أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

بلاغ إلى النائب العام ضد الطيب مصطفى .. عنوانه الخرطوم بدلالة الشاكي!!

 

سعادة النائب العام لجمهورية السودان
تحية واحتراما
السيد الطيب مصطفى، صاحب الزفرات الحري، بصفته مديراً للتلفزيون القومي وقتئذ، دفع في عام 2002، أربعة ملايين دولار أمريكي، من حر مال وقوت أطفال ونساء ورجال الشعب السوداني، لصالح شركة أجنبية إسمها راديو وتلفزيون العرب، لشراء حقوق البث الأرضي لمباريات كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا، علماً بأن تلك السلعة، كانت معطاة مجاناً من قبل المالك الأصيل للحقوق المعنية، وهو الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بمقتضى الوثائق والمستندات الصادرة عنه، والمضمنة في تفصيل الشكوى والمرفقة ربطاً وفقاً لما هو مبين أدناه.
بناءً عليه، وعلى ما سوف أقدمه من بينات وأدلة وبراهين وإثباتات، ألتمس من سعادتكم، فتح تحقيق عاجل في الجريمة موضوع البلاغ، لإستعادة أموال الشعب السوداني المنهوبة، التي أهدرها السيد الطيب مصطفى، دون وجه حق، وتقديمه للمحاكمة، لإلزامه بعد إدانته، بسداد أصل المبلغ، والفوائد المترتبة عليه، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
بكل تقدير وإحترام.

الشاكي، المواطن هشام عبدالملك الجزولي

تمهيد
في عام 2001، سيطر الشيخ صالح كامل عبر قنوات راديو وتلفزيون العرب، على ما يسمى بإتحاد إذاعات الدول العربية، وأخضعه لسلطانه المطلق، مستخدماً جبروت المال، حتى يتحكم من خلاله على رقاب ومصائر العباد، ويحرم فقراء العرب من المشاهدة المجانية لبطولات كأس العالم، باحتكار تلك السلعة الإستراتيجية، بعد أن وضع رئيس الفيفا (السابق) جوزيف سيب بلاتر ورهطه تحت سيطرته، ثم إستخدم شعار جامعة الدول العربية، ومؤسساتها الرياضية، لإذلال الشعوب المغلوبة على أمرها، وفرض إرادته على القنوات التلفزيونية وإتحادات كرة القدم في الدول العربية الأفريقية لإخماد صوتها، ومنها بالطبع تلفزيون السودان، وإتحاد كرة القدم السوداني (المروضين طوعا أو كرها)، فجمع ثروات طائلة، وباع ما لايملك إلى من لا يستحق، في صفقة مجنونة، عقدها مع قناة الجزيرة الرياضية، التي أصبحت لاحقا تعرف بإسم (بي إن سبورتس)، قيل إنها بلغت 20 مليارات من الدولارات، بدعم من دولة خليجية عربية، تمهيدا للتحكم في الشأن الرياضي، إستعداداً لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022.

لكننا نأمل في هذا التمهيد، أن تعتذر الجمعية العمومية لما يسمى بإتحاد إذاعات الدول العربية، للجماهير الرياضية، عن تلك الجريمة البشعة، التي لا يدانينا شك، في إرتكابها مع سبق الإصرار والترصد، وبمقابل معلوم، لم يستثني أحداً، من قمة الهرم إلى قاعدته، وسيكون لنا معهم موعدا، أمام القضاء التونسي العادل، في القريب العاجل، إن كان لنا عمر، بينما نتطلع إلى أن يأتي قرار حل هذه المؤسسة من جمعيتها العمومية، في بلد التأسيس، قبل أن يأتي حلها بقرار قضائي في دولة المقر، لأن خمسين عاماً من عدم الكفاءة وسوء الأداء والتفريط في حقوق الناس تكفي.

أصل الحكاية..
كانت الأمور تسير سيرها المعتاد، عند ما كان الرياضيون ينتظرون نهائيات بطولات كأس العالم، وهي تدور دورتها الطبيعية كل أربع سنوات، ليستمتعوا بمشاهدتها من على شاشات التلفزيون من داخل منازلهم، أو مقار الأندية الرياضية المنتشرة داخل الأحياء الشعبية، منذ أن دخلت خدمة البث التلفزيوني المباشر إلى بلادنا، عوضا عن مشاهدتها مسجلة، قبل إنشاء محطة الأقمار الصناعية، أو من على شاشات دور السينما في زمن ولى ونتمنى له أن يعود. ولكن ما حدث في عام 2001، قلب الأمور رأساً على عقب. ولسوء حظنا، كان ذلك قد تزامن مع سيطرة تلاميذ حسن الترابي على السلطة، فجعلوا من بلادنا مشاعاً مستباحاً للكلاب الضالة من سفهاء العالم وأكلة الدنيا باسم الدين.
ففي ذلك العام، رشحت أنباء عن أزمة مالية تعرضت لها مجموعة (ISL and Taurus) المشترية للحقوق من الفيفا، واضطرتها لإعلان إفلاسها، الشيء الذي تسبب في إلغاء بطولة العالم للأندية، وهددت الأزمة ذاتها مصير بطولة كأس العالم 2002 في كوريا واليابان، ووضعت رأس رئيس الفيفا السابق السيد جوزيف بلاتر تحت رحمة الإعلام الغربي، وطالته اتهامات واسعة من الصحافة بأنه كان وراء انهيار الشركة وأنه خبأ الأموال في حسابات خاصة به في بنوك سويسرا!!
ووسط هذا الجو الملغوم، قدم القطري محمد بن همام، رئيس الإتحاد الآسيوي لكرة القدم المعزول، قدم الشيخ صالح كامل للسويسري جويف بلاتر، فاشترى إفلاس الشركة المالكة للحقوق وأنقذ رأس (بلاتر) من مقصلة الصحافة الغربية، ليحكم قبضته على كل شيء، حيث إشترط أن يأخذ بالمقابل الحقوق الحصرية لكافة بطولات الفيفا، بعد أن ضمن أو قل إشترى صمت إتحاد الإذاعات العربية (الضعيف) وضمن معه سكوت وزراء الإعلام العرب، ومدراء التلفزيونات الحكومية العربية، ورؤساء إتحادات كرة القدم العربية، وأصبح يدير كل شيء ضد قوانين الفيفا وضد تعهدات شركائها وضد مصلحة الفقراء في الشرق الأوسط وضد مصلحة المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة في المنطقة وضد … وضد … وأصبح هو الذي يعين مندوبي الإذاعات العربية الأفريقية، في إتحاد الإذاعات العربية، وصدقنا نحن كلامه، لأن الشيخ صالح كامل أحد رواد هذه الأمة، والرائد لا يكذب أهله!!!

كيف؟
كان الإجراء في السابق أن تتخاطب الشركات المشترية للحقوق، إذا أخذنا منطقة الشرق الأوسط كنموذج، مع المحطات والقنوات التلفزيونية الحكومية أو الأهلية بواسطة اتحاد الإذاعات العربية الذي يقوم بالشراء نيابة عن المؤسسات الإعلامية الأعضاء لتوزيعها عليها لتتولى بثها أرضياً فقط، نظراً للتعقيدات الملازمة للبث الفضائي، أما بالنسبة للقنوات التلفزيونية المشفرة التي تعمل في المنطقة، يمكنها شراء الحقوق وبثها فضائيا بنظام التشفير بعد الرجوع إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم والحصول على موافقته على أساس كل حالة منفردة، وفي هذا تتساوى قناة الجزيرة مع الأوربيت مع راديو وتلفزيون العرب مع الشوتايم وغيرها من القنوات الفضائية المشفرة العاملة في شرقنا المنكوب.

أضحك مع العرب!!
الغريب في الأمر أن الشيخ صالح كامل لم يكتف فقط باشتراط الاشتراك في قنواته الرياضية لمشاهدة مباريات كرة القدم، بل فرض على المشاهدين الراغبين في الاشتراك، شراء ما أسماه باللغة الإنجليزية (package) ضمنه قنوات الأفلام والحكايات وايه آر تي سينما وهلم جرا.. وقد ذكرني ذلك برجل الأعمال السوداني الذي استورد في إحدى السنوات العجاف كمية ضخمة من (الزبيب) وصلت متأخرة بعد انقضاء شهر رمضان الكريم، ولم يكن يستطع أن يصبر عليها لحول كامل، فهداه تفكيره إلى توزيع سلعته (البائرة) مع سكر التموين، بعد أن أقنع السلطات المحلية بأن تفرض على كل مواطن شراء (كيلو زبيب) حتى يحصل على حصته من السكر، في وقت عز فيه السكر في أرض النيلين في ظل ظروف قاسية مرت بها البلاد وذاق فيها المواطن العادي الأمرين.. ولكن بعض التجار النافذين لم يتركوا المواطن المغلوب على أمره لهمومه، وإنما أضافوا إليه هما جديداً، بأن جعلوه يدبر ثمن كيلو الزبيب إذا أراد أن يعود إلى أطفاله بحصتهم (الشحيحة) من السكر المدعوم، أو يدفع أضعاف المبلغ لشرائه من السوق السوداء!! وببساطة شديدة استطاع تاجر شاطر أن يحقق الملايين في لحظة تجل نادرة دون أن يرمش له جفن!! وهو في النهاية تاجر، والتجارة شطارة!! وهو سلوك مرضي عنه من شيوخ السلطان! وقم يا عبد الحي!!

تساؤلات مشروعة!!
ولكن، هل حقاً اشترت قناة راديو وتلفزيون العرب الحقوق (الحصرية) لمباريات كأس العالم 2002، و2006 وقصرت مشاهدتها على مشتركيها وحدهم دون غيرهم بموافقة ومباركة الاتحاد الدولي لكرة القدم أم أنها باعت الماء في حارة السقايين؟
وهل صحيح أيضاً أن قناة راديو وتلفزيون العرب امتلكت الحقوق (الحصرية) لكل بطولات كأس العالم، وأنها ستفرض ذات الشروط (التعسفية) على مشاهديها في منطقة الشرق الأوسط، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟؟
ولكننا حتى لو سلمنا جدلاً، والجدل خلاف الحقيقة، بحق قناة راديو وتلفزيون العرب في (احتكار) بث مباريات كأس العالم ، مما جعلها تتحكم في سعر إعادة بيع حقوق البث للتلفزيونات الحكومية عام 2002، قبل أن ترفض بطريقة متغطرسة ومتعالية مجرد فكرة إعادة البيع في عام 2010 ، وفقا للتصريحات الكثيرة التي أطلقها الشيخ صالح كامل شخصيا، ورددها من خلفه نائبه السيد عدنان حمد، فإننا من حقنا أن نتساءل، ومن واجب قناة راديو وتلفزيون العرب أن تجيب، لماذا حرم الشيخ صالح كامل المشاهدين على امتداد منطقة الشرق الأوسط من المشاهدة المجانية التي قررها الاتحاد الدولي لكرة القدم لعدد 22 مباراة من مباريات المنافسة الـ 64 في مونديالي 2002 و 2006، وفقا لسياسة توزيع الفيفا التي تضمنتها الرسالة التالية الموجهة من الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى كاتب هذه السطور:

Dear sir,

Thank you for your message.

We can confirm that Sudan is included in the ART deal for the Middle East. Nevertheless, FIFA is actively working with ART to safeguard FIFA’s distribution policy across the Middle East of having 22 matches on Free TV out of the total 64 matches of the competition.

We feel that there is no need for you to come to Zurich regarding this matter, as we will be happy to reply to any questions that you may have via e-mail.

We trust this information will be of use to you.

Best regards
FIFA Media department

(……… لكن، فإن الفيفا تسعى بقوة مع قناة راديو وتلفزيون العرب لحماية سياسة توزيع الفيفا عبر الشرق الأوسط ببث 22 مباراة على التلفزيون المجاني من إجمالي مباريات المنافسة البالغة 64 مباراة.)
هذه الرسالة الإليكترونية تم استلامها في شهر فبراير 2008، وأن استخدام العبارة الإنجليزية (safeguard) وتعني ضمن أشياء أخرى (حماية أو ضمان أو تأكيد) سياسة توزيع الفيفا مما تعرضت له من اختراق أو تجاوز من جانب قناة راديو وتلفزيون العرب في الماضي (2002 و 2006) وما يمكن أن تتعرض له في المستقبل (2010)!!
هذا بالنسبة لجميع دول الشرق الأوسط!!
ومن ناحية أخرى، لماذا حرمت قناة راديو وتلفزيون العرب، عرب أفريقيا من المشاهدة المجانية لجميع مباريات كأس العالم في 2002 و2006 التي منحت لهم بمبادرة خاصة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبموجب تعهد والتزام من قبل الشركة المشترية للحقوق وفقا لتأكيدات السيد جوزيف بلاتر عند ما كان أمينا عاما للفيفا في خطابه المنشور بموقع (الفيفا) بتاريخ 5 يوليو 1996 (والذي ينص على منح جميع القنوات التلفزيونية الأفريقية – ماعدا جنوب أفريقيا- حقوق التوزيع لبطولتي مونديال 2002 و2006 مجانا ودون قيد أو شرط) وذلك تقديرا للظروف التي تمر بها دول القارة (السمراء) وجاء فيه ما يلي:
The FIFA General Secretary, Joseph S.Blatter, wishes to underline the following points with regard to the decision on television rights for the World Cup of 2002 and 2006:
…..



Sporis/Kirch have committed to distributing rights to all African channels free of charge, with the exception of South Africa.
وإذا صح هذا القول، وهو صحيح دون أدنى ريب، أليست السودان ومصر والجزائر وليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا وجزر القمر والصومال وجيبوتي جميعها دول أفريقية بموجب ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، أم أن قدرها أن تدفع ثمن انتمائها لجامعة الدول الناطقة باللغة العربية؟
الشيء المؤسف، انه بعد نشر هذه المعلومة، بادرت قناة راديو وتلفزيون العرب باستصدار قرار من الفيفا، يقصر فيه ذلك الحق على الدول الواقعة جنوب الصحراء فقط، وعندما قلنا إن السودان، ومورتانيا، وجيبوتي، وجزر القمر والصومال، تقع جميعها جنوب الصحراء، ويجوز لها الاستفادة من الميزة، ذهبت قناة راديو وتلفزيون العرب مرة أخرى لاستصدار قرار جديد من الفيفا يحدد فيه ستة وأربعين دولة بالإسم، قال إنها يمكنها الإستفادة من المنحة لبطولة 2010!!! تصوروا!!

كذلك، فإن المنطق الذي ساقه الشيخ صالح كامل وتلاميذه من أن كرة القدم (رفاهية) أو سلعة (كمالية) إن شئت، ثم نصبوا أنفسهم مدافعين عن الحكومات العربية بقولهم، إن الحكومات غير مسئولة عن توفير الأشياء الكمالية، وإنما يقتصر دورها على توفير السلع الضرورية، رد عليه السيد بلاتر بقوة غير مسبوقة، قبل أن يقع في الفخ.. ولو بحث صحافيو قناة راديو وتلفزيون العرب قليلاً، لأعلموا الشيخ صالح كامل بما ورد على لسان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم وتم نشره في الموقع الرسمي للفيفا، من أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (يؤكد على حرصه على أن لا تتحول كرة القدم فجأة إلى (حق) يملكه الأثرياء الذين يستطيعون الحصول على البطاقات الذكية للتلفزيونات المشفرة!!)

 

 

 

تحقيق: هشام عبدالملك الجزولي

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى