رأي

هنادي الصديق تكتب: برفقة حمدوك

لم أشعر ببعد رئيس وزراء الحكومة الإنتقالية عن شعبه، قدرما شعرت به في خطابه الليلي الأخير والخاص بأحداث الخميس المشئوم وقمع المتظاهرين السلميين، وبعيداً عن توقيت الخطاب، وعدم الترتيب الواضح له والعديد من السلبيات التي تناولها البعض ممن تابعوا اللقاء وإعتذار (سونا)، إلا أنني حقيقة شعرت أن المسافة بين الحكومة وشعبها ظلت تتسع يوما بعد آخر، وهذا لا يعني أننا نقف ضدها أو نساوم عليها، ولكننا نسعى من خلال توجيه النقد لها التنبيه لما هي مقبلة عليه، والبحث عن وسيلة تقارب بينها والشارع، وحسماً لتفلتات أصحاب الأجندة الخبيثة.
السودان لم يكن يوماً باحثاً عن القائد الذي يعي مطلوبات شعبه أكثر من اليوم، ولم يكن ظامئاً للقائد المتفتح الباحث عن إستغلال موارد السودان الطبيعية بدلاً عن الدعومات الخارجية أكثر من الآن، ولكن الدكتور عبدالله حمدوك وبكل أسف لا زال يتحسس موضع أقدامه بعيداً عن الإحتياج الحقيقي للسودان وشعبه. ولا زال يبحث عن الأمن الغذائي والإقتصادي والسياسي بالخارج بدلاً عن الداخل، ولم يبحث عن روشتة حقيقية للخروج من أزمات السودان بعيداً عن روشتة صندوق النقد الدولي ودول الإتحاد الأوروبي.
طبيعة السودان الغنية بالموارد اللا محدودة التي ميز بها الله أرضه، لم تجد من بين حكامه المتعاقبين من يستغلها بذكاء ووعي وإحترافية، فضاع مشروع الجزيرة وتبعته مشاريع الرهد وحلفا وألبان بابنوسة، وضاعت معه صادرات وطنية مثل الصمغ العربي وسكر كنانة والجنيد وعسلاية والنيل الأبيض، وتلاشت معه ثروات حيوانية متعددة الأغراض مثل الجلود وصناعاتها، بجانب الثروات السمكية وتبعتها النفطية والمعادن وما أدراك ما المعادن والذهب والنحاس وغيرها من ثروات سال لها لعاب العالم أجمع، حتى كانت سبباً في وضع السودان تحت ضرس دول العالم الأول.
الأزمة الإقتصادية التي يعيشها السودان حالياً، تتطلب أن يوجَه السيد رئيس الوزراء بصره للداخل وأن يُيمَم وجهه شطر ولايات السودان الغنية بمواردها الطبيعية، فما شاهدته في شمال كردفان وحدها كفيلاً بأن يفتح للسودان أبواباً جديدة في السوق العالمي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، ينتشر (الحنظل) الذي ينمو عشوائياً على طول الطريق من أمدرمان إلى بارا، وعلمت من بعض المختصين بأن عدداً من دول الخليج تدخل إلى السودان وتعمل على جمعه وتهريبه بشكل دائم، وتعمل على إدخاله معاملها لعمل المعالجات اللازمة ليتم تصديره فيما بعد على شكل أدوية طبية وبعض الإستخدامات الأخرى، وكذا الحال لنبتة (السنمكا) والتي تدخل في صناعة الكثير من الأدوية المعالجة ويرتفع سعرها عالمياً، والتي تنبت بشكل عشوائي وكثيف جداً في تلك المناطق ومناطق أخرى بالسودان، بل ونجدها تنمو في المنازل بعشوائية، وللأسف لا تجد من يتعامل مع قيمتها الإقتصادية كما يجب، هذا على سبيل المثال فقط لا الحصر، ولن أتحدث بطبيعة الحال عن المنتجات الغذائية الأخرى ولا الصمغ العربي الذي يتم تهريبه خارج السودان خام ويتم بيعه بمبالغ ضخمة بالخارج، بل ويدخل ضمن بورصة العديد من الدول الكبرى.
عزيزي حمدوك، قم بجولة متأنية برفقة خبراء داخل السودان، فهذه الثروات كفيلة بتمزيق روشتة صندوق النقد الدولي، وغيرها من دعومات وروشتات خارجية (تقدم باليمين وتستقطع بالشمال)، لن نكون في حاجة سوى لتكاتف أبناء الشعب الواحد للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة الذي أورثتنا له الحكومات السابقة وعمقته حكومة المخلوع، ومع بعض الإصلاحات في قطاعي السكك الحديدية والنقل البحري، وإعادة الناقل الوطني إلى الخدمة مرة أخرى، حتما سيتحول السودان إلى مركز تجارة قاري ثم عالمي، وسيوفر العديد من فرص العمل للشباب وشطب بند البطالة من أجندة الحكومة وإلى الأبد.

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفةالجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى