رأي

طه النعمان يكتب: ثم ماذا بعد “عنتيبي”؟!

* المفاجأة الصادمة الثانية، التي تولى كبرها الجنرال عبد الفتاح البرهان بلقائه السري مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتينياهو، بعد أيام قليلة من الصدمة الأولى التى أقدم عليها الدكتور حمدوك بلقائه الغامض بالدكتور غازي صلاح الدين أحد أبرز رموز الإنقاذ والإخوان السياسية والتنفيذية.. يضع البلاد والعباد جميعهم، بقواهم الاجتماعية والسياسية الحية، أمام مشهد بل “مأزق” جديد، عنوانه الأبرز والأهم هو “سودان ما بعد ثورة ديسمبر”!
* ولكي نكون صادقين مع أنفسنا ومع الغير..فإن اللقاءين شكلا نقلة نوعية في مجمل صورة الثورة، التي تهيأ للبعض أنها “انتصرت”، بمجرد إزاحة المخلوع البشير وأعوانه من سدة الحكم بانقلاب قصر عسكري نفذته لجنته الأمنية العليا التي أعلنت (انحيازها الأول) للشعب المنتفض بقيادة الجنرال أبنعوف، و(انحيازها الثاني) بقيادة الجنرال البرهان بإبعاد الجنرالات الأفقع لوناً في انتمائهم الإخواني والإنقاذي..
* وكنا منذ البداية وعبر هذه الزاوية نؤكد ونكرر إن ما جرى لم يكن ثورة مكتملة القوام، بل هي ثورة منقوصة، قطع طريقها انقلاب اللجنة الأمنية، الذي لم ير بأساً في تشكيل مجلسه العسكري الإنتقالي ليحكم البلاد لفترة انتقالية يقررها هو ويُجري بعدها انتخابات بمعرفته وتحت إدارته، لولا تدخل المجتمع الإقليمي – الأفريقي بالذات – والدولى الذي ساند حراك الشارع السوداني وإصراره وتضحياته من أجل دولة مدنية ديمقراطية، فارتضي العسكر، بعد تفاوض طويل وعسير، بصيغة لتقاسم السلطة استحوذوا فيها على كل مراكز القرار والقوة المادية في الدولة – عسكريا وأمنيأ وشرطيا- وتركوا شؤون الإدارات و الوزارات المدنية للحكومة التنفيذية، التي بات وضعها أشبه “بحكومة تصريف أعمال” من كونها سلطة تملك إرادة سياسية حاسمة، خصوصاً في القضايا المفصلية و القضايا الكبرى، كالسلام وإعادة بناء القوات المسلحة الوطنية الموحدة، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والشرطية، وكل ما يتصل بالأمن القومي .. ولتبسيط الصورة فنحن أمام “حكومة أفندية تعمل تحت نظام عسكري مُموّه” يتحكم به المُكون العسكري في مجلس السيادة.
* والحال هذا، فإننا نعيش واقعا مضطرباً ولا منطقياً ومشوشاً.. مكّن أعداء الحرية والتغيير بالخارج والداخل من إنجاز اختراقين متزامنين، الأول استهدف ضرب وحدة الحكومة المدنية مع حاضنتها السياسية” قوى الحرية والتغيير” بلقاء غازي – حمدوك.. و استهدف ثاني هو جر السودان، كحلقة رخوة، ليصبح جزء من مشروع ترمب – نتنياهو أو (صفعة القرن) لتصفية القضية الفلسطينية مرة واحدة وللأبد.. تمهيداً لوضع المنطقة العربية- الأفريقية والشرق الأوسط برمته تحت الهيمنة الأمريكية – الصهيونية والتحكم بالموارد والثروات المهولة التي تنطوي عليها المنطقة.
* والحال هذا، نعود لنطرح أسئلة: (ثم ماذا بعد).. التي هي عنوان هذه “ الإضاءة” و نترك الإجابة عليها للأيام ولفطنة القاريء على السواء:
* لماذا اتخذ البرهان قرار اللقاء مع نتنياهو؟ وما هي الجهات الأخرى، في الداخل و الخارج، التي رتبت له، غير يوغندا “الراعي الرسمي” ذات الدور المعلن؟
* لماذا قرر البرهان تجاوز الحكومة ومجلس الوزراء، ولم يتفضل عليهم حتى بالإخطار، كما فهمنا من تصريحات الناطق الرسمي باسمها؟
* هل يقتصر دور قوى الحرية والتغيير على الرفض المعلن للقاء ونتائجه، وهل في مقدورها أن تتخذ أي إجراءات عملية لإجهاض الخطوة أو عقابية ضد رئيس مجلس السيادة، لخرقه الوثيقة الدستورية؟
* هل ننتظر من رئيس الوزراء بوصفه – الممثل الأعلى للشرعية الثورية- أي موقف معلن تجاه خطوة البرهان وإلغاء آثارها التنفيذية؟
* هل تمثل هذه (الفركشة) العملية للشراكة – حتى في أخطر القرارات – مشروع انقلاب عسكري بمساندة أمريكية- إسرائيلية؟
* دعونا ننتظر لنرى.. ونتمنى أن لانرى اليوم الذي نضطر فيه لإعلان يشبه صرخة سعيد صالح في مدرسة المشاغبين: “الزِناتي اتهزم يا رجّالة”!!

 

 

 

 

 

صحيفة أخر لحظة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى