تحقيقات وتقارير

بعد تقرير صندوق النقد، المصارف.. تحديات العبور

(تعامل المصارف الامريكية مع نظيرتها السودانية يتطلب الالتزم بقدر عال من معايير الحوكمة وتنقية النظام المالى من أي شبهات لغسل الأموال إلى جانب تحويلات الأرصدة عبر الموبايل التي تفتقر الرقابة الكافية).. بتلك العبارات تحدث مساعد وزير الخزانة الامريكي في لقائه مؤخرا مع محافظ بنك السوداني المركزي مقترحا على المحافظ و ممــثلي المصــارف السودانية زیارة بعض المصــارف الأمریكیة والتحدث إليهم مباشــرة ما يفسر المشكلات الهيكلية الكبيره التي يعانيها القطاع المصرفي حتى يستطيع العمل في ظل المتغيرات الدولية والمعايير الخاصة بالتزامات المصارف فهل ينجح الجهاز المصرفي في عملية الاصلاح لانسياب التحويلات واداء دوره كأحد اهم الاجهزة في الاقتصاد بتمويل الانتاج ؟

صندوق النقد الدولي حذر في تقرير عن السودان للعام المنصرم 2019 من هشاشة وضع البنوك السودانية بسبب ارتفاع نسبة القروض المتعثرة وانخفاض كفاية رأس المال وقال إن الغرامات الأمريكية الباهظة على البنوك الدولية في 2014 ساهمت في انخفاض حاد في خطوط البنوك المراسلة مع البنوك السودانية، مؤكدا تسبب مخاطر غسل الأموال وتمويل الارهاب في إحجام البنوك العالمية من التعامل مع السودان رغم رفع العقوبات الاقتصادية، فضلا عن ضعف الآليات المتبعة في البنوك السودانية للتعامل مع هذه المخاطر، ووجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب

ويذهب الصندوق في تقريره إلى أن (16) من أصل (37) بنكاً في السودان لا يوجد لديها أصول كافية من العملات الأجنبية لتغطية الالتزامات وأن (6) بنوك لديها ما هو أقل من الحد الأدنى المسموح به وكشف الصندوق عن تلقي الحكومة لـ(2) مليار دولار من الشركات المملوكة لأجهزة الأمن السودانية، وألمح إلى أن الأموال التي يملكها قطاع الأمن قد يغنيها عن جزء من مساعدات المانحين وقال إن هذا المبلغ هو جزءا من ميزانية 2020 الحالية غير انه لا يوضح حقيقة ما إن كانت الحكومة تلقته فعليا أم تتوقع أن تتلقاه لاحقا من هذه الشركات. وقال التقرير إن دعم الوقود قفز من (7.5) إلى (11.75)% من الناتج المحلي الاجمالي، داعيا لرفع الدعم تدريجيا عنه محذرا من فجوة ضخمة محتملة في المالية العامة إن لم تتحقق توقعات الحكومة السودانية حول الايرادات المستهدفة في موازنتها لـ2020م

حقائق :      

ويرى الخبير المصرفي د. عبد الرحمن ابو شوره في حديثه لـ( السوداني ) أن تقرير الصندوق يمثل حقائق مهمة في الجهاز المصرفي يجب التعامل معها بشكل فوري، مشيرا إلى هناك تخوفا من ردة الفعل السياسي في الشارع مما يقلل قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات المناسبة خاصة فيما يتعلق برفع الدعم عن السلع وقال إن هشاشة وضعف النظام المصرفي لا يحتاج إلى ادلة كما أن نسبة التعثر في البنوك كبيره جدا إلى جانب ضعف ارصدتها بالعملة الاجنبية، مشيرا إلى أن تلك المشكلات تسببت في اختلال ادارة الموازنة العامة للدولة مما يتطلب الاسراع في عملية هيكلة واصلاح القطاع المصرفي بشكل عاجل لجهة المعاناة الكبيرة التي يخلفها تأخر عملية الاصلاح خاصة وان الاقتصاد السوداني تتعدد فيه اسعار الصرف، مما يعد مدخلا لكثير من الممارسات الفاسدة والمضرة جدا والتي اغفلها الصندوق في تقريره إلى جانب ضعف ولاية وزارة المالية على رقابة المال العام. واضاف “يتضح ذلك من خلال التجنيب الذي تمارسه الشركات الحكومية والامنية مما اضعف الاقتصاد”. وقال إن الاستمرار في دعم السلع يشجع المانحين على عدم أو تقليل الدعم الموجه للسودان خاصة وان المانحين لا يمكن أن يدعموا الاستهلاك في اي دولة.

عرض النقود :

ويمضي ابو شورة في حديثه لـ( السوداني) إلى أن ارتفاع نسبة التعثر في المصارف تمثل اموالا تدخل إلى الاقتصاد لكنها تزيد من معدل عرض النقود خارج الجهاز المصرفي مما ينعكس مباشرة على ارتفاع معدل التضخم، مشيرا إلى أن هناك خطوات متواصلة لرفع الدعم من بينها رفع الدعم جزئيا عن الوقود حاليا. وتابع من الممكن اتخاذ قرارات مماثلة واقناع المواطنين بأن تلك الاجراءات ستخفف من اعباء المعيشة، مضيفا أن على الحكومة أن تستمر في الاصلاح برفع الدعم ومنع التجنيب ومكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب خاصة وان هناك قوانين اعدت خصيصا لذلك اضافة إلى العمل على رفع الدولار الجمركي لدعم الموازنة العامة، مشيرا إلى انه في حال تم رفع الدولار الجمركي إلى 50 جنيها من الممكن أن يحقق ايرادات للموازنة تصل إلى 210 مليار جنيه باعتبار أن البلاد تستورد بنحو 7 مليارات دولار.

ويقول الخبير الاقتصادى هيثم محمد فتحي في حديثه لـ( السوداني ) إن السودان اصبح أكثر التزامًا من بعض الدول العربية والأفريقية داخل مجموعة العمل المالي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وان هنالك جهودا كبيرة ومتعددة بذلت للالتزام بالمعايير والتوجيهات الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في السودان تم في العام 2017، منح السودان رخصة عامة (General license) قبل رفع العقوبات الاميركية المفروضة على السودان داعيا المصارف والمؤسسات المالية السودانية العمل على اعتماد التصنيف الإئتماني بغية تسهيل تعاملاتها مع المصارف الدولية واستقطاب رؤوس الأموال بكافة أنواعها خاصة مع خروج السودان من قائمة الدول الأكثر خطرًا في مجالَيْ تمويل الإرهاب وغسيل الأموال طبقًا لمؤشر بازل لعام 2017بعد رفع اسمه من المراجعة والمراقبة المصرفية الدولية مشيرا لصدور خطابات دولية تؤكد التزام السودان مما نتج عنه إخراجه من القائمة الخاضعة للمراقبة كما تمكن السودان أيضًا من الحصول على الموافقة بتحديث التقارير كل عامين بدلاً من تقارير المتابعة مضيفا بدايةً من عام 2010 قام السودان بإجراء إصلاحات واسعة لتعزيز مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال .

مدير شركة الخدمات المصرفية الالكترونية التابعة لبنك السودان المركزي عمر عمرابي قال لـ(السوداني) في وقت سابق إن المصارف الخارجية أحجمت عن التعامل مع نظيرتها السودانية بسبب “مخاطر عالية جدا ” علاوة على وجوده ضمن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب إلى جانب صغر حجم الاقتصاد السوداني، مؤكدا أن الحظر الاقتصادي المتطاول على السودان أسهم في جهل المصارف العالمية بمدى السلامة المالية للمصارف السودانية كما أن المصارف السودانية تحتاج إلى الحوكمة واعادة الهيكلة حتى تطمئن المصارف الخارجية للدخول في تعاملات مع السودان دون خوف من مخاطر غسل الاموال وتمويل الارهاب وقال إن أوضاع المصارف لازالت كما هي عليه قبل الثورة، لافتا إلى أن التعامل مع المصارف العالمية يتطلب الاصلاح المؤسسي ووجود نظام وقانون وعقاب واحترام للقرارات إلى جانب عدم وجود أي عمليات للفساد فضلا عن حفظ الحقوق وتابع “بعدها ستتعامل المصارف العالمية حتى إذا استمر الحظر”، موضحا أن قرار شركة (فيزا) بالتعامل مع ثلاثة مصارف سودانية، أهم بكثير من الخطاب الخاص برفع العقوبات.

الخرطوم : الطيب علي

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى