حوارات

محمد عصمت: الحرية والتغيير تمارس ضغوطاً على حكومة حمدوك وهذا خطأ ينم عن جهل سياسي

في هذا الحوار مع (الجريدة) يرسم القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت يحيى صورة قاتمة لمستقبل قوى التغيير في السودان لجهة أنها انحرفت عن مسارها الذي كونت من أجله وأنهم في الحزب الاتحادي الموحد يدعون إلى هيكلتها وتصحيح مسارها، ويقول عصمت متحسراً على مايجري في قوى التغيير” كنا في فترة من الفترات نحلم بأننا سوف نخوض الانتخابات القادمة بقوائم موحدة للحرية والتغيير والآن تضاءل هذا الحلم وأصبحنا فقط نسعى بأن تظل الحرية والتغيير حاضنة سياسية موحدة للحكومة الانتقالية حتى مرحلة الانتخابات ” لكل، في المقابل يوجه الرجل إنذاراً شديد اللهجة للمكون العسكري قائلا ” يجب على المكون العسكري التوقف عن الغزل الذي يمارسه مع المكونات السياسية التي كانت شريكة للنظام السابق أو حتى المؤتمر الوطني نفسه حيث نعتبره واحداً من المنقصات في حق الثورة ، كما يجب أن يعلم المكون العسكري أن الحرية والتغيير هي الحاضنة الوحيدة للفترة الانتقالية ” … كل هذه الإفادات وإفادات أخرى تجدونها داخل هذا الحوار .

 

* عودة جبل عامر للحكومة كيف تنظر لهذه الخطوة ؟
الغريب في الأمر هو أن يكون وضع جبل عامر وغير جبل عامر خارج سيطرة الدولة ، والشيء الطبيعي والذي يعيشه السودان تحديداً بعد خروج البترول من الدائرة الاقتصادية هو أن تكون كل أماكن الذهب تحت سيطرة الدولة، عودة جبل عامر يفترض أن يتبعها كثير من مربعات الذهب وأن تخضع ذات المربعات للدولة لذلك يجب أن يجد هذا الملف عناية خاصة بحيث يكون كل إنتاج الذهب خاضعاً ويعود إلى الخزينة العامة وتحت ولاية وزارة المالية، عطفاً على مايعانيه البلد بصورة عامة من الموارد التي يمكن أن تشكل حلول سريعة للأزمة الاقتصادية.

* بعد استلام الحكومة لجبل عامر هل ستشكل لجنة تحقيق في كيفية ما آلت إليه شركة الجنيد من استلامها للجبل ؟
شركة الجنيد شركة تأسست في ظل النظام السابق وبموجب قوانينه، وإذا كانت هنالك ثمة محاسبة ستكون في إطار القوانين التي كانت سارية آنذاك ، وهنا أتساءل عما إذا كانت مخالفة لتلك القوانين أو اي لوائح او منشورات أخرى خاصة ، لكن الآن كل هذه السياسات مازالت سارية حتى الآن، و بحسب علمي فإن الدولة لديها رؤية جديدة في مسألة كيفية تعظيم معدن الذهب والمعادن الأخرى لصالح الدولة.

* هل الحكومة ستخرج هي الذهب عبر شركاتها الحكومية من الجبل أم سيطرح لعطاء للتنقيب عنه أم سيترك للتعدين لاسيما أن هذه المنطقة قد شهدت من قبل اضطرابات أمنية وطبيعية ؟
نحن ننادي بأن يكون الذهب سعلة خاصة بالحكومة ويجب أن تكون تحت سيطرة الدولة مثلها ومثل البترول لذلك هذه المسألة تحتاج إلى تشريعات جديدة سواء كانت تشريعات قانونية او لائحية وهذا ما ننادي به لكن للأسف الشديد السياسات القائمة الآن هي مورثة من النظام البائد حيث أن سلعة الذهب الآن مثلها مثل أية سلعة إستهلاكية لذلك يجب على الدولة أن تفكر تفكيراً مختلفاً في التعامل مع معدن الذهب والذي يشكل الضامن الوحيد لخروج السودان من الازمة الاقتصادية .

* ذكرت من قبل بأن هنالك أموال في الخارج ماهي التدابير التي اتخذتها الحكومة لإسترداد هذه الأموال ؟
الأموال المنهوبة من الشعوب هي ظاهرة استفحلت نتيجة لوجود أنظمة لا تخضع للقيم الانسانية مثل الشفافية والنزاهة لذلك تعاظمت هذه القضية وأصبحت الدول تشكل ملاذات آمنة لهذه الاموال المنهوبة ، الآن هنالك اتجاه عالمي يسعى لإعتبار الأموال المنهوبة من الشعوب بأنها مثل الأموال القذرة ، والأموال المنهوبة الآن أصبحت محاصرة بعد تنامي هذا الاتجاه العالمي لذلك قضية الأموال المنهوبة يمكن إستردادها ولكنها تحتاج إلى عمليات متواترة تعالج في أطر مختلفة دبلوماسية وأمنية ومنها ماهو سري لأن هذه الأموال يتم التعامل معها باعتبارها قضايا تمس الأمن الاقتصادي وسمعة الدولة نفسها لذلك كنا نأمل أن تشرع الحكومة في إتخاذ تدابير عن طريق الدخول في تفاهم مع كل الدول المشتبه بها أنها ملاذات آمنة للأموال المنهوبة ، كذلك المسألة تحتاج إلى تشريع داخلي بمعنى إصدار قانون خاص للأموال المنهوبة في الخارج وهذا القانون بموجبه تفتح الحوار مع الدولة المشتبه بها ووجود أموال منهوبة تحتاج إلى إتصالات دبلوماسية ومذكرات تفاهم مثل وحدات التحري المالي و الآن الاجراءات لإستعادة الاموال المنهوبة تسير ببطء شديد لجلبها رغم علم الحكومة بها بماذكرناه في الاعلام عن وجود اموال في دولة محددة ودولة أخرى مازلنا نجمع فيها المعلومات عنها.

* ماهو تعليقكم كعاملين في البنك المركزي وكنقابة عمال في المصارف والبنوك بما حدث من إتفاقيات أو مايشوب من إتفاقيات بين وزارة المالية وشركة الفاخر ؟
بعيداً عن البنك المركري ولجنة النقابة وعلى الصعيد الشخصي أرى أن العقد الموقع بين وزارة المالية وشركة الفاخر هو عقد معيب ويجب على وزارة المالية أنها تقتح الباب للشركات بصورة شفافة وتختار من العروض ما هو مناسب والطريقة التي تمت التعاقد بها مع شركة الفاخر طريقة غير شفافة جلبت كثير من المتاعب على الحكومة الإنتقالية.
سياسات البنك المركزي الآن هل تسير وفق ما جاءت به شعارات ثورة ديسمبر عدالة وحرية وسلام..؟
البنك المركزي مازالت تسيطر عليه وتهمين عليه الطغمة الكيزانية حتى الآن.

* هنالك رأي يقول إن تعيينك في بنك السودان المركزي كان عبر المحاصصة ماذا أنت قائل في هذا الأمر ؟
تم تعييني في البنك في عام1981هل في ذاك الوقت كان هنالك محاصصات ، أرى أن هذه اتهامات لا قيمة لها.

* البعض يشير إلى وجود خلافات داخل قوى الحرية والتغيير قد تقود إلى خلق تحالفات جديدة وإنسلاخات من قبل الأحزاب وتكتلات كيف تنظر لهذا الأمر ؟
نحن لا نتمنى أن تقود إلى خروج بعض الاحزاب والكيانات ، ونحن في فترة من الفترات كنا نحلم بأننا نخوض الانتخابات القادمة بقوائم موحدة للحرية والتغيير والآن تضاءل هذا الحلم وآصبحنا فقط نسعى بأن تظل الحرية والتغيير حاضنة سياسية موحدة للحكومة الانتقالية حتى مرحلة الانتخابات، وهذا مانسعى إليه الآن الشاهد أن الممارسة في ظل الحكم البعض اكتشف أنها اصعب من المعارضة لآن عادة عمل المعارضة يعني أكثر سهولة ولكن إدارة الدولة حقيقة كشفت لكثير من مكونات التغيير بأنها بها صعوبات كثيرة لذلك برزت الخلافات الموجودة الآن داخل الحرية والتغيير ، ونحن الآن في الاتحادي الموحد ندعو إلى تصحيح مسار الحرية والتغيير وإعادة هيكلتها لأنها على مدى شهور كانت تقودها مجموعة محددة حيث أصبحت الآن هي مجموعة للفشل ، بمعنى أصبحت تقود الحرية والتغيير كل يوم من فشل إلى فشل لذلك لابد من عملية التغيير وإعادة الهيكلة ، وإذا كنا نحن نتحدث عن التغيير والحرية أرى أننا نحتاج إلى تغيير داخل هياكل الحرية والتغيير وهذا المسار يسير بقوة ويجد كثير من المساندين له كل يوم داخل إعلان الحرية والتغيير واثمرت هذه الضغوط في الإتفاق على قيام مؤتمر تداولي لكل مكونات الحرية والتغيير وتأجل هذا المؤتمر بسبب الظروف الصحية التي تمر بها البلاد وسينعقد بالقريب وسيتم مناقشة كل القضايا السياسية والتنظيمية داخل الحرية والتغيير.

* كأنك تريد أن تقول إن قوى الحرية والتغيير إنحرفت عن مسارها الصحيح وهو تحقيق أهداف وشعارات الثورة ؟
لا شك كان هنالك درجة من الانحراف حتمت علينا تصحيح المسار ، ومن الطبيعي أننا نحدد الأهداف للحكومة والحكومة الانتقالية يجب أن يترك لها آليات لتحقيق هذه الأهداف والمشكلة الآن الحرية والتغيير تمارس ضغوطاً على الحكومة الانتقالية لمشاركتها حتى في تنفيذ هذه الآليات وهذا خطأ ينم عن جهل سياسي وأي حاضنة سياسية يكون لها أهدافها وبرامجها لكي تترك لأجهزتها التنفيذية إتخاذ الاجراءات والآليات المناسبة لتحقيق هذه الأهداف وواحدة من أهم المشاكل التي تواجه الحكومة الانتقالية بقيادة حمدوك هي ضغوط الحرية والتغيير بالإضافة لضغوط متوقعة أصلاً من المكون العسكري وهذا متوقع ، لكن أن تمارس ضغوطاً من الحرية والتغيير على حكومة حمدوك فهذه المسألة يجب أن تتوقف.

* هل هذه الضغوط من قبل قوى الحرية والتغيير تقود إلى فشل الحكومة الانتقالية ؟
أنا أرى أي فشل لازم الحكومة الانتقالية تتحمله الحرية والتغيير لأنها هي من قدمت الوزراء لرئيس الوزراء وتركته يختار وزراء من بينهم ، وفي العالم كله تختار الحاضنة السياسية أو الحزب رئيس الوزراء وهو من يبتدر الحوار مع القوى السياسية لإختيار الوزراء وهذا شيء طبيعي وهنا في السودان جرى العكس حيث تم اختيار رئيس الوزراء من الحرية والتغيير وبعدها تم اختيار الوزراء أيضاً من الحرية والتغيير بمعنى لم يترك لرئيس الوزراء إلا مساحة ضيقة لإختيار عدد محدود جداً من الوزراء ، وكيف يعقل ، وأنا إذا كنت محل حمدوك لن أقبل إطلاقاً أن تسمي الحرية والتغيير الوزراء .

* بماذا تبرر إرجاء دعم أصدقاء السودان للحكومة الانتقالية حتى شهر يونيو القادم ؟
كثير جداً من الدول تنتابها الهواجس لمستقبل الحكم المدني في السودان وكثير جداً من الأحداث تجعلهم يترددون ويؤجلون سوى كان دعومات اقتصادية أو دعومات سياسية للحكومة الانتقالية، كذلك هنالك أزمة صامتة خلال الفترة التي مضت مابين شركاء الحكم بمعنى داخل السودان فيما يختص البرنامج الاقتصادي وفيما يختص بقبول بما يسمى بالشروط الدولية، وهو السبب الأساسي لتأجيل مؤتمر المناحين وتم تأجيله حتى ينعقد مؤتمر اقتصادي داخل السودان الأمر الذي يجعلهم يطمئنون على الرؤية الاقتصادية داخل البلاد من حيث توجهاتها ومآلاتها، والعالم الآن ماعاد به عواطف تمنح بعدها المعونات حيث تحكم الآن العالم لغة المصالح وهي لغة جافة.

* كيف تعلق على لقاء نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان حمدتي ومولانا محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الأصل؟
كل الغزل الذي يمارس أحياناً ما بين المكون العسكري والمكونات السياسية التي كانت شريكة للنظام السابق أو حتى المؤتمر الوطني نفسه نعتبرها واحدة من المنقصات في حق الثورة التي يجب على المكون العسكري التوقف عن ممارستها أو التعاطي بشأنها ، ويجب أن يعلم المكون العسكري أن الحرية والتغيير هي الحاضنة الوحيدة للفترة الانتقالية ويجب أن يعلم الجميع أن الانتخابات القادمة هي الفيصل مابين مكونات الحرية والتغيير ومابين المؤتمر الوطني وما بين الأحزاب الشريكة له .

* هل هنالك ثمة أمل وأشواق لتوحيد الاتحادين في حزب جامع وواحد ؟
الآن نسير في طريق توحيد الاتحادين بما فيهم اعضاء حزب الاصل والمسجل ، والذين لم يشاركوا النظام السابق أيدينا ممدودة لهم واي اتحادي لم يشارك في منصب وزاري وولائي نحن معه في حزب اتحادي واحد موحد .

* لنعود لموضوع الأموال المنهوبة بماذا استندت في حديثك عن وجود الرقم الذي ذكرته عن الأموال المنهوبة في الخارج ؟
المهم ليس الرقم لكن المهم والمؤكد أن هنالك أموال منهوبة من الشعب السوداني وهذه المسألة مؤكدة ولا يتناطح عليها عنزان ، ويجب على الحكومة أن تتحرى عن مصداقية هذه المعلومات وعليها أن تشرع على إستعادة هذه الأموال بصورة رسمية وجادة لأن هذه الأموال هي خاصة بالشعب السوداني والكل يعلم أن النظام البائد كان نظام يتبع أسلوباً ممنهجاً في نهب مقدرات الوطن.

* هل ثمة عقبات ستواجهها الحكومة في إسترداد هذه الأموال؟
نعم هنالك عقبات أولها أن كثير من الدول لا تعترف بأنها ملاذات آمنة لهذه الأموال وكثير من الدول تحت الدعاوى المصرفية لا تفصح عن وجود هذه الأموال وكثير من الدول تنكر وجود هذه الأموال باعتبارها أموال تجلب لها أرباحاً وإستثمارات وكثير من الدول تنكر وتستحي من التجاوب مع طلبات الدول الأخرى من باب الحياة والحفاظ على دولتها ، لكن الكل يعلم أن موضوع الأموال المنهوبة من الشعوب الآن أصبح من أكثر الموضوعات المطروقة في الساحة الدولية ، بل هنالك مؤتمرات كثيرة تعقد في الدول لملاحقة هذه الأموال المنهوبة .

* ماذا عن الأموال في الخارج و ماذا عن الأموال في الداخل هل لديكم إحصائية عنها؟
قضية الأموال بالداخل من المفترض تكون القضية الأولى وللأسف هذه إحدى الممارسات المثيرة للدهشة ونحن لدينا قانون هو قانون الثراء الحرام وهذا ليس قانوناً خاصاً بقوى إعلان الحرية التغيير بل قانوناً أصدرته حكومة العهد البائد ونحن نتساءل لماذا لم ينشط هذا القانون ، لأن قانون الثراء الحرام يعطي الحق للحكومة بأن تقبض على أي شخص متهم بالثراء الحرام وعليه هو أن يثبت أن هذا المال تحصل عليه بالطرق المشروعة وحتى الآن هذه القضايا لا يسأل عنها أحد.

* برأيك لماذا لم تتحرك الحكومة في هذا الجانب ؟
أعزي هذه المسألة لجملة من الأسباب أولها أن المكون العسكري والذي مازال حتى الآن لديه ارتباطات ومصالح بالنظام السابق ، كذلك بعض قوى الحرية والتغيير في المجالس الوزارية والسيادية وأجهزة الدولة الأخرى لا تملك الشجاعة الكافية في ممارسة هذا الدور المطلوب، بجانب سبب آخر هو طبيعة السودانيين المتسامحة والتي هي واحدة من الأسباب التي تجعل من الصلات الاجتماعية والصلات الأخرى سبباً لمعوقات تفكيك هذه الدولة.

* ذكرت بأن هنالك ثمة مصالح وإرتباطات بين المكون العسكري والنظام السابق ماذا تقصد؟
كل القيادات الموجودة في المكون العسكري هي قيادات نشأت وتربت في أحضان النظام البائد حتى بلغت هذه الرتب .

* هل يمكن أن نقول هنالك مساومة بين بعض مكونات قوى التغيير والمكون العسكري في كذا قضايا ؟
هذا مشاع بأن هنالك جهات داخل الحرية والتغيير وأنا لا اتهم أحداً، لكن هنالك إشاعات تقول إن جزءاً من مكونات الحرية والتغيير لديها اتفاقيات تحت “الطربيزة” مع المكون العسكري وربما تكون واحدة من الاسباب.

 

          أحمد جبارة

الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى