مزمل أبو القاسم يكتب : الموارد الذاتية.. غير الذاتية!

* نحمد لوزارة المالية أنها تخلت أخيراً عن سياسة الصمت التي استعصمت بها في مواجهة الاتهامات التي وجهناها إليها، بشراء الدولار من شركة الفاخر بسعر السوق السوداء، ومنحها ميزاتٍ لا تتأتى لغيرها من الشركات الخاصة.
* أمس نطقت الوزارة، ونشرت تصريحاً نفت فيه أن تكون قد سددت تعويضات ضحايا المدمرة الأمريكية (كُول) من أموال الصندوق الاستثماري للضمان الاجتماعي، وأنها دفعتها من الموارد الذاتية للبلاد.
* حُباً وكرامة كما يحلو لصديقنا الدكتور خفيف الظل علي الكوباني أن يردد باستمرار.
* سنصدق أنها لم تفعل ذلك، ونطالبها أن توضح للناس، من أين أتت بمبلغ السبعين مليون دولار المسدد للأمريكان، وماهية (الموارد الذاتية) الواردة في التصريح، سيما وأن المالية حاولت تبرير التجاوزات المريعة التي شابت تعاملاتها مع شركة الفاخر بأنها لم تكن تمتلك مبلغ (28) مليون دولار، مطلوبة لتفريغ باخرة قمح، واضطرت إلى أخذه من الشركة المحظوظة.
* (28) مليون دولار فقط، نالت بموجبها الفاخر حظوة تصدير الذهب من دون إلزامها بتوريد حصائله، ثم حصلت بعد ذلك على عقود ضخمة لاستيراد الجازولين والبنزين وغاز الطبخ وحتى القمح بلا عطاءات، ولا تنافس حُر، يلزم القانون وزارة المالية باتباعه في كل مشتريات الدولة وعقودها.
* نسألها: أين كانت الموارد التي أخذت منها الوزارة مبلغ السبعين مليون دولار في ذلك الوقت؟
* لماذا لم تستخدمها كي لا تستدين من الفاخر، وتتورط معها في صفقات شابتها تجاوزات غير مسبوقة؟
* معلوماتنا تفيد أن المالية استدانت السبعين مليون دولار من شركة تتبع لمنظومة الأعمال الدفاعية، تكفلت بتوريد المبلغ في حساب وزارة المالية بالبنك المركزي، الذي بادر بتحويله إلى أمريكا عبر أحد البنوك الخليجية.
* التسوية التي تمت في ملف المدمرة كول حدثت في الرابع من شهر مارس الماضي، وذلك يعني أن تحويل الأموال تم قبل التاريخ المذكور، فلماذا لم تعلن المالية الأمر في حينه، ومن أين أتت بالأموال التي حولتها قبل أن تستلفها من شركة (سمت) التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية؟
* هل سددتها من أحدى المؤسسات الحكومية وردتها عقب أخذها من (سمت)؟
* ما الذي منع الوزارة من ممارسة فضيلة الشفافية شهراً كاملاً، كي تعصم الصحف من الاجتهاد لتحديد مصدر مبلغ التعويض؟
* لعلَّها خجلت من إعلان استدانتها من شركات تابعة للمكون العسكري، كي لا تتهم بموالاته.
* يبدو أنها تكتمت على الأمر كي لا تُدمغ بالعجز عن بسط اليد على أموال الشركات الأمنية والعسكرية والمسماة بالرمادية، التي وضح من تسوية المدمرة (كُول) أن الخير باسط لديها، وأنها أغنى من وزارة المالية نفسها، بدليل أنها منحتها سبعين مليون دولار (سُلفة مستردة)!
* نسأل الدكتور إبراهيم البدوي، هل يصح أن يُطلق على أموال شركات منظومة الأعمال الدفاعية مسمى (الموارد الذاتية للبلاد)؟
* إذا كانت كذلك، فهل تمتلك وزارة المالية أي ولاية عليها؟
* بل هل تمتلك رصداً لها، يمكنها من معرفة حجمها، والأعمال التي تستخدم فيها، والموارد التي تأتي منها؟
* هل تستطيع توظفها في استيراد القمح والوقود والدواء كي لا تضطر للاستدانة من الفاخر، وتتورط معها في صفقات معيبة، تصل حد تمكينها من استيراد معظم السلع الاستراتيجية، وشراء الدولار منها بسعر السوق السوداء؟
* القلب تخنقه الإجابة!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version