الأمة والعدل والمساوة .. صفقة غير معلنة 

لم يمض وقت طويل منذ أن أبتدر السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني القفاز حينما عقد إتفاقاً سياسياً مع الحركة الشعبية شمال جناح الحلو، الذي وصفه متابعين بالقفز بالزانة لمرحلة بعد الانتقالية وخطوة للتحالف مع الفصيل المسلح واتجاه لإحياء اتفاقية قديمة مجهضة إبان الديمقراطية الثالثة، فها هو حزب الأمة القومي يسير على ذات الدرب ويبادر لعقد تفاهمات ولقاءات مع حركة العدل والمساواة التي تحاور لأجل السلام بمنبر جوبا اليوم.

ووصف محللون سياسيون اللقاء الجامع بين حزب الأمة والقومي والعدل والمساواة بـ(الصفقة غير المعلنة) وأن الهدف منها المصلحة السياسية وأن الخطوة بعيدة جداً من قوة الحرية والتغيير والحكومة السودانية. علماً بأن الحركات المسلحة قد منعت نشاط حزب الأمة في دار فور ولكن حزب الأمة أكد بأن اللقاء بغرض الوصول إلى سلام شامل وعادل .. ووصفت العدل والمساوة اللقاء بأنه ناقش كيفية الدفع بالعملية والعلاقات المشتركة بين التنظيمين. ولكن مراقبون قالوا إن الخطوة ورائها هدف معروف بالنسبة لهم الاثنين .

لجنة مشتركة                

وقال رئيس حزب الأمة لشؤون السلام بابكر احمد دقنة لـ(الصيحة ) حول اللقاء الذي جمع حزب الأمة مع حركة العدل والمساوة بجوبا، إن الأطراف اتفقت على تكوين لجنة مشتركة للوصول إلى رؤية تحقق السلام الشامل والعادل وكيفية تسويقه لبقية القوى السياسية والحركات المسلحة لخلق سلام مستدام وأضاف إن الاجتماع ناجح مبيناً رغبة كل الأطراف لتحقيق السلام في أقرب وقت . و كشف مساعد رئيس حزب الأمة للشؤون القانونية عن لقاء مع رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو بحث القضايا محل الخلاف وأوضح أن هدف اللقاءات تقريب وجهات النظر بين الأطراف والوصول إلى منطقة وسطى للوصول إلى السلام .

مصلحة سياسية

ولكن المحلل السياسي د. الفاتح محجوب يرى إنه وفي إطار التقاطعات السياسية الشائعة والارتباك الذي تشهده الساحة السياسية، لابد من تهدئة العلاقات مع الحركات المسلحة وخاصة “العدل والمساواة”. وقال محجوب لـ(الصيحة ) بالنسبة لحزب الأمة القومي فله أجندة غير معلنة وراء اللقاء وأن الأجندة الأساسية للقاء تختص بالوضع في دارفور وهي محاولة من حزب الأمة لتهدئة العلاقات مع الحركات المسلحة، خاصة العدل والمساواة، لواقعيتها في المنطقة وأشار محجوب إلى ما صاحب زيارة المهدي الأخيرة لدارفور وكيف تمت مهاجمته  وأستهداف زيارته من قبل مجموعات تتبع للحركات المسلحة.  وأضاف أن  الصادق المهدي يريد إعادة جماهيره في دار فور ويريد هدنة مع الحركات المسلحة بمعنى أن الأجندة لا علاقة لها بمفاوضات السلام ولا بتطبيع العلاقات لحزب الأمة وحركات دارفور المسلحة بحيث أن تصنيف حزب الأمة ليس بعدو نافذ من قوى الأحزاب وهو الحزب الذي يستند على طائفة كبيرة من الأنصار و قال الفاتح إن الأمة يعتبر حزب قومي لأنه يعتمد على طائفة لها نفوذ  وثقل كبير في دارفور. وبالتالي فإن الخطوة بمثابة محاولة للحزب لإعادة جماهيره التي كاد أن يفقدها هناك، مما دعا الحركات المسلحة لمهاجمته خلال زيارته دارفور لأن ذلك الأمر يعني أن يتم على حسابها في الاقليم.

محدود الغرض

ويوكد محجوب لـ(الصيحة) بأن المهدي فهم الرسالة التي وصلته في دارفور عقب تعرضه لمشاكل أمنية ولذلك سعى لتطبيع العلاقات مع تلك الحركات  في الإطار الذي يجعله يكون مقبولاً للأطراف، وذلك يوفر له المساحة  في دارفور ليتحرك فيها بكامل الحرية. وجزم الفاتح بأن الخطوة هي رسالة فعلية من حزب الأمة وأن الأمر لاعلاقة له بمفاوضات السلام ويمكن أن يتبناه داخل قوى الحرية والتغيير إلا إذا كان ذلك لا يضر مصالحه الانتخابية في دارفور. وأضاف أن الخطوة ايجابية لحزب الأمة والغرض منها خاص جداً بالحزب وهو محاولة تحويل الدور السلبي للحركات المسلحة في دار فور تجاه نشاط حزب الأمة السياسي وأن الحركات المسلحة هي من منع الحزب من ممارسة نشاطه في دارفور لذلك حزب الأمة يرى أن من مصلحته التنسيق مع الحركات على الأقل لتفادي الحركة المسلحة لنشاطه السياسي في دارفور، وهذا الهدف الفعلي مصلحة سياسية بعيدة جداً من قوى الحرية والتغيير.

هدف بعيد 

فيما يرى د. حسن الساعوري الخطوة بأنها توحي إلى أن الأمة لديه أمل كبير بأن العدل والمساواة هم أبناء الحزب العريق و ينتمون إليه لجهة أنهم من دارفور وكردفان وبقية بقاع السودان التي تدين بالولاء الطائفي للأنصار. وأكد الساعوري لـ(الصيحة) أن الغرض الأساسي ليجد الحزب دعمهم ووقوفهم معه في الفترة المقبلة فترة ما بعد الحكومة الانتقالية. وقال إن العدل والمساوة لها جماهيرها، وهي قوات ومليشيات كبيرة، لذلك لابد للصادق المهدي أن يعمل لتعضيد علاقة حزبه بهم. وكشف الساعوري بأن اللقاء الجامع بينهم، وراءه هدف معروف بالنسبة لهم الاثنين وقال إن حزب الأمة يحتاج إلى العدل في زيادة جماهيره  بدارفور، وأن العدل والمساوة من جانبها تحتاج إلى أن تكون داخل حزب كبير مثل حزب الأمة، هذا وأعتبر  الساعوري هذا الأمر بالهدف البعيد من التفاوض والسلام وزاد، إن اللقاء في حد ذاته مرتبط بالأحداث القائمة، وأكد بأن الطرفان قد توصلا لإتفاق ولكنه قال هي الخطوة الأولى والبداية، وما يساعد على ذلك إنهم شركاء في الجبهه الثورية التي تقود المفاوضات حول السلام في السودان ككل وليس دارفور فحسب بعد أن تمت جدولة القضايا إلى مسارات.

تقرير: عوضية سليمان

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

Exit mobile version