صباح محمد الحسن تكتب: خبزه أم قراره ؟!

ولأنها بلد المتناقضات ولأننا نعيش فترة حكم غريبة الأطوار، قدر لها الله أن تكون بالغة التعقيد وشديدة التشويه ، ولكن ماهو مؤسف جدا أن تخرج ثورة باهرة ومذهلة مضيئة وكاملة الإ شراق، لتعقبها فترة لا أقول مظلمة ولكنها ضبابية الرؤية عسيرة التفسير وأكثر مايدهشك فيها، سلطة من لاسلطة له وقوة الضعيف الواهن، وقرار من لايملك القرار، وقبضة دولة مخلوعة وغياب دور سلطة موجودة.
وكيف لإتحاد مخابز محلول أن يصدر بيانا يقرر فيه زيادة الخبز بنسبة ١٠٠% ويوجه المخابز في العاصمة الخرطوم بتطبيقها على المواطنين، لا ولم يقف عند هذا الحد بل يهدد بإغلاق جميع المخابز في حال رفض الحكومة الزيادة المعلنة.
وتأتي خطوة الاتحاد حسب الأخبار دون اتفاق مع السلطات المختصة، ما عدّه نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه محاولة لثورة مضادة، وخلق حالة من الارتباك في الشارع السوداني، وهذا صحيح ولكن هل العيب في الاتحاد المحلول أم في الوزارة المعنية التي يهددها الاتحاد المحلول ويقرر دون رضائها، ويجعلها تعيش حالة من التوتر، ويشعرني الاتحاد الذي تتصدر أخباره الصحف بغياب تام للحكومة والوزارة، وكأننا نعيش حالة من اليُتم السياسي الذي يجعلنا نبدو وكأننا رهائن لنظام مخلوع مازالت سلطته هي القابضة، أو أن حالة يُتمنا تنتج عن وجودنا في ظل اللا دولة واللا حكم.
وبالرغم من تحذيرات وزير التجارة والصناعة السوداني، مدني عباس مدني، الذي قال أي مخبز يرفع سعر الخبز للمواطنين يتعرّض لعقوبات قانونية رادعة إلا أن اتحاد المخابز مازال يرد التهديد بتهديد ووعيد، وكأنه صاحب الكلمة وليس الوزير.
ويستمر الجدل بين الوزير والاتحاد ..جدل ينُم عن فوضى عارمة وتهاون غريب للسلطات، فالاتحاد المحلول يضع (كتفه بكتف الوزير ) ولايخشى في تهديده لومة لائم ومدني يؤكد ان لازيادة في الاسعار والاتحاد يقول أنه مُصر على الزيادة ليأتي الوزير من جديد ويقول (مافي حاجة اسمها اتحاد مخابز وأي جهة تبيع الخبز المدعوم بزيادة لن تتاح لها فرصة العمل) ولكن في ذات اليوم الذي يصرح فيه الوزير بأنه لايوجد اتحاد ماذا فعل الاتحاد قال( أنه يمهل الحكومة أسبوع واحد ) عبارة وكأنها كتبت بالمقلوب فالطبيعي أن تمهل الحكومة الاتحاد المحلول يوما واحدا وليس اسبوعا، حتى يتوقف عن هذا العبث وعدم احترام الحكومة والمساس بهيبتها.
لذلك لا أرى الحل في التهديد والوعيد والتراشق بالكلمات والاتهامات، وان لا يضيع مدني وقته في الرد والتهاتر مع الاتحاد المحلول، بل الحل يجب أن يكون في سحب الترخيص عن 80% من المخابز التي حصلت على تصاديقها في عهد النظام البائد بالانتماء إلى النظام في اطار سياسة التمكين اللعينة وهم الان الذين يتحكمون في المخابز بقوة امتلاك نسبة كبيرة من المخابز وليست بقوة اتحادهم، فالوزير لابد أن يقوم بسحب تراخيصهم وأن يمنح التراخيص للعامة من المواطنيين حتى نخلص من أزمة الدقيق وبيعه وتهريبه وصفوفه، وأخيراً جدله السخيف الذي نحن في غنى عنه فمن لا يملك خبزه لايملك قراره..!.
طيف أخير:
جزء يقاوم وجزء صابر وجزء لا يبالي .. وكلهم الثورة

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version