رأي

عثمان ميرغني يكتب: قبل فوات الأوان!!

نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دلقو “حميدتي” في إفادته السبت الماضي 15 فبراير 2020 لقناة سودانية 24 قال (نحن شركاء في التغيير، لكن الآن ليست هناك شراكة حقيقية والأفضل أن يخرجوننا من المجلس).. وطبعاً ضمير المتكلم الجمع هنا مقصود به المجلس العسكري أنفاً، والمكون العسكري في المجلس السيادي حالياً.

من واقع الحال يبدو أن الجنرال حميدتي هو من اختار توقيت الحوار التلفزيوني ليخاطب به قضايا راهنة ربما يراها حتمية تتطلب أن تطرح على الرأي العام.. وبالتأكيد القضية الأساسية هنا هي الشراكة بين العسكريين والمدنيين في مؤسسات الحكم الانتقالي. ولكن حميدتي لم يطرح مجرد قضية بل فتح القفص و أطلق الصورة الحقيقية المخفية خلف كواليس المشهد السياسي.. تماماً كما يطلق المرء الطائر الحبيس ليرفرف في الفضاء.. وبات الرأي العام السوداني الآن يعلم من واقع – شَهِدَ شاهدٌ من أهلها- أن الشراكة (الآن ليست شراكة حقيقية) وأن نائب رئيس المجلس السيادي والشخصية الأكثر تأثيراً في الصعيدين السياسي والعسكري يرى (الأفضل أن يخرجونا من المجلس..)!!

ما وصل إليه الفريق أول حميدتي لم يكن مدهشاً أو مفاجأة للكثيرين، فعقد الشراكة الذي وقع بين الطرفين المدني والعسكري وأطلق عليه الوثيقة الدستورية كان مجرد الحد الأدنى للخروج من المأزق، لا للانطلاق نحو فضاء أرحب في دولة جديدة على أنقاض النظام المخلوع.. كان واضحاً من خلال السيرة الذاتية للمفاوضات بين المجلس العسكري “سابقا” وقوى الحرية والتغيير حجم “الاضطرار” الذي يقترب من (فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ..) في حالة (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير..).. فجاءت الوثيقة أقرب إلى المشكلة من الحل.

والحال كذلك، في تقديري أن الوضع لا يحتمل المجاملة أو التردد، فالأمر يتعلق بمستقبل بلد كامل بشعبه. أقترح التالي:

أن يكتمل الركن الثالث في مؤسسات الدولة بتعيين المجلس التشريعي (البرلمان) بصورة عاجلة، على الأقل من مائة إلى مائة وخمسين عضواً في انتظار مفاوضات السلام لتكمل المتبقي من المقاعد، ويتوافق الجميع على إنهاء الوثيقة الدستورية – دستورياً بحكم البرلمان الجديد- وتنشأ مؤسسات جديدة لا داعي لوصفها بالانتقالية، فقد كتبت هنا كثيراً ومنذ أول يوم للثورة أن وصف “انتقالي” يكبل الحكومة بل حتى التفكير العام لبناء المستقبل على أسس مستديمة، فلتكن حكومة جديدة بلا كلمة “انتقالي” لتعطي معنى استمرار الدولة، فالسودان وشعبه ليسو انتقاليين، وأية حكومة حتى في أمريكا هي انتقالية بحكم تفويضها المحكوم بأجل.

دعوا البرلمان يعيد العمل بدستور 2005 مع تعديلات طفيفة تمس المواد المرتبطة بالنظام المخلوع. ووفق هذا الدستور فلنعلن رئيس جمهورية واحداً (بدلاً من 11 رأس دولة لدولة واحدة) ورئيس مجلس وزراء بحكومة جديدة.

دعونا ننظر إلى الأمام، فالأمر أمر وطن لا أشخاص ولا أحزاب ولا طوائف!!.

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة التيار

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى