رأي

زهير السراج يكتب : مع الدكتور حمدوك !

* سعدت أمس بلقاء رئيس الوزراء الدكتور (عبد الله حمدوك) بمكتبه بالخرطوم، وكان لنا حديث حول بعض القضايا المهمة وما يدور على الساحة السياسية بكل صراحة وشفافية، ساعدنا على ذلك تجانس فكري وصداقة حميمة وزمالة دراسة وسكن لمدة خمسة أعوام بجامعة الخرطوم حيث درس هو بكلية الزراعة ودرستُ بكلية الطب البيطري اللتين تتخذان من شمبات بالخرطوم بحري على ضفاف نهر النيل مقراً لهما، وأرجو أن تسنح لي الفرصة في مرة قادمة لأحدثكم عن شمبات وأهل شمبات وحدائق شمبات وأيام شمبات وذكريات شمبات التي لا تنسى أبدا، ثم افترقنا بعد تخرجنا، ولم نلتق إلا بعد سنوات طويلة عبر البريد الإلكتروني خلال الفترة التي عرض فيها عليه النظام البائد تولي وزارة المالية ورفضها، ثم التقينا أخيراً في الخرطوم، وكنا قد تعرضنا سوياً للفصل التعسفي والتشريد الوظيفي بقرار من النظام البائد في بكريات عام 1990 بعد استيلائه على الحكم بانقلاب عسكري في الثلاثين من يونيو عام 1989 !
* كان حديثنا مركزاً ومختصراً، ووجدته منفتحا جداً ومستمعاً جيدا، وكان سعيداً بالملاحظات والسلبيات التي تطرقت إليها، وتقبلها بهدوء، وحللها بذكاء بدون ان يسعى لإنكارها او تبريرها، كما تقدمت إليه ببعض الأفكار والمقترحات لإصلاح بعض اماكن الخلل في الاداء الحكومي، والعلاقة بين بعض مكونات السلطة، فوجدت منه الإنصات الجيد والقبول!
* وبما ان الحوار لم يكتمل بعد، فإنني سأكتفي اليوم بالإشارة الى موضوع واحد ، ولا أظنه يمانع في الإشارة إليه، وهو اهمية وضرورة استطلاع الرأي العام حول بعض القضايا المهمة عبر آلية سهلة وعلمية ودقيقة يمكنها أن تكون إضافة ممتازة للوسائل والآليات الأخرى، أو بديلاً عنها في بعض الأحيان، وهي (قياس الرأي) الذي لا غنى عنه لأي مجتمع متحضر او حكومة ديمقراطية أو أية جهة ترغب في معرفة اتجاه الرأي لاتخاذ القرار الصحيح.
* للأسف الشديد فانه رغم قدم هذه الآلية وانتشارها بشكل واسع في كل أنحاء العالم، خاصةً المتقدم، وسهولة استعمالها والتطور الكبير الذي شهدته بسبب التقدم التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال والتواصل، بالإضافة الى توفر البرمجيات (Software ) التي تضمن الدقة والسرعة، فإننا نفتقد إليها في ثقافتنا وفى حياتنا، وفي كل اعمالنا، سواء السياسة او الاقتصاد او التعليم او الصحة او التجارة او أي مجال آخر رغم إنها وسيلة مهمة لأي رجل أعمال ناجح يبحث عن معرفة رأي الجمهور في السلعة التي يبيعها حتى يضع خططه وبرامجه بشكل علمي، أو للسياسي ورجل الدولة الناجح في معرفة رأي شعبه وتحقيق رغباته، وقس على ذلك بقية المؤسسات والجهات والأفراد الذين يسعون لمعرفة اتجاه الرأي لأداء اعمالهم بشكل مثالي!
* لنأخذ على سبيل المثال قضية أثارت جدلاً واسعاً في الفترة الأخيرة، وهي رفع الدعم عن البنزين والمحروقات الاخرى، فهنالك من يعارض وهنالك من يؤيد، كلٌ بحيثياته ومنطقه، وكانت النتيجة تأجيلها الى حين قيام المؤتمر الاقتصادي أو الاتفاق عليها عبر حوار مجتمعي لا يدري أحد متى يحدث وكم يستهلك من الوقت والمال وهل يخرج بنتيجة مقبولة أم لا .. تخيلوا لو كانت لدينا هيئة أو مركز موثوق به لقياس الرأي، هل كنا احتجنا لكل هذا الجدل وإضاعة الوقت وتأخير اتخاذ القرار بكل ما يمكن أن ينجم عنه من خسائر وأضرار، أم اتخذنا القرار مسنودين برأي واحترام الأغلبية؟!
* كانت هذه إحدى القضايا المهمة التي أثرتها مع الدكتور (حمدوك)، وأرجو أن تجد طريقها الى التنفيذ، مع شكري الجزيل له، على الفرصة وسعة الصدر والتفهم، وللأستاذ (الشيخ خضر أحمد) كبير المستشارين بمكتب رئيس الوزراء، والأستاذة (أماني عاطف محمود) المساعدة التنفيذية لرئيس الوزراء على تسهيل مهمتي وحسن الاستقبال والضيافة، ولكل الطاقم بالمجلس، ولنا لقاء!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى