ناهد قرناص تكتب: عقبال الابتدائية

الزعيم عادل امام في مسرحيته الشهيرة (شاهد ما شافش حاجة ) له اغنية للاطفال مطلعها يقول (انا ناجح في الثانوية ) يرد عليه زميلته (عقبال الابتدائية) ..فينفجر الجمهور ضاحكا ..المفارقة واضحة فنجاح الثانوية يتطلب بالضرورة المرور بالمرحلة الابتدائية …واكيد الحصول على درجة النجاح فيها …المقال التالي موجه الى جيلنا ..الكهول والشيوخ ..الذين نجح اولادهم في الثانوية نجاحا باهرا ..وكان علينا نحن النجاح في الابتدائية من قبلهم
لو اعتبرنا الثورة السودانية نجاح باهر في الثانوية ..فما هي المرحلة الابتدائية التي من المفترض ان نكون قد نجحنا فيها نجاحا يليق بنجاح الثانوية؟ من وجهة نظر شخصي الضعيف هو السلوك الحضاري والذي يليق بالمدنية التي خرج اولادنا من اجلها .. لكن ويا للأسف سقطنا (نحن جيل التضحيات ) سقوطا مريعا ..وصار الأمر لايتسق ..كيف ننجح كشعب في انجاب ابناء قادوا الحراك ونجحوا في انجاز ثورة سلمية مية المية ..ولا نحاول تغيير سلوكنا في حياتنا اليومية !!
صديقتي ذهبت لمتابعة شأنها في احدى الدوائر الحكومية ..وجدت ان الامر لم يتم انجازه ولم يتحرك قيد أنملة ..سألت الموظفة (يااخت الموضوع دا ليهو شهر ..ليه ما حصل فيهو شئ لي هسه ؟) ..ردت الموظفة بكل صراحة (ما في تسيير عشان نجيب السكر والشاي والقهوة ..انت قايلة الاجتماعات دي بلا الشاي والقهوة بتمشي ؟) ..عاجلتها زميلتي (انا بجيب ليكم شاي وسكر وقهوة ..اها بتعملوا الاجتماع متين ؟ ) ..ضحكت الموظفة ساخرة (طيب الظروف من وين ؟ ما كل عضو في اللجنة لازم نحضر ليهو ظرف بمبلغ معتبر نهاية الاجتماع ..دا بتقدري عليه ؟) فصمتت زميلتي عن الكلام المباح ورجعت الى قواعدها سالمة …يبقى كم من الزمن نحتاج للنجاح في ابتدائية الخدمة المدنية بعد تمكن الداء العضال من مفاصلها؟
بيوتنا نظيفة وجميلة ومرتبة ..البخور في ارجاء المنزل ..والحوش مفرش والحديقة منسقة..ما ان تفتح باب المنزل ..تفاجئ بالقمامة متكومة امامه . ..لا يفكر احدنا في القيام بمجهود صغير لنظافته ..بل ربما هز كتفيه قائلا (وانا مالي ) وربما أردفها بعدد من اللعنات (للحكومة الما شايفه شغلها )…ولا ادري حتى هذه اللحظة من هو ذلك العبقري الذي افتى بوضع القمامة في الرصيف الفاصل بين شارعي الأسفلت (الجزيرة) ..فيصير المنظر كأنك تسير في مكب (زبالة) كبير ممتد على مد البصر ..حتى عندما تم وضع بعض السلال الكبيرة لجمع القمامة حتى موعد عربة النفايات ..تكدست القمامة على جانبي السلة وداخلها ..وعيييك ..فكم نحتاج من الزمن للحصول على درجة المرور في احترام الشارع والتعامل معه كمنازلنا ؟؟
اشارات المرور تفضح سلوكياتنا ..لو تعطلت الاشارة لحظات ستجد الهرج والمرج وربما اندلعت مشاجرة فجاة (واللي شبكنا يخلصنا) ..في ثواني تتعطل الحركة ولن تجد احدا يسمح لاخيه بالمخارجة ..ولولا لطف الله بان يقيض بعض الأشخاص المتطوعين الذين يحاولون فك الاشتباكات (غالبا ما يكونون صغار سن) ..لمكثنا في مواقعنا تلك الى يوم يبعثون.
رغم السخرية التي تستبطن مقولة (بعد ما شاب رجع الكتاب )..لكنها تظل قابلة للتطبيق ..فيا جيلنا جيل التضحيات هلم الى المذاكرة ودرس العصر ..للنجاح في ثورة تغيير السلوك بعد ما انجز ابناؤنا ثورة تغيير النظام.

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version