رأي

الفساد كوم .. وفساد الكهرباء والسدود كوم تاني

 

بعد انتصار الثورة بأيام قليلة بعد ١١ أبريل ،استطاع الثوار الأحرار توقيف أحد رموز النظام السابق شيخ الدين رئيس نقابة العاملين بالكهرباء والسدود والمعادن في طريق المطار وتسليمه لقوات الدعم السريع، أطلق سراحه بعد أيام ، هذه الأيام تنشط مجموعة من قواعد النقابة للإطاحة به و مقاضاته حول التجاوزات في مخطط المدائن و ضياع حقوق حوالي ٥٠٠٠ ألف منتسب اقتطعوا من مرتباتهم حوالي ٩٠٠ مليار ج بالجديد ، و تسلموا شهادات بحث (في الهواء )، لأن قطعة الأرض المخصصة للمخطط اختفت.

من العدالة والإنصاف أن تخصص الحكومة الإنتقالية لجنة خاصة لفساد شركات الكهرباء ووحدة السدود الآن و فوراً، و نقابتها بقيادة شيخ الدين ، لكشف أفراد العصابة التي استباحت المال العام وسخرته لمصالحها الخاصة، حيث ظلت الكهرباء والسدود مرتعاً لاولئك اللصوص الذين لم يقو أحداً على مساءلتهم بحكم السند الذي ظلوا يتخذوه ساتراً لأفعالهم وضلالهم المتمثل في النظام السارق البائد وقياداته الفاسدة، وفي مقدمتها وحده تنفيذ السدود وهو جزء يسير في ملفات الفساد المالي والإداري خلال العقود الثلاثة.

 

تقارير المراجع العام أكدت أن شركة توزيع الكهرباء لوحدها خسرت في ثلاث سنوات (472) مليار جنيه ، بالرغم من خطاب وزير المالية الذي أفاد بدعمها بمبلغ (270) مليار.

يعتبر عبدالعاطي هاشم الطيب (عبد العاطي الكبير) الذي اختفى و يقال أنه سافر خارج البلاد، وهو شغل منصب المدير المالي والإداري لوحدة تنفيذ السدود التابعة لأسامة عبد الله ،ورئيس مجلس إدارة الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء – إحدى شركات وزارة الكهرباء ، وفي ذات الوقت أحد ملاك ورئيس مجلس إدارة شركة (رادكو) الخاصة والتي تتولى غالبية مشتروات الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء أحد أكبر المتنفذين الذين مروا على الكهرباء،وعبدالعاطي هاشم الطيب اليد اليمنى لأسامة عبد الله – وزير الكهرباء والموارد المائية سابقاً، عمل معه في قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني كمسؤول مالي

، ثم إنتقل معه إلى الخدمة الوطنية ووحدة تنفيذ السدود وتتمثل أبرز مخالفات عبدالعاطي هاشم في أنه أوكل مشتروات الشركة السودانية للكهرباء – قطاع عام – لشركته الخاصة ، وبلغ حجم المشتروات وتحويلات العملة الصعبة (2 مليار يورو)

!! وهي تحويلات شابها الفساد حيث تم تضخيم أسعار المشتروات والتلاعب بالمواصفات ، خصوصاً شراء محولات صينية متدنية الجودة ، ومن أبرز هذه المخالفات توظيف أموال الكهرباء خارج مواعينها وبطريقة مخالفة للقانون ، والمتاجرة في العملة الصعبة ، وتوقيع مرابحات مع البنوك وتحويلها مباشرة لشركة (رادكو) ، وتحويل (170) مليون دولار إلى الخارج بدون علم وإجراءات بنك السودان ، وتوقيع عقد مع الولاية الشمالية لتنفيذ كهربة (44) مشروع كبير و(1573) مشروع صغير بتكلفة تبلغ (34) مليار جنيه وإستلام المبلغ مقدماً ثم المطالبة بثلاثة أضعاف المبلغ لاحقاً.

 

الفساد في الإنقاذ فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة أجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة، وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الإنسانية وحكمتها المتراكمة، بما في ذلك الأسس التي طورتها لمكافحة الفساد.

يجد فساد الانقاذ الحماية من رئيس النظام الذي يشكل مع أسرته أهم مراكز الفساد، كما يتغطى بالشعارات الإسلامية، ولذا خلاف ارتباطه بالمؤسسات ذات الصبغة الإسلامية كالأوقاف والزكاة والحج والعمرة، فإنه كذلك فاق فساد جميع الأنظمة في تاريخ السودان الحديث، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية – السودان رقم (173) من (175) بحسب تقرير 2014 ، وتؤكده تقارير المراجع العام و تفضحه الشقق و العمارات و فارهات السيارات و تعدد الزيجات و الزيجات السرية والعرفية.

وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الإنقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد إلى منظومة تعيد صياغة الأفراد على صورتها ، فتحول حتى الأبرار إلى فجار ، و أما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون إلى ماهو أسوأ من الشياطين.

 

 

محمد وداعة

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى