تحقيقات وتقارير

تحديات أمام حمدوك.. مَن يضع المتاريس؟

 

عندما أطل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في خطابه أمس الأول بمناسبة الذكرى الـ(55) لثورة أكتوبر، تزامُناً مع المواكب التي انتظمت في عددٍ من أحياء الخرطوم والولايات، خاطب بحديثٍ مُوجزٍ العديد من القضايا التي تموج بها الساحة السياسية السودانية، وتعلو بها أصوات الشارع، ولم يتوقّف عند ذلك الحَد، بل أشار أيضاً إلى أنّ هُنَاك الكثير من العوائق والعقبات التي تُحيط بأعمال السلطة الانتقالية، مُشيراً إلى أنّ بعضها وُضع عن عمد.

ومضى حمدوك ليُؤكِّد عزم حكومته على تخطي هذه الصعاب مهما تعقَّدت، وعلى تجاوز هذه العوائق مهما كبُر حجمها، وذلك بفضل التماسُك والتكاتُف من أجل العبور.
وبالنظر إلى حكم الثلاثين عاماً للنظام السابق للبلاد، تبدو تركة العوائق التي خلّفها، “تركةً” ثقيلةً تحتاج على حدِّ قوله بخطابه أمس الأول – تحتاج – لمجهودٍ مُتعاظمٍ لاستكمالها وتحقيق أهدافها كاملةً، حكومةً وشعباً، وأضاف: ما نحتاج إليه معاً هو تحويل هذا البعض لكُلٍّ تامٍ، وهذا يمكننا إنجازه بتكاتفنا جميعاً، لنقطف ثمار ما زرعناه ورعيناه وسقيناه بالدماء والدموع.

أبرز العقبات
لَعَلّ أبرز الملفات التي ورثتها الحكومة الانتقالية وتُوجب عليها أن تسعى لتحقيق اختراقٍ حقيقي فيها هي قضية السّلام التي كَانت حَاضرةً في خطابه، بقوله إنّ قضية السلام قضية محورية لحكومة الثورة، مُشيراً إلى ربطها بالانتقال الديمقراطي، كما يتم ربطها بالتطوُّر الاقتصادي.
ويأتي الوضع الاقتصادي أيضاً على رأس قائمة العقبات، إذ كان تردي هذه الأوضاع من أول أسباب اندلاع ثورة ديسمبر التي انتهت بسقوط نظام الإنقاذ.
يُذكر أنّ حمدوك أشار من قبل إلى حاجة السودان لحوالي 8 مليارات دولار خلال العامين القادمين لإعادة بناء الاقتصاد، ولتغطية الواردات، إضافةً للحاجة إلى ملياري دولار أخرى احتياطي من النقد في البنك المركزي للمُساعدة في إيقاف تدهور سعر صرف الجنيه.
إلى جانب ذلك تبرز أيضاً قضية دُيُون السودان التي تُشكِّل هي الأٌُخرى هاجساً، إذ يَتَوَجّب على الحكومة الانتقالية إيجاد حَلٍّ للديون التي تبلغ حوالي 56 مليار دولار طبقاً لإحصائيات الديون الدولية، بالإضافة إلى السعي لإزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

تناسل الأزمات
لا يبدو طريق حمدوك مفروشَاً بالورد، ويرى الكاتب الصحفي طاهر المعتصم في حديثه لـ(السوداني) أمس أنّ أول ملمح لهذه العوائق التي وُضعت عن عمدٍ ما حدث في المؤتمر الصحفي المُشترك مع وزير الخارجية الألماني، تناسل الأزمات، المواصلات التي بحسب الطاهر يرى البعض أنّ خلفها أيادٍ خفية، مُوضِّحاً أنّ بعض المصادر تُشير إلى سحب بعض شركات نقل الوقود، وأضاف: مشاكل الخُبز وعدم وصوله لبعض الأفران، المشاكل الأمنية التي تطرأ من وقتٍ لآخر كالسطو على المَتاجر، العُنف الطلابي الذي يَبدو أحد السيناريوهات القادمة، واستدل الطاهر على ذلك بما حدث في جامعة الزعيم الأزهري واندفاع طلاب الإسلاميين والمؤتمر الوطني، وأضاف: هذه كُلّها مُعيقات وُضعت في طريق حكومة الثورة.

وُجُوه الأزمة
وطبقًا لمُراقبين، فإن أبرز وجوه الأزمة الاقتصادية التي ارتبطت بشكلٍ مُباشرٍ بحياة المواطن السوداني تتمثل في: الخبز، الوقود، السيولة، وفيما شهدت الأخيرة انفراجاً كبيراً مُؤخّراً، إلا أنّ أزمة الخُبز والوقود ما زالت تشهد تذبذباً في كَثيرٍ من الأوقات، فيما اشتدت حدّتها في بعض ولايات السودان، وقد خاطب حمدوك ثالوث الأزمات هذا بقوله: إن أولويات حكومته تتمثل في تحقيق مطالب وأحلام الشعب العاجلة في إحداث الاستقرار الاقتصادي، قائلاً: هُمُوم وهواجس المُواطنين هي هُمُومنا وهواجسنا، لأننا نمثِّل الشعب ونتحمّل مسؤوليته، خَاصّةً في قضايا غلاء الأسعار، مُبيِّناً أنّ الحكومة تعمل بجدٍّ لحلها على المُستويين قصير وطويل المدى، وأنها على درايةٍ تامةٍ بمُشكلة المُواصلات، مُؤكِّداً وضع مُقترحات عملية لحل مُشكلة المواصلات سيراها الناس في مُقبل الأيام.

الدولة العميقة
المُحلِّل السياسي عبده مختار اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أمس أنّ العقبات التي تحدث عنها حمدوك بقوله إنها وُضعت عن عمدٍ، المقصود بها الدولة العَميقة والثورة المُضادة التي تحاول عرقلة دولاب العمل بالدولة، مُشيراً إلى أنّها برزت في نقل الشائعات للتأثير على روح الثورة والتغيير، وإخفاء المُستندات المطلوبة لتحقيق العدالة، وتهريب الفاسدين والتّستُّر عليهم، وإثارة الشكوك حول مدى قُدرة الحكومة الانتقالية على حل مُشكلات المُواطن عبر التركيز على ما يُثير المخاوف بأنّ الحكومة الحالية يستولى عليها الشيوعيون واليسار والعلمانيون، والقول بأن الدين الإسلامي في خطرٍ، والشريعة في مهب الريح.

فساد المؤسسات
الفساد الذي استشرى طبقًا لمحللين في مفاصل الدولة، يُعد وجهاً آخر من وجوه الأزمات التي تُحيط بأعمال الحكومة الانتقالية، وقد ابتدر حملتهُ هذه عبر جملة من الإعفاءات، وحول هذه العقبة قال حمدوك لدى خطابه: بدأنا في إزالة مظاهر التمكين من مُؤسّسات الدولة وهيئاتها. وعلى الرغم من عُمُوميات العقبات التي تبدو تركةً من النظام السابق، إلا أنّ حمدوك أشار إلى أنّ بعضها وُضع عمداً.. آراءٌ مضت للاستدلال على ذلك بـ(الدولة العميقة)، إذ يعتبر البعض أنّ أزمة المُواصلات والوقود التي استفلحت منذُ تسلُّم رئيس الوزراء حمدوك مهامهُ تبدو مُفتعلة، إلى جانب بعض الأحداث والاستقطابات السياسية والدينية التي اكتنفت الساحة مُؤخّراً وهي ما تَصنع بطبيعة الحال مَعارك في غير مُعتركٍ أمام السُّلطة الانتقالية، وتبدو بعيدةً عن مرمى أهداف ثورة ديسمبر.

تقرير : إيمان كمال الدين

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى