الدولار.. ارتباك المشهد في السوق الموازي

على نحو مفاجئ قفز الدولار الثلاثاء الماضي إلى 77 جنيها، وبعد 24 ساعة فقط تراجع إلى 74 جنيهاً، واستقر السعر عند 74 جنيهاً أمس الجمعة، وأصبح الارتباك هو سيد الموقف في السوق الموازي، على الرغم من حالة الاستقرار التي شهدها السُّوق المُوازي طيلة ستة أشهر، إذ تراوح سعر الدولار ما بين 65 – 68 جنيهاً، مع تساوي سعر البيع بالكاش والشيكات المصرفية. عدة أسباب دفع بها المُختصون لهذا الارتفاع المفاجئ، وسط تَوقُّعات بأن يواصل الدولار رحلة الصعود بعد إيقاف صادر الماشية إلى السعودية وتراجُع إنتاج الذهب بعد قرار مجلس الوزراء بحظر استخدام الزئبق في عمليات التعدين.

بدأ الأسبوع المنصرم بسعر 71 جنيها للدولار، ولكن في منتصف الأسبوع ارتفع الدولار إلى 74 جنيها يوم الثلاثاء الماضي. وطبقا لمتعاملين في السوق الموازي بدأت أسعار الدولار عادية، إلا أنه مع حلول ساعات النهار نشطت حركة للطلب على الدولار بشكل كبير خاصة من قبل بعض الشركات وكبار تجار العملة.

وقال متعاملون تحدثوا لـ(السوداني) إن توقف صادر الماشية إلى الخارج انعكس أيضا على ارتفاع أسعار الدولار بالسوق الموازي ووصل سعر البيع ٧٧ جنيها في ختام التداولات.
وأشار المتعاملون إلى أن هناك تراجعا في نشاط الحملات الأمنية خلال هذه الأيام على تجار العملة وتوقعوا استمرار ارتفاع أسعار العملات الأجنبية خلال الأيام المقبلة خاصة مع زيادة الطلب في ظل شح المعروض من النقد الأجنبي، إضافة لإحجام المواطنين والتجار عن البيع للعملات الأجنبية أملا في مزيد من الارتفاع خلال مقبل الأيام خاصة مع عدم صدور أي قرارات حكومية تستهدف سعر الصرف أو الحصول على مساعدات مالية من الخارج حتى الآن، مشيرين لاستمرار حالة تساوي سعر النقد والبيع عبر الإجراءات المصرفية فيما بلغ سعر الريال في تداولات صباح أمس ١٩.٣٠ جنيه للشراء ١٩.٥٠ جنيه للبيع بينما بلغ سعره في ساعات النهار 20.30 جنيه للشراء و 20.50 جنيه للبيع.
وقال أحد المتعاملين فضل عدم ذكر اسمه لـ(السوداني) هناك شح كبير في المعروض من العملات الاجنبية هذه الأيام خاصة مع نشاط حركة الاستيراد ولجوء المستوردين لشراء الدولار فضلا عن الكميات الكبيرة التي يشتريها تجار العملة.
بعض المتعاملين في السوق الموازي أبلغوا “الصحيفة” أمس الجمعة أن هذا الأسبوع سيشهد قفزة جديدة في الأسعار وربما عاجد مجدداً إلى سعر الـ”77″ جنيهاً، وذلك لوجود إقبال كبير على شراء العملات الأجنبية، مع وجود شح للمعروض في السوق، إضافة إلى كثافة نشاط الاستيراد في نهاية العام، وازدياد التحويلات إلى الخارج عبر تجار السوق الموازي. وقال أحد التجار: “من الصعب التنبؤ بما سيحدث هذا الأسبوع، ولكن على الأرجح أن يعاود الدولار الصعود مجدداً”.
ويرى الخبير المصرفي د.محمد عبد الرحمن أبو شورة في حديث سابق لـ(السوداني) أن المؤشرات الاقتصادية في البلاد لم تتحسن وهي ما هي عليه.
كما أن صادرات السودان ماتزال ضعيفة، فضلا عن ما يتم تصديره في معظم الأحيان، فإن عائدات الصادر يتم تهريبها، وتابع أن إيقاف صادر الضأن إلى السعودية أيضا ربما انعكس على ارتفاع الدولار بجانب ارتفاع معدل التضخم، وتابع أن من أهم المؤثرات على تدني قيمة الجنيه التضخم، وأضاف: بنفس القدر الذي تنخفض فيه قيمة الجنيه في شراء السلع تنخفض أسعار العملات الأجنبية كما أن حساب التجار عند استيراد السلع دائما ما يكون مرتفعا بقدر كبير حيث يقومون باحتساب ما لا يقل عن ١٠٠ جنيه لتوقعاتهم المستمرة بارتفاع أسعار الدولار حتى لا يعرضون بضائعهم للخسارة، مؤكداً أهمية مراجعة معدلات التضخم والتي يتسبب فيها عجز الميزانية، وأضاف: طالما أن الحكومة تعتمد على طباعة العملة لن ينخفض الدولار، مشيرا إلى أن انعكاس التضخم أيضا في ارتفاع تكلفة الصادر وانخفاض القدرة التنافسية للسلع السودانية، مشددا على أهمية إصلاح المشكلات الهيكلية في الاقتصاد.

إيقاف الزئبق
رئيس اللجنة التمهيدية لاستعادة اتحاد صاغة وتجار الذهب محمد إبراهيم تبيدي استبعد في حديثه لـ(السوداني) تأثير إيقاف الزئبق والسيانيد على رفع سعر الدولار بالسوق الموازي، مشيرا إلى أن سعر الكيلو من الزئبق انخفض من ٢٠ إلى ١٢ ألف جنيه كما أن هناك كميات كبيرة مخزنة، من قبل الشركات مما زاد من كمية المعروض من الزئبق وتراجع سعره، مرجحا أن يكون ارتفاع أسعار الدولار نتيجة لتصريحات وزير المالية برفع الدعم خلال المرحله المقبلة.
ويقول الخبير المصرفي عثمان التوم في حديثه لـ”الصحيفة”، إنه لا بد من وضع تصور كامل للتعامل مع النقد الأجنبي من قبل الحكومة الانتقالية والاستفادة من تحويلات ومدخرات المغتربين، وتابع: من الذي يحدد سعر الصرف خاصة أن ارتفاع وانخفاض الدولار يرتبط بعوامل العرض والطلب، مشيرا إلى أن كل من يحتاج الدولار إذا لم يجده في الصرافات يلجأ إلى السوق الموازي، الأمر الذي يفاقم من مشكلة النقد الأجنبي.
ويذهب الخبير الاقتصادي محمد الناير في حديثه لـ(السوداني)، إلى أاهمية اتخاذ إجراءات تستهدف سعر الصرف، مشيراً إلى انتفاء ظاهرة البيع للدولار عن طريق الإجراءات المصرفية، مشيرا إلى أن قضية الكاش والسيولة أفرزتها قضية تحجيم السيولة التي اتبعتها الدولة منذ مطلع العام 2018، اعتقاداً منها أن بالإمكان تخفيض العملة المحلية لدى تجار العملة.

تقرير: الطيب علي

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

Exit mobile version