تحقيقات وتقارير

أسرة الشهيد (قصي) تكشف تفاصيل موت ابنها

في حي (جبرة) الشعبي، جنوب العاصمة الخرطوم، نصبت أسرة البصيلي، يومي الخميس والجمعة، خيمة ضخمة لتلقي العزاء في ابنها قُصي حمدتو البصيلي (٢٣ عاما) الذي أعلنت وفاته قبل أيام في السودان، بعد ٤ أشهر من فقدانه ضمن أكثر من عشرين آخرين فقدوا في عملية فض (الاعتصام) الدامية من أمام مركز القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو الماضي.

وكانت قوى الحرية والتغيير التي قادت الثورة الشعبية في السودان، حملت في السابق المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية فض الاعتصام، الذي انعقد في السادس من أبريل/نيسان للإطاحة بنظام عمر البشير، بينما قال المجلس إنه لم يصدر أمراً بالفض.

ومنذ أغسطس الماضي أصبح المجلس العسكري شريكاً لقوى الحرية والتغيير في حكم انتقالي مدته ٣٩ شهراً، تعقبه انتخابات عامة في البلاد.

إجراءات قانونية لمحاكمة الجناة
وأكدت أسرة قُصي حمدتو أنها ستحرك إجراءات قانونية لمعرفة الجناة قانوناً، وقال يوسف سليمان البصيلي، عم قصي للعربية.نت إن الأسرة ستتحرك إلى العدالة بشكل جماعي مع بقية أسر المفقودين، وستستنفر لذلك الرأي العام المحلي والإقليمي.

وتزامن إعلان وفاة قُصي حمدتو مع الإعلان عن دفن ثلاثة جثث لمفقودين آخرين، لكن السلطات لم تتعرف على ذويهم بعد حفظ الجثث طويلاً في مشرحة بشائر بالخرطوم.

وتعد الجثث الأربعة المعلن عنها قبل أيام (الأربعاء) بمثابة الفوج الأول من ٢٢ مفقوداً أعلنت عنهم (مبادرة مفقود) (غير حكومية) في 5 سبتمبر/أيلول الماضي، وقالت إن ١٠ منهم فقدوا في عملية فض الاعتصام.

تواطؤ في إخفاء الجثث
وتعليقاً على هذا الملف الذي يؤرق العديد من العائلات السودانية، اتهمت المتطوعة فادية خلف التي بدت متحمسة لفك غموض المفقودين، كلا من النيابة العامة والمشارح بالتواطؤ في “إخفاء الجثث لأربعة أشهر” وقالت الجمعة إن تجربة البحث عن قصي حمدتو أثبتت التواطؤ، حيث عادة ما ترد إدارات المشارح بأنه “لا توجد جثث” أو أن الجثث الموجودة “لأشخاص ماتوا في حوادث سير”.

إبعاد الجسد/الجثة عن السياسة
ومنذ سنوات يقود الأكاديمي السوداني البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، دعوة لإبعاد الجسد/الجثة عن السياسة في السودان. ويرى أستاذ التاريخ بجامعة ميسوري بالولايات المتحدة الأميركية، أن السياسة في السودان جعلت من ممارسيها هدفاً للموت واختفاء الأثر، ومن ذلك اختفاء قبور سياسيين كبار مثل سكرتير الحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب (1971)، والمفكر محمود محمد طه (1983)، و28 ضابطاً من الجيش أعدمهم عمر البشير في شهر رمضان من العام 1992، في أول محاولة انقلابية جرت ضده، ولا يعرف أحد أين قبورهم.

انتشلت من الماء مكبلة
إلى ذلك، قال يوسف البصيلي إن أسرتهم محظوظة مقارنة ببقية أسر المفقودين الآخرين، لأنها “وجدت جثة ابنها في نهاية الأمر”.

كما كشف أن التقرير الطبي للجثة أوضح أنها انتشلت من غرق في الماء وهي مكبلة من الأرجل ومربوط عليها الطوب، ووجدت بها إصابة بطلق ناري من الأمام، وأن الجثة متوفاة قبل الغرق.

يذكر أن وزارة الصحة السودانية كانت أعلنت وقتها أن ٦١ شخصاً قتلوا خلال عملية فض الاعتصام، لكن قوى الحرية والتغيير شككت في العدد، وقالت إن القتلى عددهم ١٢٨ قتيلاً.

وأعلن المجلس السيادي الانتقالي الأسبوع الماضي عن تكوين لجنة مشتركة تضم جهاز المخابرات العامة السوداني، وأسر مفقودين، والشرطة، ومبادرة مفقود، ووزارة الصحة، ومحامين، للبحث عن مفقودي حادثة فض الاعتصام، ومن المنتظر أن ترفع اللجنة تقريرها النهائي في غضون عشرين يوماً من الآن.

لا بد من ضحايا
وطبقاً لأسرة قُصي حمدتو فإنه كان يعتاد أن يقضي كل ساعات يومه في ساحة الاعتصام.

وقال يوسف البصيلي، بينما نحن في خيمة العزاء: “في الليلة الأخيرة من شهر رمضان، عرفت بإرهاصات فض الاعتصام، فأبلغت قُصي بها وناقشته، وطلبت منه المجيء إلى البيت، لكنه رفض وقال: لابد من ضحايا من أجل البلاد”.

تقرير : يوسف حمد

الخرطوم (العربية نت)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى