رأي

طة النعمان يكتب: لن نقول : أصبروا آل كشة!

* لا أدري لماذا أعادني بيان صادر عن المنصة الإعلامية للجان المقاومة بالخرطوم حول الاعتداء الآثم والفاجر على دار الشهيد البار عبدالسلام كشة، بقلب الخرطوم وإصابة أمه وأبيه بجراح، إلى فجر الدعوة الاسلامية في مكة المكرمة، عندما كانت لا تزال الدعوة مهيضة الجناح، تفتقر إلى القوة التي ترد بها عدوان سادة قريش المشركين المتنفذين، الذين يسومون كل من آمن بالاسلام وشهد أن محمداً نبي الله ورسوله سوء العذاب، وكان أمثال بلال بن رباح وعمار بن ياسر وآله في مقدمة أولئك المعذبين و المضطهدين و الشهداء..

* المفارقة أن ذلك العتو و العدوان كان يمارسه كفار قريش خوفاً على سؤددهم وثروتهم جراء الدعوة المحمدية مناصرة المستضعفين، وهنا – عندنا – يتولى كِبرَه جماعة زعمت لنفسها، دون سائر المسلمين ، دور نصرة الإسلام والحفاظ على الدين، تجاهلاً وتجهيلاً وخلافاً لقول المولى عز وجل : “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”.. لكنهم شاركو سادة قريش المشركين في الدوافع، دوافع التمكين و الاستحواذ على السلطة والثروة المنهوبة، و إن هذه المرة باسم الدين ذاته الذي جاء منتصراً للمستضعفين ضد الوجهاء الأشرار من أمثال أبي جهل وأبي لهب الذي “ما أغنى عنه ماله وما كسب”.

* يحدثنا الرواة، الطبراني والحاكم وابن سعد، عن قصة ومناسبة حديث الرسول الأعظم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أن أباجهل قد استهدف آل ياسر.. فطعن السيدة سمية أم عمار فماتت، كأول شهيدة في الإسلام، ثم ألحقوا بها – هو ورهطه- زوجها ياسر فقضى نحبه، وبقي عمار منتظراً يعاني العذاب الشديد.. تماماً كما كان يحدث في “بيوت أشباحنا”.. يغطون رأسه في الماء و يضربونه بالسياط و يحرقونه بالنار.. فمرّ الرسول “ص” يوماً و وجده على تلك الحال، فوضع يده الشريفة على رأسه وقال: يا نار كوني برداً وسلاماً على عمّار كما كنت برداً و سلاماً على ابراهيم.. و تمضي القصة لتقول أن عماراً ، رضي الله عنه، استطال به عذاب المشركين حتى أرغموه على “ذكر النبي بسوء” وذكر آلهتم بخير.. وبلغ التأثر به حد البكاء و هو يقر صادقاً أمام النبي “ص” بأنه اضطر لأن يقول شراً في حقه.. لم يؤاخذه نبي الرحمة الكريم، بل سأله: “كيف تَجِدُك ؟” .. أي كيف تجدُ نفسك في ما جرى معك و منك.. فأجابه عمّار وقال: “مطمئنٌ بالإيمان” ، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له: “فإن عادوا فعُد” .. يعني لا مانع من أن تكررها إذا كانت تكف عنك عناء التعذيب.. ونزلت في حقه الآية الكريمة: “إلا من ذَكرُه وقلبُه مطمئنٌ بالإيمان”.. عمار هذا “رض” لقى مصرعه وهو يقاتل وهو شيخ كبير في معركة صِفِّين إلى جانب عليٍ، كرم الله وجهه، في الفتنة الكبرى التي فجّرها الأمويون من أجل الاستحواذ على السلطة والثروة و حوّلوا بعدها الخلافة الراشدة إلى ملك عضود يتوارثونه كابراً عن كابر.

* نعود لموضوع”الإضاءة” عن لجان المقاومة و”آل كشة” هدف الهجوم “الكيزاني”.. فتلك اللجان الشبابية المنتصرة على آلة قمع النظام المخلوع، لا ترى نفسها في موقف ضعف كذلك الذي كان عليه الصحابة الأوائل بمكة من قلة عدد و عدة وعتاد في مواجهة أساطين كفار قريش، حتى تقول لآل الشهيد كشة “أصبروا فإن موعدكم الجنة”.. بالرغم من الفقد الجلل لابنهم الحبيب في ريعان شبابه و ضرورة الصبر على حرقة الفراق ، و بالرغم من أنهم مبشرين بها، فديننا يعلمنا أن الشهيد يشفعُ في سبعين من أهله، وأن الشهيد هو من قُتل مظلوماً، خصوصاً إن كان يدافع عن حقٍ و وطن، كما كان حال عبد السلام، أثابه الله ورفاقه جنات الفردوس نُزُلا.

* فبيان لجان المقاومة الصادر أمس الأول في أعقاب العدوان الغبي الذي أعقب تظاهرتهم المصطنعة، يقول أن أعضاء تلك اللجان : لاحظوا، وكلهم غضب، التهاون غير المبرر في حسم مواكب الفلول، والتباطؤ الغريب في المحاكمات.. و لأنه “من أمن العقاب أساء الأدب” تم الاعتداء على أسرة الشهيد كشة و ذلك طعنٌ مباشر في خاصرة الثورة!

* و قالوا، بل تعهدوا، بأنهم يعرفون كيف يستردون للشهداء حقوقهم، ولن ينتظروا حكومتهم، التي وصفوها بأنها استنفذت كافة الفرص.. وخاطبوا الشرطة لائمين، حد الإدانة، بقولهم: لن ننسى القوة المفرطة التي كانت تُفرق بها مواكبنا السلمية وصبر شعبنا عليها حتى أسقط نظام الظلم و الاستبداد ، ونرى اليوم التهاون و “التواطؤ” في حسم تجمعات الفلول الذين تم حل حزبهم و مصادرة ممتلكاته بالقانون، مما يجعلنا نرفع علامات الاستفهام، بل ربما عدم الثقة بتلك الأجهزة.. وجزَموا أن لا مهادنة ولا سلمية مع من اعتدى، ورددوا مقولة الشهيد عبد العظيم التي غدت شعاراً للصمود: ” لقد تعبنا يا صديقي، لكن لا يمكن لنا الاستلقاء في منتصف المعركة”.. مما يؤكد أن الجسارة و جذوة الثورة لم تخبو أو تنطفئ في نفوس شبابنا بعد، برغم كل المعوقات والتعرجات التي تكتنف الطريق، وفي مقدمتها الأداء الحكومي المتردد والمتثائب!

 

 

 

 

 

صحيفة أخر لحظة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى