تحقيقات وتقارير

لقاء ( عنتيبي ) هل يلقي بظلاله على مفاوضات الحكومة والحركات؟

توجه وفد الحكومة الانتقالية التفاوضي أمس (الجمعة) إلى جوبا للمشاركة في المفاوضات المباشرة مع الحركات المسلحة، وقال مجلس السيادة الانتقالي في بيان له أمس توجه عضوا مجلس السيادة وفريق التفاوض الحكومي لمفاوضات السلام الفريق الركن شمس الدين كباشي ومحمد حسن التعايشي، إلى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، على رأس وفد ضم وزير الدفاع الفريق أول ركن جمال عمر وعدداً من الخبراء، لمواصلة المفاوضات مع حركات الكفاح المسلح التي توقفت لفترة قصيرة، وأضاف البيان أن الوفد الحكومي دخل في مشاورات خلال الأيام الماضية حول القضايا العالقة التي شهدت تبايناً في الرؤى مع حركات الكفاح المسلح خلال الجولات السابقة.

اتفاق إطاري
وكانت الحكومة الانتقالية قد وقعت في 29 يناير الماضي مع الحركة الشعبية شمال برئاسة مالك عقار اتفاق سلام إطاري بجوبا، وشمل الاتفاق على المبادئ العامة والأهداف والترتيبات السياسية وترتيبات الحكم للمنطقتين وقضايا ذات خصوصية لهما، وترتيبات تقديم المساعدات الإنسانية وإيقاف العدائيات والترتيبات الأمنية وغيرها من القضايا، وكشفت مصادر قريبة من التفاوض عن أن الاتفاق الإطاري لملف الترتيبات الأمنية يتحدث عن قومية القوات النظامية (قوات مسلحة، شرطة- أمن)، وفيما يختص باتفاق السلطة يشير إلى وجود حكم لا مركزي وذاتي لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، كما اعتبرت حكومة جنوب السودان التي تقود المفاوضات أن هذا الاتفاق يأتي تتويجاً لإرادة سياسية تمتع بها الفرقاء السودانيون.

خلاف الجنائية
أما مسار دارفور فبعد توقيع إعلان المبادئ بين حركات دارفور والحكومة الانتقالية انخرط الجانبان في تفاصيل التفاوض، وعلمت (اليوم التالي) من مصادرها أنه كانت هناك خلافات حول تقسيم السلطة بينهما وعاد وفد الحكومة والمجلس الانتقالي إلى الخرطوم لمزيد من المشاورات. وقال محمد حسن هارون الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي لـ (اليوم التالي) إن المفاوضات كانت معلقة بسبب طلب من الحكومة لاجتماعهم مع المجلس الأعلى للسلام والذي يتكون من المجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير، معلناً استئناف التفاوض اليوم (السبت)، مبيناً أنه قبل تعليق المفاوضات كان هناك خلاف بين الطرفين حول موضوع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم البشير إلى لاهاي، وقال إضافة لخلافات بسيطة حول نظام الحكم في إقليم دارفور.
مشاركة قوى الحرية والتغيير

وكانت قد ترددت أخبار عن مشاركة وفد من قوى إعلان الحرية والتغيير في جولة المفاوضات المباشرة الحالية كجزء من وفد الحكومة الانتقالية التفاوضي مع حركات الكفاح المسلح. وقالت مصادر إن وفد الحرية والتغيير ضم عددًا من القيادات أبرزهم نائب رئيس حزب الأمة القومي الدكتورة مريم الصادق والقيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف، والأمين العام لحزب المؤتمر السوداني خالد سلك ومولانا إسماعيل التاج ممثلاً عن تجمع المهنيين السودانيين. وذلك رغم رفض الحركات المسلحة لمشاركة الحرية والتغيير في مفاوضات السلام بين الفرقاء السودانيين، ورهن الناطق الرسمي لحركة مناوي محمد حسن هارون في حديثه لـ (اليوم التالي) قبول انضمام وفد الحرية والتغيير للوفد الحكومي بعد لقاء خاص بين الطرفين مجدداً رفض الحركات لانضمام الحرية والتغيير. في وقت أكد فيه مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان توت قلواك في تصريحات صحفية رفض بلاده أي إملاءات من الحركات المسلحة، وقال قلواك يحق لقوى الحرية والتغيير المشاركة في المفاوضات إن رغبت، ولن نحجر عليها لأنها الحزب الحاكم في السودان.

الولاة والتشريعي
في الوقت نفسه أقر فريق الوساطة إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين من بينها إطلاق سراح أسرى الحرب وإسقاط الأحكام الغيابية والحظر الذي فرضه نظام الرئيس المعزول عمر البشير على بعض قادة الفصائل المسلحة، وفتح الممرات الإنسانية لإغاثة المتأثرين من الحرب، ونصت الإجراءات أيضاً على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام الولايات، لحين التوصل إلى اتفاق حول السلام في مناطق الحروب، ليتسنى لقادة التمرد المسلح المشاركة في السلطة الانتقالية، بعد إصرار من قوى إعلان الحرية والتغيير بضرورة تشكيل المجلس التشريعي وسرعة تعيين الولاة، في وقت رشحت فيه المعلومات عن أن الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء لا يرغب في تعيين حكام مدنيين لولايات البلاد في الوقت الحالي، وأن حمدوك ملتزم بما تم التوافق حوله مع حركات الكفاح المسلح خلال مفاوضات جوبا، بإرجاء تعيين الحكام إلى حين الوصول إلى سلام دائم في البلاد، وطلب حمدوك من الحرية والتغيير – وفق مصادر- تحدثت لـ (اليوم التالي ) ضرورة الاتفاق بينهم وبين الحركات أولا قبل هذا تعيين الولاء والمجلس التشريعي ، وكان رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي حذّر حكومة الخرطوم من خرق اتفاق إعلان جوبا بتعيين حكام جدد للولايات بالبلاد أو تشكيل المجلس التشريعي.

سوء الفهم
وقالت مصادر من داخل الحركات المسلحة بدارفور لـ (اليوم التالي) إن الحرية والتغيير بعد فشل مليونياتها بتعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي إضافة إلى ماحدث للصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي مؤخرًا في الجنينة وما واجهه من رفض هناك تأتي الحرية والتغيير بوفدها إلى جوبا سعياً للسلام وإزالة سوء الفهم مع شركائهم من الحركات المسلحة في الحرية والتغيير، وأضافت المصادر أن وفد الحرية والتغيير سيجلس مع الحركات أولاً ولن نقبل مشاركتهم في التفاوض إلا بعد أن نتأكد من نيتهم الحقيقية في السلام وعدم عرقلة العملية، ولفتت المصادر إلى أن المجلس التشريعي للمرحلة الانتقالية معين وليست منتخباً، وقالت لذلك ليس للحرية والتغيير مبرر لتشكيله قبل الانتهاء من عملية السلام وعليهم أن ينتظرونا، وكذلك تعيين الولاة، منوهاً إلى أن الحرية والتغيير تريد السيطرة على الفترة الانتقالية بتشكيلها للحكومة وتشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة بمفردها حتى تستطيع أن تتحكم في الانتخابات بعد ذلك لأنها بدون ذلك لن تستطيع المنافسة في الانتخابات.

لقاء عنتيبي
وعن لقاء الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عنتيبي مؤخراً وتأثيره على سير مفاوضات السلام قال الناطق الرسمي لحركة مناوي لـ (اليوم التالي) إن الدولة السودانية فشلت في ظل الحكومات المتعاقبة في إدارة علاقاتها الخارجية لمصلحة الأمن القومي بانتهاجها سياسات داخلية مختلة ودبلوماسية غير رشيدة وانحرافها عن مبادئ حسن الجوار وقواعد التعايش السلمي والدخول في محاور مشبوهة، مضيفًا أن تفاقم هذا الاختلال بسبب سياسات حكومة الإنقاذ، ليدخل السودان في قائمة الدول الفاشلة، ودبلوماسياً أصبح السودان من الدول المارقة والمشاكسة، وتابع كل ذلك عرَّض مصالح البلاد للمخاطر أمنياً وسياسياً وإقتصادياَ، وكرامة المواطن، مما أدى إلى تقسيم البلاد وإشعال حروب إبادة وتطهير عرقي وتمزيق النسيج الاجتماعي، واحتلال أجزاء من البلاد، وانتهاك سيادتها الوطنية، كما عرَّض البلاد لحصار دبلوماسي بحرمان السودان من تبوؤ أي مركز دبلوماسي محترم في المنظمات والمؤسسات، واعتبر من جانبه أن اللقاء خطوة في الاتجاه الصحيح تصب في مصلحة التغيير الحالي والمواطن والمرحلة الحالية، وقال يقتضي علينا أن نعيد الدور الطبيعي للعلاقات الخارجية وإصلاح الدور السلبي الذي لعبته الإنقاذ ضد مصلحة المواطن ويجب أن تكون علاقتنا مبنية على مصلحة الشعوب أولاً وآخراً، وأن تكون بعيدة عن العلاقات التي تخدم مصلحة طرف دون الآخر أو استغلال طرف للآخر فهذا مرفوض، مضيفًا أن علاقتنا الخارجية يجب أن تكون علاقة طيبة ومتصالحة مبنية على الحفاظ علي سمعة الدولة وهيبتها ومصلحة شعبنا الأبي.

الثورية تؤيد
كما ناشدت الجبهة الثورية أطراف الحكومة لإنهاء حالة التجاذب بسبب لقاء عنتبي، وأبدت الثورية قلقها من تداعيات لقاء عنتبي على عملية السلام، وقالت الجبهة الثورية في بيان لها أمس (الجمعة) إن علاقات السودان الخارجية يجب أن تُأسس على قاعدة تحقيق المصالح العليا للشعب السوداني بما ينعكس على أمن وسيادة و اقتصاد واستقرار البلاد، مؤكدة أن المبادرات الشخصية ضرورية لإحداث الاختراقات الكبيرة، وقالت لكن العمل المدروس من المؤسسات المختصة أدعى للديمومة، ولفت البيان الجبهة إلى أن حالة التجاذب بين مؤسسات الدولة حول لقاء عنتبي ألقى بظلال كثيفة على المشهد السياسي، وخلق حالة من التوتر، مناشداً مجلسي السيادة والوزراء تقديم الأهم على المهم والتركيز على أولويات الثورة وعلى رأسها تحسين معاش المواطنين وسرعة تجاوز تعطيل دولاب الدولة ومصالح المواطنين، كما ناشد البيان كل القوى السياسية التعاطي مع لقاء عنتيبي بروح وطنية خالصة بعيداً عن المصالح التنظيمية الضيقة، وقال البيان من الضروري ألا تؤثر تداعيات لقاء عنتبي سلباً على سير العملية السلمية في جوبا نتيجة لانشغال وفد الحكومة الانتقالية المفاوض بهذه التداعيات، وأبدت الجبهة الثورية قلقها من التأجيل المتكرر لانطلاق التفاوض في بعض المسارات، مما يخشى تأثيره على عملية السلام برمتها.

لا يحتمل
كما أكدت الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار أن السودان لا يحتمل الصراع ويحتاج لتفاهم بين قوى الثورة ومؤسسات الفترة الانتقالية، وقالت الحركة في بيان لها أمس الأول (الخميس) أن لقاء عنتبي يطرح قضية أعمق وهي قضية الشراكة المنتجة في إدارة الفترة الانتقالية، وأضاف البيان أن الحكومة الانتقالية ومجلِسيها يحتاجان إلى خطة تفصيلية مشتركة وعلى أساس مسؤولية كل مجلس في قضايا السلام (الاقتصاد – الأمن – العلاقات الخارجية وغيرها)، وأكد البيان أن استبعاد أي مكون من مكونات الحكم الانتقالي يدفع السودان نحو المجهول، وأن الصراع الحالي تستفيد منه الثّورة المُضادة، وأن ما يدور الآن خصماً على السلام، وتطلعت الحركة في بيانها إلى التوقيع على اتفاق سلام نهائي وتصحيح العلاقة بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير.

 

القاهرة: صباح موسى

صحيفة ( اليوم التالى)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى