رأي

عابد سيد أحمد يكتب: ليلة رحيل أحلى عيون بنريدا

قبيل سفره للقاهرة بساعات للعلاج هناك في إحدى مشافيها دخلنا عليه في غرفته بمستشفى التقي بأم درمان، فحاول بعد دخولنا عليه برغم مرضه أن ينهض من سريره ليصافحنا لكنه لم يقوَ على ذلك فاكتفى بابتسامة السعادة لحضور مجموعتنا لمعاودته، والتي ضمت الأساتذة الفنان محمود علي الحاج والشاعر والقاص عبد القادر الكتيابي الأمين العام لصندوق رعاية المبدعين، ودكتورة جميلة الجميعابي الأستاذة الجامعية، وفنان الأطفال طارق الإسيد، فحكى لنا ساعتها صديقه المرافق له في المشفى الأستاذ الزاكي التجاني، عن حالته قبل دخوله للمستشفى وكيف تحسنت بعد العلاج، وعندما حاول طارق الإسيد التقاط صور معه، رفضت ابنته أن يتم ذلك بجواره وهو مستلقياً على السرير بحجة أنهم لا يريدون إلا أن يرونه قوياً شامخاً كما عهدوه، فاجلسوه وأثناء دردشتنا معه أي عبد العزيز دخلت علينا طبيبته دكتورة عفاف، مما جعلنا نخرج من الغرفة لنتفاجأ بالطبيبة بعد مدة وجيزة تدعوه للنهوض والخروج لنا للجلوس معنا خارج الغرفة وهي تقول له: (إنك في أحسن حال اليوم ومعنويات مرتفعة جداً) ففعل وجاء إلينا برجليه وجلس على الكرسي بجوارنا ممضياً وقتاً معنا قبل سفره .. سافر وهو يمني نفسه بالعودة معافياً ليواصل مسيرته الفنية، ولم يدر في خلده أنها المغادرة الأخيرة بلا عودة .. وهو الذي كان قد سافر كثيراً في مسيرته ناشراً الأغنية السودانية في أوروبا وأفريقيا، وليردد الكثيرون بالخارج أغنياته قصر الشوق وأحلى جارة وغيرها وهو الذي فاز قبل سنوات في انجلترا بالمرتبة الأولى في أشرس منافسة دولية، فالرجل حباه الله بصوت جميل جداً وقدرة عالية على التطريب جعلته يحقق الانتشار الواسع ومكن أغنياته من الذيوع الكبير وطالما رددنا معه طويلاً وكثيراً يا (أحلى عيوم بنريدا في زول علمنا الريدة) وغنينا معه (ليه يا قلبي ليه) وما كنت عارف ويا عسل، وقائمة تطول من الروائع تركها لنا بعد رحيله شامخة بعد أن أكسبها الخلود مستنداً على درايته العلمية بالموسيقى وقدراته التطريبية ولم يكن الراحل في حياته فناناً متفرداً فحسب بل كان إنساناً كالنسمة بين الناس وهو كما قال عنه زميله الفنان سيف الجامعة: (إنني لم اسمع طوال حياته أنه قد أساء لأحد أو جرح شخصاً) لك الرحمة صاحب أحلى عيون بنريدا فقد جعلتنا بعدك نعيش الفراق المُر.

 

 

 

 

 

صحيفة أخر لحظة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى