تحقيقات وتقارير

ضباط وملاحظو الصحة العامة.. أدوار كبيرة وتقييم (صفر) من ينقذ الموقف؟

 

أثار تجاهل الوزير الاتحادي الدكتور اكرم التوم لدور ضباط الصحة العامة في مكافحة فايروس كورونا والثناء على الأطباء ورجال الأعمال والشركات والصيادلة لدعهم السخي لوزارة الصحة، أثار غباراً كثيفاً حول العلاقة بين وزير الصحة وبقية مكونات الفريق الصحي خاصة ضباط وملاحظي الصحة العامة والعمال باعتبارهم هم خط الدفاع الأول أمام الأمراض التي تجتاح البلاد ، ويعتبرون أنفسهم جنوداً مجهولين يعملون في صمت تام تجاه واجبهم الوطني، ويرابطون في المعابر والمطارات والمحاجر الصحية ، وفرق الوقاية والتطهير لأجل خدمة المواطن السوداني والحد من انتشار فيروس كورونا دون من أو أذى.

تعريف منظمة الصحة العالمية أشار إلى أن الصحة حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، ولا تعني فقط مجرّد انعدام المرض أو العجز.) تعريف وينسلو 1920 للصحة العامة (لصحة العامة (بالإنجليزية: Public health) هي “علم وفن الوقاية من الأمراض، إطالة الحياة والارتقاء بالصحة من خلال الجهود المنظمة والاختيارات الاستعلامية للمجتمع، المنظمات، المجتمعات الخاصة والعامة والأفراد كذلك.”. فهو ذلك العلم المهتم بالتهديدات التي تواجهها الصحة القائمة على تحليل صحة السكان، فالسكان موضوع النقاش قد يمثلون عينةً صغيرةً كحفنةٍ من الأفراد أو مجموعةٍ ضخمةٍ كسكان أو قاطني العديد من القارات (على سبيل المثال، كما هو الحال في حالة الجائحات).

تمدد دائرة الخطر
بعد تمدد دائرة انتشار فايروس كورونا في نطاق واسع من دول العالم وأصبح خطراً يهدد حياة البشرية ،ورغم التطور العلمي وتقدم الصناعات الدوائية في كثير من دول العالم إلا أن الفايروس المستجد لم يجد له علاجاً ناجعاً رغم الوصفات الدوائية المتنوعة من بينها”الكينين والكلوركين” اللذان كانا يستخدمان سابقاً لعلاج الملاريا ،إلا أنهما لم يعدا العلاج القاطع للفايروس الجديد “كورونا” ونتيجة لذلك لجأت عدد من الدول لإجراء التدابير الاحترازية من تعليق لرحلات الطيرات، وإغلاق المطارات وحث المواطنين على البقاء في منازلهم ، والسودان ليس في معزل من تلك الدول خاصة بعد إعلان دخول الفايروس للبلاد وإعلان وجود 5 حالات ،شددت وزارة الصحة على اجراء الاحترازات الصحية ، وإرسال مناديب للأقاليم لاستلام العينات بواسطة كادر مؤهل، زيادة الحظر الشامل ليل نهار وعظم هذه المسؤوليات تقع على عاتق الكادر الصحي ،وضباط الصحة العامة الذين أعلنوا تبرمهم من تجاهل وزير الاتحادي الدكتور أكرم التوم لدورهم الكبير في مكافحة فايروس كورونا ، والثناء على الأطباء ورجال الأعمال والشركات والصيادلة لدعهم السخي لوزاره الصحة.

مجابهة كورونا
وجه ضباط الصحة رسالة للوزير تحصلت عليها “الجريدة” بأن الأطباء ليسو وحدهم الذين يعملون لمجابهة فيروس كورونا حتى تخصهم بالشكر ولكن ضباط الصحة يقومون بعزيز وقائي بنسبة 99% على جميع المعابر والحدود والمطارات والمنافذ والموانئ ، موضحين بأنهم هم خط الدفاع الأول في عمل اجراءات المراقبة الصحية والمسح الحراري والتقصي ، وأكد الضباط خلال رسالتهم بأنهم هم الذين يتصدون للأوبئة والاسهلات المائية الحادة التي توطنت في البلاد ويواجهون المخاطر ويفدون الصحة بأرواحهم دون مقابل، وقالوا إن ضباط الصحة العامة هم شريحة مجهولة في كل الحكومات وبين كل المسئولين .

فكرة الفريق
وقال رئيس جمعية تعزيز الصحة السودانية الدكتور مصعب برير حاج احمد لـ”الجريدة” إن فكرة الفريق الصحي ،تشمل جميع التخصصات التي يحتاجها التدخل الصحي ،موضحاً أن فكرة الفريق الصحي ليست وليدة اللحظة ،وهي موجودة في كل دول العالم وليس السودان وحده ، وأضاف: ليس من الحكمة الثناء على أحد مكونات الفريق دون الأخرى وذكر فئة دون الفئات الأخرى ،والإهتمام بمهنة معينة وتجاهل المهن الأخرى.

تمييز صفري
أكد برير أن التمييز يؤثر على مكونات الفريق والمحصلة النهائية ، ومبيناً أن التمييز كان موجوداً بين مكونات الفريق الصحي منذ قبل التغيير ، واستدرك قائلاً: لكن حتى التمييز للأطباء “صفري” والأطباء في السودان لا يجدون التمييز المناسب ناهيك عن ضباط الصحة العامة الذين هم الكتيبة المتقدمة ضد الأمراض جميعاً من اسهالات وكوليرا وغيرها من الأمراض السارية بالإضافة لفيروس كورونا المستجد الآن .

تهميش وتجيير الانجازات
وقال رئيس جمعية تعزيز الصحة السودانية إن منظمة الصحة العالمية أكدت نجاح كل البرامج التي يقوم عليها ضباط الصحة ، من مكافحة الملاريا ، تعزيز الصحة ، الصحة المدرسية ، أعمال صحة البيئة وغيرها . واستطرد قائلاً: لكن ضباط الصحة لم يجدوا التقييم المناسب طوال الفترة الماضية ،وكانوا يجدون أنفسهم في الهامش ،وانجازاتهم تجيير لصالح مهن أخرى.

استثمار في الكادر
وشدد برير على ضرورة ،الاستثمار في الكادر الصحي من ضباط وملاحظي صحة ومساعدين وعمال صحة وتأهيلهم والاهتمام بهم لأجل تعزيز صحة البيئة ،وقال إن هنالك دراسات أثبتت أن استثمار دولار واحد في صحة البيئة ، يوفر 9 دولار للدولة كان يمكن أن تصرفها في العلاج، وأضاف أن الاستثمار في صحة البيئة يقلل من الانفاق على العلاج، مؤكداً أن شريحة الملاحظين والمساعدين والعمال تشكل خط الدفاع الأول في مجابهة فيروس كورونا ، موضحاً أن ضباط الصحة ، والكوادر الصحية ،منتشرين على المعابر ويعملون دون كلل أو ملل .

الترس الصحي
قال عضو تجمع ضباط الصحة حسن ماهر لـ”الجريدة” إن الضباط هم الترس الصحي لمجابهة مرض كورونا في فترة الوقاية والعلاج ، موضحاً أن مهام ضباط الصحة ، التثقيف ،لمنع انشار المرض بالإضافة للتبليغ عن الحالات وتقليل انتشار المرض وهم ينتشرون في المطارات والمعابر ويعملون في كل الاتيام ،وأكد ماهر ان ضابط الصحة يقوم بقياس درجات الحرارة وهو من يحدد من الذي يذهب الى الحجر المنزلي ومن يذهب للحجر الصحي، بناء على قياس درجات الحرارة ،فيما يقومون بالتوعية والرصد والتقصي والتبليغ عن حالات الاشباه، وأوضح ماهر أن ضباط الصحة يعملون في كل ولايات السودان وفي كل المحليات على مستوى ولاية الخرطوم ، ويقومون بالتبليغ عن أية حالة مرض في قطاعاتهم.

تقاطع اختصاصات
وشكا عضو تجمع ضباط الصحة العامة من تقاطعات بين الأطباء وضباط الصحة العامة ،منذ عهد النظام البائد ، مبيناً أن التقاطعات تكمن في الوصف الوظيفي وبعض الأطباء يتغولون على مهام ضابط الصحة ،وطالب ماهر بضرورة إزالة التقاطعات ،وقال هذا لا يتم إلا بالهيكلة السليمة والوصول إلى الوصف الوظيفي الصحيح.

حقوق مهضومة
قال عضو تجمع ضباط الصحة أن الكوادر الصحية من ضباط صحة وملاحظين ومساعدين وعمال يقومون بادوار كبيرة ولكن لم يجدوا حقهم في التقييم.
ويشير مهتمون إلى أن الصحة العامة بمفهومها الشامل لم يتم تسليط الضوء عليها بالصورة المطلوبة أو لم يتم التعرف عليها بكامل تفاصيلها، لذلك تجد النظرة نحوها إما منقوصة او مغلوطة وذلك لعوامل كثيرة، الصحة العامة هي مجموع الأشياء نقوم بها في حياتنا اليومية لخلق ظروف تجعلنا نعيش حياتنا في صحة وسلامة، الطبيب يستهدف شخص واحد فيما يقدمه من خدمة للمريض، يقوم بفحصه وتشخيص حالته، ويحدد العلاج المناسب له، لكن مختصي الصحة العامة يستهدفون العامة أو المجتمع ككل ، عبرهم يتم التعامل مع المرض كمهدد للمجتمع ودراسة مسبباته والعوامل التي تسهم في انتشار الأمراض التي تظهر في المجتمع المعين، للعمل على محاربتها ووقاية المجتمع من الإصابة بتلك الامراض، مثلاً أن تُجرى بحوث حول السرطانات او مرض السكري أو الايدز او الأمراض النفسية والإصابات والحوادث وغيرها من المشكلات الصحية التي تهدد صحة المجتمعات، يعمل كذلك اختصاصيو الصحة العامة في البحث عن أسباب حدوث تلك المشكلات الصحية والعوامل المساعدة على حصولها وكيفية علاجها والوقاية منها مستقبلاً، حيث تتم دراسة عمل النظام الصحي في البلدان عموماً وتقديم البحوث والدراسات الميدانية التي تؤدي لتطوير تلك النظم الصحية لتطوير جودتها وأدائها بالإضافة لجعلها ذات جدوى اقتصادية وفي متناول الجميع، الصحة العامة تعني خلق بيئة صحية تجعل الناس يعيشون حياتهم بصحة جيدة مثل ان يكون هنالك هواء نظيف وغير ملوث، وكذلك مياه شرب نقية وصالحة وأغذية نظيفة وآمنة وبيئة عمل صالحة، الصحة العامة تعني التحضير والاستعداد المبكر للمشكلات والكوارث الصحية والأوبئة إبتداء من انتشار الأمراض المعدية وإنتهاء بالكوارث الطبيعية، الصحة العامة تعني دراسة التركيبة السكانية للمجتمع ومعرفة كافة الاحتياجات التي تهم المجتمع.

إحدى تخصصات الصحة العامة المهمة تخصص علم الوبائيات، يدرس الأمراض وكيفية حدوثها والعوامل التي تساعد على حدوثها وجميع الإحصائيات المتعلقة بتلك الامراض من معدلات وفيات وولادات وكيفية الاستفادة منها في عمليات التخطيط والتدخلات الصحية اللازمة لحل المشكلات وكذلك البحوث والتطوير، كذلك من برامج الصحة العامة مايعرف بتقوية النظم الصحية يقوم على عمليات الجودة والتدريب والتطوير وإتاحة المعلومة الصحية ومشاركتها والإستفادة منها، الصحة تبدأ من الفرد ومن المنزل والمجتمع ومن ثم الدول والعالم ككل ، الصحة مسؤولية تشاركية محلياً ودولياً وأي خلل في واحدة من تلك المسؤوليات ينتج عنه خلل في الصحة ككل.

         حمد الطاهر

الجريدة: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى