محمد وداعة

الكهرباء مقابل الغذاء .. كالنفط مقابل الغذاء

إبان زيارة د. حمدوك رئيس وزراء السودان الى اثيوبيا ، اطلق رئيس الوزراء الاثيوبى مصطلحاً غريباً ( الكهرباء.. مقابل الغذاء) ، و جاء هذا بعد فشل محادثات سد النهضة الثلاثية فى الخرطوم ليقرأ المصطلح ( الكهرباء و سد النهضة .. مقابل الغذاء) ، وهو حديث اشتراطي من الناحية الفنية و له دلالات سياسية استعلائية ، تعني ربما الابقاء على الاوضاع في منطقة الفشقة كما هي واستمالة السودان الى الموقف الاثيوبى فى مفاوضات سد النهضة ،مقابل امداد السودان بالكهرباء .. و هنا نذكر بما كررناه سابقاً من ان الكهرباء سلعة سياسية و سيادية تساهل النظام السابق و تغافل عن جوانبها الاستراتيجية و الامنية و رهن مستقبل صناعة الكهرباء للربط الشبكي الاثيوبي دونما وجود اتفاقية واضحة لهذا الربط ، وهو في الاصل مشروع لتبادل الطاقة و ليس استيرادها كما يحدث الآن ، جدير ذكره ان اثيوبيا اوقفت الامداد بحجة شح المياه التي بدأت تخزينها في السد ،دون اتفاق مع السودان ومصر.

بتاريخ 5 مايو عام 2012 م ، أقر السفير فوق العادة ومفوض الحكومة الاثيوبية فى السودان أبادى زامو بتبعية منطقة الفشقة الحدودية بولاية القضارف للسودان ، وأكد عدم وجود نزاع من الاساس على المنطقة بين السوان وأثيوبيا ، وقال أن أثيوبيا لم تقل في يوم من الايام أن منطقة الفشقة تتبع لها ،أو أنها جزء من أراضيها. أوردت ذلك صحيفة السوداني بتاريخ 5 مايو الجاري .

في ذلك الوقت لم تجد حكومة المؤتمر الوطني في هذا التصريح مايستحق الرد أو التعليق ، او المسارعة الى استثماره ، بالدعوة لتكوين اللجان الفنية من الجانبين بهدف وضع الامور في نصابها و على ارض الواقع . لا الخارجية ،ولا البرلمان ، ولا رئاسة الجمهورية ، و لا المساعدين ،أو حتى المتحدثين باسم الحزب الحاكم التقطت هذه المبادرة الاقرار وجعلت منه بداية انطلاق لمفاوضات تعيد أراضي الفشقة الى السودان، هذه الارض المحتلة والمحروسة بالجيش الاثيوبي و الشفتة و تستغل أراضيها من قبل المزارعين الأثيوبيين ، وفيها ما يقارب العشرين مشروعاً زراعياً كبيراً، و ضاعت استدعاءات النائب المستقل فى البرلمان السابق مبارك النور للمسؤولين ادراج الرياح ، كما لم يستمع احد لتحذيرات كاتب هذه السطورة من خطورة الوضع فى الفشقة .

لاشك أن ما بين البلدين من مصالح مشتركة وعلاقات جوار ، ضاربة في التاريخ ، يجعل من ايجاد فرص التعايش السلمي وعلاقات حسن الجوار حالة نموذجية ، لما يجب أن يكون عليه الحال بين الدول، خاصة اذا تمت قراءة ايجابية للدور الاثيوبي في الشأن السوداني، وذلك برعايتها للمفاوضات بين السودان وجنوب السودان ، وعبر الاتحاد الافريقي، ووجود القوات الاثيوبية في أبي ، و الدور المشهود لرئيس الوزراء ابي احمد في الوساطة بين قوى الحرية و التغيير و المجلس العسكري وهو امر يجد تقدير كل السودانيين ، ويوجب رد التحية باحسن منها ، و لكنه قطعاً لا يعني التفريط في المصالح العليا للبلاد.

منذ العام 1957 وحتى الآن ظلت قضية ترسيم الحدود بين البلدين تراوح مكانها على الرغم من اعتراف الجانب الأثيوبي بحدود 1902 ، و برتوكول الحدود للعام 1903 وأحقية السودان بأراضي الفشقة ، و تلى ذلك التأكيد على سودانيتها في اتفاقية 1972 م ، و هي محتلة بنسبة 90% و إن حوالي 600 ألف فدان هي المساحة المستغلة من جانب المزارعين الأثيوبيين ، و أن هنالك قرابة المائة ألف فدان من الأراضي تستزرع بواسطة الأثيوبيين أيضاً، أن الإخوة الإثيوبيين مقرين بأحقية السودان بأراضي الفشقة و لا يوجد نزاع ، لذا لابد للحكومة الانتقالية من الإسراع في إكمال عملية ترسيم الحدود ، ولا ضير بعد ذلك من اعتبار الاستثمارات الإثيوبية، استثمارات أجنبية تخضع لقانون الاستثمار و القوانين السودانية ذات الصلة.

على ذلك فان شعار (الكهرباء .. مقابل الغذاء) مرفوض تماماً، وعلى الحكومة السودانية ان تستعجل اقامة مشاريع الطاقة الكهربائية و ان لا تعتمد فى هذه السلعة الاستراتيجية على اي جهة اجنبية ، وان يتم تبادل الطاقة بين البلدين كما خطط له دون اسراف في الاماني الفارغة و التي ترهن سيادة البلاد كما كان يخطط له ، خاصة وان السودان كان يسدد قيمة الكهرباء الاثيوبية من المنتجات النفطية السودانية.
كان وهماً و خطأ لا يغتفر اعتماد النظام المقبور في خططه لامداد الكهرباء ان ينتظر من اثيوبيا مده بحوالي 2500 ميقاواط ، تعادل اجمالي انتاج الكهرباء في البلاد حالياً.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى