين من يونيو 89 .. راجع مقدمة التحليل .. فالبعض يخطط الآن للانقضاض على الثورة .. وتقديم الوطن على طبق من ذهب .. لجهة ما .. وذلك تحت دعاوى المطالبة بتنفيذ شعارات الثورة..!

لست من الراجمين بالغيب .. لكن التجارب السابقة تظل دائما .. ماثلة

في أذهاننا .. شاخصة أمامنا .. تهدينا الدروس والعبر .. فهل من معتبر

..؟ إن أمام تلك القوى التي صنعت الثورة فرصة أسبوع .. لا يزيد وقد

ينقص .. لنزع فتيل الأزمة .. التي يحشد الأشرار وقودها الآن بوعي

كامل .. وينخرط معهم بعض الأخيار .. بدون وعي .. إن على تلك القوى التي صنعت الثورة .. أن تهب لإنقاذها الآن .. أين قوى إعلان الحرية والتغيير .. وأين حزب الأمة من قوى إعلان الحرية والتغيير ..

بل أين تجمع المهنيين .. بوحدته وتماسكه الذي عرف به .. وأين لجان

المقاومة بعنفوانها وعطائها المتصل .. والذي لا تريد فيه جزاء ولا شكورا .. فهذه القوى مجتمعة .. عليها الآن أن تجمع صفوفها وتوحد كلمتها .. وتطرق بقوة على باب ومنضدة رئيس الوزراء .. لتخرج على الجماهير بإجابات شافية على الأسئلة الحائرة على الشفاه ..

وبحلول عملية لكافة القضايا العالقة في فضاء الثورة .. فهي إن فعلت

ستكون هذه أعظم هدية تقدمها لجماهيرها المتعطشة للتغيير .. لا

للتظاهرات ..! وللحديث بقية !

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى