رأيمزمل ابوالقاسم

مزمل أبو القاسم يكتب: حرب الشوارع

‏* نبحث عن أخبارٍ إيجابيةٍ تفتح النفس، وتشيع السرور، وتريح البال، فلا نجد سوى أنباء الموت المجاني، والتنازع السياسي، والغلاء الفاحش، والفقر المقيم، وغيرها من الفواجع المحزنة.
* لا شيء يبعث على التفاؤل في الأخبار التي تتداولها الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي عن بلادنا، ومن أبرزها وفرة جرائم السرقة والقتل، وكثرة الحوادث المرورية، وتوالي وتيرة الموت والإصابات في الطرق القومية المتهدمة، والفاقدة لأي رعايةٍ تزيل بثورها القبيحة، وتستر حفرها العميقة، وتنير دروبها الوعرة المظلمة.
* يوم أمس الأول قرأنا ثلاثة أخبار عن حوادث مرورية مروعة، حدث أولها لسيارة وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مُفرح، وثانيها لفرقة (مسرح على الهواء) في طريق الخرطوم بورتسودان، ووقع ثالثها جنوب الكاملين، وتسبب في قتل (7) أشخاص، وإصابة (32)، بعد اصطدام عنيف بين بص وحافلة، وبالأمس تسبب حادث آخر في مصرع وإصابة (47) شخصاً إثر اصطدام بصين في تقاطع (كرور) بأم درمان.
* كالعادة تم تشخيص مسببات تلك الحوادث بالتخطي الخاطئ والسرعة الزائدة، وبالأسباب نفسها وقع حادث آخر في مدخل مدينة شندي (طريق التحدي)، بين حافلة قادمة من الدامر وبص متجه إلى عطبرة، ونتجت عنه وفاة سبعة أشخاص، وإصابة عشرة.
* لا يكاد يمر يوم من دون أن نطالع تلك الأنباء الموجعة، ومن المحزن أنها صارت لا تلفت الانتباه، ولا تثير القلق، ولا تبعث على الانزعاج، ولا تستلزم قطع بث القنوات المحلية لتقديم العزاء في الأرواح المزهقة، وإعلان حالة الحداد عليهم، برغم كثرة المصابين، ووفرة من يلقون حتفهم، بوتيرة يومية، تدل على أن الحرب الأكثر خطراً والأبهظ كلفة تدور في طرقاتنا، وتؤكد أن عدد ضحاياها يفوق عدد من لقوا حتفهم في النزاعات المسلحة التي اندلعت في بعض أطراف بلادنا المنكوبة بالمآسي.
* نحن بحاجة إلى (اتفاق سلام شامل) وعاجل مع طرقاتنا الكريهة، بالتفاتة تأهيلٍ وصيانةٍ دورية لها، مع ترتيبات أخرى مستقبلية لاتفاقٍ دائم، يحوي توجهاً لتشييد طرق مرور سريع بمواصفات دولية في المدى القريب، كي نوقف النزيف المستمر في الأرواح، ونقلص الأرقام القياسية للحوادث المرورية المميتة في بلادنا، ونجزم أننا نحتكرها على مستوى العالم أجمع.
* لا يخلو أي بيتٍ سودانيٍ من فقيدٍ أو مصابٍ في حوادث المرور المتناسلة كل صباح، المتكاثرة بوتيرة مفجعة، برغم اجتهاد شرطة المرور في وضع ضوابط للسرعة، وتحديد مواقيت لتحرك البصات السفرية بين المدن، وتفويج المركبات، وتركيب أجهزة تتبع لها.
* لم تفلح كل تلك التدابير في وقف مهرجان الموت المجاني والفواجع المتتالية، لأن أصل الكوارث مرتبط بتهدم البنى الأساسية للطرق القومية والمحلية، وفقدانها لكل مقومات السلامة من رادارات لضبط السرعة، ومسارات مفصولة تجنِّب السائقين عناقاً دموياً بين القادمين والرائحين، ذلك بخلاف غياب الإنارة عنها، وقلة عدد سيارات الإسعاف المخصصة لها.
* من يقدم على قيادة سيارته في طرق الموت السريع ليلاً لا يلومن إلا نفسه، لأنه سيحتاج إلى حِدَّة نظر القطط كي يبلغ مراده آمناً.
* ارتيادها نهاراً يحتاج إلى مهارات استثنائية في فنون القيادة، ناهيك عن الليل البهيم.
* (حرب الشوارع) المتلفة الموجعة تحتاج إلى من يُعنى بها، كي تضع أوزارها، وتتقلص خسائرها، وتتوقف شرورها المتكاثرة، ومصائبها الموجعة.
* قلبي على وطني المنكوب.. متى تتلاشى أحزانه، ويحظى إنسانه بما يستحق من خدمةٍ وعنايةٍ ورعايةٍ وتقييم؟

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى