رأيمزمل ابوالقاسم

مزمل أبو القاسم يكتب : الجيش الأبيض

* كنت أرغب في الكتابة عن (الجائحة) الاقتصادية المُلمَّة بالبلاد، وعن سعي وزير التجارة لتقييد أسعار السلع الرئيسية، من دون أن يكلف نفسه عناء توفير مُعيناتها لصانعيها، من كهرباء وجازولين ودولار يشترونه بسعر السوق السوداء مكرهين، فيبدو حالهم كحال من يلقيه مدني في اليمِّ مكتوفاً ويقول له إياك أن تبتل.
* كنت أرغب في استعراض ما تعانيه المصانع من عنت، لكن جائحة كورونا أولى بالاهتمام، ومن ينازلونها بشجاعة الفرسان مُقدَّمون على ما سواهم.
* أطباؤنا الكوادر الطبية والصحية التي تكافح الوباء بهمةٍ تستحق أن ننحني لها إجلالاً، ونتيه بها فخراً.. هؤلاء أولى عندنا بالتقريظ، وأجدر بالعناية، وأوفر استحقاقاً للمدح والدعم المعنوي والمادي، سيما وأنهم يعملون في ظروف أقل ما توصف بالقاسية.
* يواجهون الموت على رأس كل ساعة، كي يبعدوا شبحه عن الآخرين.
* تعوزهم الإمكانات التي تتوافر لرصفائهم في الدول الأخرى، ويتعرضون لخطر العدوى غير هيابين.
* أسوأ من ذلك أنهم يتعرضون كذلك إلى ضغوطٍ عنيفةً من أسرهم التي ترغب في إبعادهم عن مواقع الخطر، وتحثهم على التوقف عن عملهم خوفاً عليهم من العدوى، فيرفضون الاستجابة، ويحضرون إلى ثغورهم بلا وجل.
* رسل الإنسانية الذين ينالون ملاليم لا تقيم الأود، ولا تكفي حتى لتغطية كلفة المواصلات، يؤدون واجبهم المقدس بلا شكوى، ويمضون سحابة يومهم بين المرضى، ساعين إلى تخفيف آلامهم، ومعالجة أسقامهم.
* أطباء في عمر الزهور وسيسترات وممرضات يشبهن الفراشات جمالاً وروعةً، وكوادر طبية مساعدة، تعمل في التشخيص والتجهيز وفي المستشفيات ومواقع العزل والحجر الصحي، وفي سيارات الإسعاف التي أعدتها الوزارة لنقل المصابين وحالات الاشتباه.
* هؤلاء هم خط دفاعنا الأول حالياً، وهم يمثلون جيشاً آخراً، سلاحه العلم، وذخيرته المعرفة والجرأة والتفاني في خدمة المرضى.. جيش يرتدي اللون الأبيض، قوامه آلاف المغاوير الأكارم، ممن آلوا على أنفسهم أن يحموا البلاد والعباد من خطر الوباء القاتل، حتى ولو كلفهم الأمر التضحية بحياتهم.
* هؤلاء أولى بالرعاية والدعم والتشجيع، وينبغي علينا جميعاً أن نقف خلفهم، ونشد من أزرهم.
* تعليماتهم ينبغي أن تنفذ بلا جدال، ومن يجافيها يجب أن يعاقب بصرامة.
* أسوأ ما صاحب الإجراءات المعلنة من الدولة أنها لم تصطحب معها أي عقوبات على المخالفين.
* في السعودية يُغرَّم من يخالف أمر حظر التجوال بعشرة آلاف ريال، تتضاعف حال تكرار المخالفة، وتصل إلى السجن للمواطن، والإبعاد للمُقيم.
* في قطر تم التشهير بالمخالفين في وسائل الإعلام، بعد تقديمهم إلى المحاكمة، وفي سويسرا تم إقرار قانون يحصر مسوغات مغادرة المنزل في أربعة أسباب لا غير، من يتجاوزها يعرض نفسه إلى السجن والغرامة.
* التعليمات الصحية تبدو أهم في الوقت الحالي من التعليمات التي يصدرها قادة الجيوش على أيام الحروب، من يخالفها قد يتهم بالخيانة العظمى، لأنه لا يكتفي بتعريض نفسه إلى الخطر، بل يهدد حياة الآخرين.
* نقترح سن قانون يعاقب كل من يخالف أمر حظر التجوال، والتعليمات الصادرة من الجهات الصحية بغرامة قدرها عشرون ألف جنيه مثلاً، تخصص لدعم صندوق محاربة الكورونا، وتحفيز الكوادر الطبية التي تعمل على درء الجائحة.
* التحية نزجيها مثنى وثُلاث ورُباع للأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وفنيي المختبرات وكل العاملين في المجال الصحي، ونبتهل للمولى عز وجل أن يحميهم ويسبغ عليهم عنايته ولطفه ووافر كرمه، لأن كل كلمات الشكر لن توفيهم حقهم.. لله درَّهم ما أنبلهم.. وما أشجعهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى