رأيضياء الدين بلال

ضياء الدين بلال يكتب: خارج الخدمة!

-١-
ليس من العقل والمنطق التهوين من خطر وباء القرن (كورونا)، فقد جعل من العالم (كرينتينة) كبيرة.
لا يوجد على مدار الأيام الماضية، شاغل لوسائل الإعلام العالمية غير هذا الوباء الفتاك سريع الانتشار.
كل النشرات الإخبارية داخل غرف الحجر، وحتى النشرات الرياضية والاقتصادية والفنية، لا حديث لها غير تأثيرات الكورونا على حياة الناس، في الجد واللهو.
خسائر بترليونات الدولارات، لم تعد هنالك ملاذات آمنة للثروات.
اهتز عرش الدولار وفقد الذهب شيئا من بريقه وتراجعت أسعار النفط إلى حدود ما قبل الثلاثين، تعطل التداول في داو جونز لثلاث مرات بعد وصول الهبوط لأكثر من 7%.
دولة بقوة وإمكانيات إيطاليا أعلنت العجز عن استيعاب أعداد المرضى وغدت تميز في العلاج بين المصابين حسب الأعمار، من يستحق العلاج ومن سيُترك لملك الموت!

-٢-
في السودان أعلنت الحكومة حالة الطوارئ الصحية، وأغلقت منافذ الدخول والخروج.
من المهم اتخاذ كافة التدابير الوقائية منعاً لانتشار الوباء، فليس بمقدور السودان بإمكانياته الضعيفة جدا التعامل مع أقل عدد من المرضى.
مصابو الذبحات والجلطات، لا يجدون أسرَّة بغرف العناية المكثفة، دعك من مصابي الكورونا المحتملين!
يحمد لمدير الأوبئة دكتور بابكر المقبول صراحته ووضوحه، حين كشف في برنامج تلفزيوني أن كل إمكانيات الوزارة للتعامل مع الوضع، لا تتجاوز الاستعداد لاستقبال عشر حالات فقط.
رغم أن وزير الصحة قلل من صعوبة المهمة بتحويلها لتحدٍّ سياسي (صغير) مقارنةً بإسقاط البشير!

-٣-
من وجهة نظري التحدي ليس فقط في ضعف الإمكانيات، بل في ضياع المصداقية وفقدان الثقة في المعلومات المقدمة من الجهات الرسمية.
لا يزال الجدلُ مستمراً والشكوك تُحاصر أسباب وفاة من قيل إنه مصابٌ بالفيروس!
وحتى يُحسم الأمر كان على وزارة الصحة الإسراع في فحص عينة من دم المرحوم في معامل خارجية، لتوثيق ما جاء في تقرير معمل استاك المضطرب بين النفي والإثبات!
الإبطاءُ في الحصول على نتائج من معامل خارجية ستكون له آثارٌ سالبة على سمعة وزارة الصحة.

-٤-
المثير للإزعاج والحيرة، رغم إعلان وزير الصحة في مؤتمره الصحفي الأخير أن وزارته شرعت في اتخاذ إجراءات حِجْرية على أسرة المرحوم.
إذا بنا نكتشف من أسرة الراحل أن ذلك لم يحدث حتى بعد مرور أربعة أيام من الوفاة!
شقيق المرحوم ومرافقه في كل مراحل علاجه وهو يتنقل بين المستشفيات العامة والخاصة لم يخضع للفحص أو الحجر!
ظل شقيق المرحوم يتلقى العزاء من المعزين هو وأفراد أسرته ويتنقل من مكان إلى آخر دون تدابير احترازية، زوجة المرحوم -حسب المعلومات- سافرت إلى شرق السودان!

-٥-
المفارقة الصادمة، أن شقيق المرحوم كان ضيفاً على استديوهات قناة سودانية ٢٤ إلى جوار مدير الأوبئة بالوزارة!
عقب انتهاء البرنامج تم تعقيم الاستديو وإغلاقه لأكثر من ٢٤ ساعة، ولم يُكلف فريق التعقيم نفسه بالذهاب إلى الأماكن التي جاء منها شقيق المرحوم والتي ذهب إليها ومنها منزله!
هذا الأمرُ الغريب والمريب، لا يخرجُ من تفسيرين:
إما أن الوزارة على ثقة بعدم إصابة المتوفى بفيروس الكورونا سريع العدوى ولذلك لا تتخذ الإجراءات الضرورية اللازمة.
أو أنها واثقةٌ من صحة تقرير معمل استاك ولكنها عاجزةٌ عن اتخاذ ما يلزم حتى ولو كان المصاب فرداً واحداً وليس عشرة أشخاص!

-٦-
اختيارُ تعقيم استديو القناة دون غيره من الأماكن التي مر عليها شقيق المرحوم، يدل على صحة ما ذهبنا إليه في العمود السابق.. وزارة دكتور أكرم لا تهتم إلا بالإعلام، مؤتمراتِه الصحفية واستديوهاتِه!
وأوضحَ دليلٍ على أن الوزارة مشغولة بمحاربة الفيروس اللعين في الإعلام فقط لا في الواقع العملي..
حتى الأرقام الهاتفية التي حددت لمتابعة تطورات الوضع مع الاشتباه في حالات جديدة، للأسف خارج نطاق الخدمة!

-أخيراً-
الإمكانيات يمكن أن تُوفر في حدود الممكن والمتاح ولكن الثقةَ في جهات الاختصاص إذا ذهبت لن تعود ولو عقد دكتور أكرم ثلاثة مؤتمرات صحفية في اليوم!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى