تحقيقات وتقارير

أصوات الثورة العالية في بعض مدن السودان وتنامي الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية ماهي جدوى المواكب

يتساءل أحد الشباب من مدينة كوستي ممن قادوا مواكب العام الفائت حتى إسقاط نظام المخلوع البشير بالتزامن مع تعرض عدد من الثوار لقمع القوات الأمنية أثناء تنفيذهم إعلانهم بإغلاق الكوبري الرابط بين كوستي وربك احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية وإيصال رسالتهم المطالبة بإسقاط الحاكم العسكري بالولاية.. يتساءل الشاب حول جدوى الموكب وما يمكن أن يترتب عليها في بلاد تقف على فوهة النار وبإمكانها أن تشتعل في أي لحظة نيرانها التي ستحرق البلاد قبل أن تحيل الثورة الممهورة بالدماء لرماد تذروه رياح الانقلاب ومن ثمة يضطر الجميع إلى مواجهة ديكتاتورية جديدة.. وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.

1
يتعرض عدد من المشاركين في الموكب لإصابات بعد مواجهتهم مع السلطات الأمنية، بينما يقول أحد مواطني الولاية محمد علم إن من تسبب في إصابات الثوار هو ذلك الذي أمرهم بإغلاق الكوبري وهو أمر تترتب عليه مخاطر جمة.. المفارقة أن إغلاق الجسور أمر لم يحدث حتى في موجة الثورة الأولى وهي تواجه نظام المخلوع البشير في حقبة الثورة الأولى، وهو التحليل الذي يمضي في اتجاه أن ثمة مجموعات تستهدف بشكل أساسي الاستثمار في الأوضاع الراهنة بغية إحراج الحكومة والعمل على إفشالها وهو الأمر الذي كان قد سبق إليه بيان صادر عن قوى إعلان الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة وهي تشير إلى إضراب عمال مطاحن ويتا حيث أشار البيان إلى أن جهات دفعت لبعضهم من أجل تنفيذ الإضراب الأمر الذي وجد الآن ردود فعل غاضبة باعتبار أن الإضراب والمطالبة بإقرار الحقوق أحد أهم منتجات ثورة ديسمبر بل أحد عوامل نجاحها وأن البيان يعبر عن محاولة قوى التغيير إيجاد شماعة لتعليق إخفاقاتها .

2
حسناً، المواكب الاحتجاجية في عدد من مدن البلاد تطرح السؤال حول جدواها في الوقت الراهن وبالطبع مدى تأثيراتها على العملية السياسية في البلاد في ظل ماهو ماثل، لكن قبل التساؤل عن جدوي المواكب يبقى السؤال الأكثر أولوية هو المتعلق بأسبابها نفسها ؟ يقول أحد الشباب إن الأمر بدا فوق الاحتمال وأن ذات المشكلات التي أدت لاندلاع الثورة قبل عام ما تزال في مكانها وكان شيء من التغيير لم يحدث وأن هناك آلاف المبررات التي تجعلهم يرفعون صوتهم بالمطالب وتحمل أياديهم في طريقها لتتريس الشوارع لا خبز ولا وقود وأزمات تلد بعضها بإمكان البعض أن يصبر عليها لكن حتى عملية الصبر مرتبطة بتحصيل انفراج وهو أمر يتطلب وجود نوع من العمل من قبل الحكومة بالنسبة له حتى هذا البصيص من الأمل يبدو مفقوداً ..الخروج خيار من لا خيار له باعتبار أن الأفق بات مسدوداً ولا نور يلوح في نهاية الطريق.

3
إذن وبحسب ما هو ماثل في الساحة الآن فإن قوى إعلان الحرية والتغيير ومكونات حكومة الانتقال تتحمل الوزر الأكبر في مآلات الأوضاع الراهنة.. فالحكومة التي يصفها البعض تندراً وسخرية بحكومة (الناشطين) بدت عاجزة تماماً عن إيجاد حلول للأزمات بل إن سياساتها بدت وكأنها تساهم في ارتفاع رقعتها بدلاً عن معالجتها مقروناً ذلك بالتأخر في تشكيل هياكل السلطة المدنية وتعيين الولاء وتشكيل المجلس التشريعي مع البطء في عملية تفكيك بنية النظام السابق الذي ما زال مسيطراً في الولايات وبشكل كبير حيث يقول سكانها عفواً، قاطرة التغيير لم تصل إلى هنا بعد خصوصاً في ظل الاتهامات بوجود تحالفات بين مكوناته والحكام العسكريين هناك. خلاصة الأمر هنا إن الحكومة تتحمل ما يحدث الآن وعليها السعي بجدية من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح.

4
في وقت يحذر فيه البعض من المآلات المترتبة على حالة الاحتجاج الشعبي.. في الوقت الراهن تبدو عند فريق آخر أمر اعتيادي يتواءم مع كون البلاد تعيش مرحلة انتقال من سلطة ظلت ممسكة بالأمور لثلاثين عاماً وهو ما يزيد من صعوبة الانتقال نفسه علاوة على أن تاريخ المراحل الانتقالية في البلاد في المرحلتين السابقتين كانت تبرز فيه مثل هذه الأحداث وهذا النوع من حالة الاحتجاج والتظاهرات كما أن التحولات المرتبطة بالتعاطي مع الاحتجاج باعتباره سلوكاً اعتيادياً في ظل سيادة نمط الثورة أمر يجعل من وجوده بمثابة أمر واضح المعالم لكن ذلك كله لم يمنع البعض طرح التساؤل حول جدواه في الوقت الراهن وبالطبع تأثيراته الإيجابية والسلبية.

الخرطوم ” الزين عثمان

صحيفة ( اليوم التالى )

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى