رأي

زهير السراج يكتب: الحل في البل !

* في نهاية اجتماع أصدقاء السودان في ديسمبر الماضي بالخرطوم، الذى شاركت فيه أربعة وعشرون دولة ورأسته وزيرة الدولة للشؤون الخارجية النرويجية ،للتفاكر حول تقديم الدعم السياسي والاقتصادي للسودان، حث البيان الختامي السودان والولايات المتحدة على مواصلة الحوار الإيجابي و(حل جميع القضايا العالقة) لتمهيد الطريق للبدء في حل مشاكل السودان، وتخفيف عبء الديون الخارجية التي تزيد عن 55 مليار دولار أمريكي، كما نصحت رئيسة المؤتمر السودان بعدم الاعتماد على الموارد الخارجية، وضرورة تطوير القطاع الخاص والعمل على ازدهار القطاع الموازي، لضمان تحريك الإقتصاد!

* قلت أمس إن استرداد الأموال المنهوبة عملية طويلة ومعقدة، وبالمثل عملية إسقاط أو تخفيف الديون الخارجية على السودان التي تتطلب وقتا طويلا وإجراءات معقدة جدا، على رأسها تسديد متأخرات أقساط هذه الديون التي تزيد عن 15 مليار دولار، بالإضافة إلى رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، أو كما وصفه البيان الختامي للاجتماع بـ(حل القضايا العالقة) بين السودان والولايات الامريكية، الذى يحتاج هو نفسه الى وقت طويل وإجراءات معقدة والاستجابة للشروط الأمريكية، ومنها تعديل القوانين السودانية لتتلاءم مع حقوق الانسان، ودفع تعويض مالي لأسر ضحايا محاولة تفجير المدمرة الأمريكية (كول) التي تقرب من نصف مليار دولار، إن لم يكن أكثر، ولقد امتنع رئيس الوزراء (عبدالله حمدوك) في المؤتمر الصحفي الذى عقده بالمطار فور عودته من زيارته الأخيرة للعاصمة الأمريكية واشنطن، ولقائه مع وزير الخزانة الأمريكية عن ذكر المبلغ بالضبط، غير أنه أوضح أنهم نجحوا في تخفيضه من مليارات الى ملايين، وحسب حكم سابق صادر من إحدى المحاكم الأمريكية شطبته المحكمة العليا الامريكية لأسباب إجرائية، فإن المبلغ يبلغ حوالى 320 مليون دولار أمريكي، لا بد أن يدفعها السودان قبل أن تنظر الولايات المتحدة في رفع اسمه من قائمة الإرهاب !
* شرط آخر هو وضع حد نهائي للحرب الأهلية وتحقيق السلام، وهى مهمة صعبة وشاقة ومعقدة أيضا ولديها شروط ومطلوبات على رأسها تحقيق العدالة لضحايا دارفور، الأمر الذى يعنى تسليم المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور وعلى رأسهم الرئيس المخلوع الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو الشرط الذى تصر عليه بعض الحركات المسلحة مثل حركة تحرير السودان (عبدالواحد محمد نور) للدخول في مفاوضات مع الحكومة السودانية، وترفضه السلطة الانتقالية السودانية وعلى رأسها مجلس السيادة الذى أعلن رئيسه أكثر من مرة رفضهم لتسليم البشير للمحكمة، بالإضافة الى تصريحات مماثلة لرئيس الحكومة الدكتور حمدوك ما يحتم ضرورة اللجوء إلى خيار آخر قد لا يكون مقبولا أو غير مقبول للحركات المسلحة وهو محاكمة البشير وبقية المتهمين في الخرطوم بالاتفاق مع المحكمة الجنائية الدولية، الذى لا تبدو أي بوادر في الأفق لحدوثه ولم نسمع حتى الآن أو نحس بأي تحركات من الحكومة للاتصال والتفاهم مع المحكمة الجنائية الدولية، أو حتى فتح هذا الملف المهم وتشكيل لجنة للتحقيق في جرائم دارفور، ولا أدرى ولا أفهم سبب البطء والتثاقل الشديد الذى تتعامل به الحكومة مع هذا الأمر الذى يعتبر أحد أهم مطلوبات تحقيق السلام وحل القضايا العالقة مع الولايات المتحدة!

* يجب أن تفهم الحكومة أن الطريق شاق وطويل وملئ بالعقبات والتحديات، وأن الخروج الى بر الأمان وعودة التعامل الطبيعي مع المجتمع الدولي يحتاج الى صبر وشجاعة كبيرة في اتخاذ القرارات والقيام بإجراءات على أرض الواقع، وليس اللغة الحالمة التي تخاطب بها العالم والاستعانة بالوسطاء للبحث عن حلول خارج السودان!
* الحل يبدأ في الخرطوم، وليس في الرياض وأبوظبي وواشنطن، ولا يكون بالأمنيات الطيبة، وإنما بالقرارات والاجراءات الشجاعة!!

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى