رأي

عبداللطيف البوني يكتب: هذا البند فالصو

(1)
الأمر المتفق عليه، أن وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب قد أرهق البلاد، ولكن المحكمة الجنائية الدولية هي الأخرى طلعت روح البلد وربما يكون أثرها المباشر كان أشد من العقوبات الأمريكية، فالبشير بعد صدور أمر القبض عليه من قبل تلك المحكمة، جعل كل البلاد درقة ليتفادى بذلك الأمر، فطوع الدستور ومجمل الحركة السياسية للحفاظ على كرسي الرئاسة ثم بذل مالاً وجهداً دبلوماسياً مكلفا في تحدي المحكمة بالأسفار وحشد الرأي الإقليمي إفريقياً وعربياً ضدها، هذا إضافة الى أنها جعلته منبوذا عالميا فحرمت البلاد من جهود الدبلوماسية الرئاسية. خلاصة قولنا في الحتة دي أن الشعب السوداني دفع ثمناً باهظاً مقابل طلب المحكمة الجنائية بمثول البشير أمامها.
(2)
بعد سقوط البشير، كان من الطبيعي أن ترتاح البلاد من رهق المحكمة الجنائية لأن البشير وكافة المطلوبين للمثول أمام المحكمة، قد أصبحوا خارج دائرة الفعل ورمى العالم طوبتهم وبعد ذلك يبقى موضوع أين يحاكم البشير على الجرائم التي اتهمته بها المحكمة الجنائية وبقية التهم الموجهة إليه من قبل الشعب السوداني أمرا قانونيا وقضائيا يدار في أروقة العدالة الانتقالية لاسيما وأن المحكمة الجنائية الدولية ذات نفسها وعلى لسان رئيستها صرحت وبأكثر من مرة أنهم في الجنائية الدولية ليس لديهم مانع من محاكمة البشير داخل السودان، وليس لديهم مانع من تقديم أي عون فني إذا طلب منهم . وفيما يلي الرأي العام القانوني السوداني، حدث انقسام بين مؤيد لترحيل البشير الى لاهاي، وبين رافض، ولكن هناك اتفاقا عاما على أن هناك جرائم ينبغي المحاسبة عليها وهذا هو المهم.
(3)
يبقى السؤال الهام، من الذي وضع أمر المحكمة الجنائية في أجندة مفاوضات السلام الجارية في جوبا الآن؟ أو بالأحرى ما جدوى محاكمة البشير في لاهاي أو في الخرطوم على مجريات صنع السلام في السودان؟ في تقديري انه لا جدوى لها، والذي وضع هذا البند في جدول محادثات السلام قد خانه التقدير، فالبشير فعل ما فعل في دارفور وفي كل السودان، بحكم أنه كان رئيسا وبالتالي تصبح محاكمته شكلا ومضمونا أمراً قوميا يهم كل السودان ولا يخص دارفور وحدها، وهذه الحركات المسلحة التي تتفاوض الآن باسم الضحايا عليها أن تعلم ان مكان محاكمة البشير في لاهاي أو في الخرطوم أو حتى في فاشر أبو زكريا لن يعود بنفع على الضحايا، فالضحايا في دارفور محتاجون لجبر ضرر ومجمل الإقليم محتاج لصناعة سلام ثم حفظ سلام ثم تنمية ثم … و… وليس لدى المحكمة الجنائية أي شيء تقدمه للناس والإقليم في هذا الشان .
(4)
نحن هنا لسنا بصدد أين يحاكم البشير، إنما قصدنا القول إن هذا أمر قومي يجب أن يخضع للرأي الرسمي لدى الجهات العدلية، لا بل حتى السياسية ويجب ألا يكون بندا من بنود مفاوضات السلام لأنه لا جدوى له في ذلك الأمر فإصرار البعض هناك على لاهاي يجعل الأمر أمر تشفٍ، والتشفي يصنع الثأرات والإحن ويوقظ القبلية والعصبيات الضيقة، ثم ثانياً هذه البلاد فيها ما يكفيها من الأجندة الخلافية والشقاقية. فمن غير المعقول أن تظل هذه الجنائية الدولية عبئاً علينا والبشير حاكما والبشير مخلوعا…

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى