متابعات كوش

البشير.. السير على خطى صدام ومحمود محمد طه

وسط إجراءات أمنية مشددة، وبزيه الوطني المعروف حضر الرئيس السابق عمر البشير، ظهر أول أمس“الثلاثاء” إلى مقر نيابة الخرطوم شمال؛ للإدلاء بأقواله في التحقيق بشأن انقلاب يونيو 1989م.

 

وعلى غير العادة لم يحضر مؤيدون وداعمون للبشير، كما كان الحال قبل أشهر، إذ كانوا يتجمعون لمناصرة الرئيس المعزول؛ الذي تم احضاره إلى ذات النيابة أكثر من مرة لسماع أقواله.

 

كباية قهوة:

تزامن حضور البشير مع وقت تناول وكلاء النيابة والموظفين لوجبة إفطارهم، حيث قدمت له الدعوة لمشاركتهم الوجبة، لكنه اكتفى بطلب (كباية قهوة)، تم إحضارها على عجل، ورشفها على هامش حديثه القصير مع عضو هيئة الدفاع محمد الحسن الأمين، والذي سجل حضوراً باكراً لمقر النيابة.

 

وجدد المحامي توجيهات هيئة الدفاع للبشير، بعدم الإدلاء بأي أقوال أمام هيئة التحري؛ ليمضي في طريق  الصمت، الذي مارسه الرجل منذ الجلسة الأولى للتحقيق معه، والتي قال عنها الرئيس السابق عندما سأله بعض الذين انتظروه خارج غرفة التحري: (اتونست معاهم).

 

فرصة ضائعة:

في المقابل، أبدى عددٌ من القانونيين تحفظهم على الطريقة التي اتبعها البشير، في الإدلاء بأقواله في قضية الأموال التي تم العثور عليها في مقر إقامته، عقب الانقلاب عليه من قيادات اللجنة الأمنية المُحيطة به.

ويرى قانونيون، أن البشير أضاع حقاً أصيلاً تحصنه أعمال السيادة بحكم موقعه السابق كرئيس للجمهورية، إذ كان متاحاً له أن يرفض الحديث في تفاصيل موضوع الأموال محل الاتهام، ويقدم بدلاً عنها مرافعة سياسية لعهده وموقفه من قضايا البلاد كافة، خاصة ما يتعلق منها بإدارة المال العام.

وأشار القانونيون، إلى أن البشير أضاع هذه الفرصة، وتحدث بعفويته المعهودة أمام لجنة التحري لينتهي الأمر بالمحاكمة التي تابعها السودانيون بنصف اهتمام، لأن القضية برأي الكثيرين منهم لا ترقى لمستوى القضايا التي ينتظرون محاكمة الرئيس المعزول في كلياتها.

 

الدروس المستفادة:

وبحسب محامون، فإن هيئة الدفاع عن البشير، استفادت من أخطاء القضية السابقة، واتخذت هذه المرة مساراً مختلفاً؛ ألزمت فيه موكلها وبقية المطلوبين في ذات البلاغ أن يلتزموا الصمت، ويرفضوا الإدلاء بأي أقوال في البلاغ موضوع الاستدعاء.

 

صدام ومحمود:

ويقول محامون، إن رفض البشير الحديث أمام وكيل النيابة أحمد نور الحلا، يعد حقاً قانونياً تكفله حالات مماثلة، من بينها حق الصمت الذي أجمع عليه فقهاء القانون، واستدلوا بما فعله الرئيس العراقي الراحل صدام حسين برفضه الحديث أمام كل القضاة؛ الذين تم تعيينهم لمحاكمته، وبرر رفضه الحديث أمامهم بعدم ثقته في نزاهتهم.

 

ونوه قانونيون، إلى حادثة زعيم الفكر الجمهوري بالسودان محمود محمد طه؛ الذي رفض الحديث أمام قضاة المحكمة التي قضت عليه بالإعدام، وقال أمامها قولته الشهيرة :”هذه المحكمة غير مؤهلة فنياً وأخلاقياً لمحاكمتي”، ويتساءل هؤلاء :”هل سيقول البشير إن الجهات التي تقف وراء البلاغ ضده غير مؤهلة أخلاقياً وفنياً للتحري معه، في بلاغ قيّده ضده الرجل الذي يمثل الآن الخصم والحكم في القضية”.

 

سفينة البلاغات:

في الأثناء، قال قيادي رفيع بحزب المؤتمر الوطني “المحلول”، عند استنطاق لصحيفة (مصادر) له حول مسار جملة القضايا التي تم التحفظ بسببها على قيادات الوطني الحالية، إنهم يتوقعون التحفظ على مزيد من القيادات وملاحقتهم بملفات وقضايا مماثلة.

 

وأضاف:”لكننا على ثقة أن ملاحقة قياداتنا عبر تقييد بلاغات في النيابات المتخصصة يلبس زياً سياسياً، وليس المقصود منه الوصول إلى تحقيق العدالة ومحاكمة المتهمين”.

 

تسوية مرتقبة:

حديث القيادي بحزب المؤتمر الوطني يؤكد ما ذهب إليه مراقبون ومتابعون للشأن السوداني؛ والذين أجمعوا في حديثهم لـ(مصادر) على مخرج محدد ستنتهي عنده كل تعقيدات الواقع الراهن؛ يتمثل في تسوية سياسية شاملة ستخرج بموجبها قيادات المؤتمر الوطني من السجن، ويدخل السودان مرحلة جديدة يراها بعضهم مستحيلة، بينما يدرك آخرون واقعيتها قياساً على تاريخ السودان الملىء بصفحات خلاف تم طيها، وكان هنالك من يظن أن التسوية فيها مستحيلة، لكنها حدثت.

 

الخرطوم ( كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى