تحقيقات وتقارير

الوطني بعد السقوط .. مستقبل يكتنفه الغموض

 

رئيس حزب المؤتمر الوطني المكلف إبراهيم غندور ظهر في السوشيال ميديا بخطاب تصالحي فيه احترام وتقدير كبيران خاصة عندما أشار إلى الحكومة الانتقالية، وقال إن العمل العام لا يحتاج لـ(طالعني الخلاء).. وتزامن ذلك مع إطلاق السلطات الأمنية سراح رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق الفريق عماد عدوي والفريق أمن محمد مختار، والقيادي الإسلامي أسامة عبد الله، بعد حملة اعتقالات واسعة على رموز نظام المخلوع وعدد من الضباط في الجيش والأمن على خلفية المحاولة الانقلابية.. لتدور التساؤلات حول مستقبل الوطني على خلفية لغة غندور التصالحية ووجود قيادات من الوطني داخل السجون وأخرى خارج البلاد؟

تشجيع السلطات
لغة غندور التصالحية اعتبرها البعض (بَنْجَاً) لا بد منه لإجراء عملية الإصلاح داخل حزبه وممارسة نشاطه في الهواء الطلق، وهو ما رفضه بعض قياداته التي تميل إلى المواجهة.. بيد أن كثيرين اعتبروا الأمر مرتبطاً إلى حد بعيد بمحاولة غندور تقليل الخناق عن بقية رموز النظام الموجودة في السودان أو داخل المعتقلات، وأنه بهذه العبارات ربما يشجع السلطات على إطلاق سراح البقية.
بعد انتهاء نظام حكم البشير بفضل ثورة ديسمبر المجيدة خرجت قيادات حزب المؤتمر الوطني إلى الخارج، أبرزهم شقيقه عباس البشير – على الرغم من عدم ثبوت انتساب العباس للمؤتمر الوطني – حتى أن رئيس المجلس العسكري وقتها عبد الفتاح البرهان قال إنه لا يعلم كيف خرج في الوقت الذي كان الجميع يظنه داخل سجن كوبر الذي لم يدخله أصلاً.
العباس ليس الوحيد الذي خرج من السودان متخفياً، كذلك رئيس القطاع السياسي عبد الرحمن الخضر أيضاً غادر إلى دولة مجاورة براً بعد اتهامه بقضايا فساد من قبل منظمة زيرو فساد.
تقارير إعلامية نقلت مغادرة مساعد البشير فيصل حسن إلى دولة تشاد قبل مغادرته إلى تركيا، وهروب القيادي عبد السخي عباس إلى كندا التي قيل إنه يحتفظ بجنسيتها. وكذلك مدير جهاز المخابرات العامة صلاح عبد الله قوش هرب إلى القاهرة، ومنها إلى دولة أخرى بعد الاحتجاجات التي شهدتها مصر مؤخراً.

رفض التغيير
بعد سقوط حكومة المخلوع أصبح كثيرٌ من أعضاء حزب المؤتمر الوطني بعيدين عن حزبهم ولا يعرفون كيف يسير وإلى أين سيستقر به الحال. وظهر غندور في المشهد وأجرى تعديلات اعتبرها ضرورية لضخ الدم في شرايين الحزب لإخراجه من حالة العزلة التي أصابته بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، إلا أن بعضهم أعلن صراحة رفضهم للتغيير الذي تم، واعتبروا الخطوة غير صحيحة، وكان الأوفق أن تتم عبر مؤتمر عام للحزب ويقرر هل يتم تشكيل تنظيم جديد مثلاً أم يتم تغيير الاسم، وقالوا إن ما تم آراء فردية هم ليسوا شركاء فيها.

إرجاء المواجهات
القيادي بحزب المؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين، أكد في حديثه لـ(السوداني)، أن قيادة حزبه الآن عند رئيسه المكلف إبراهيم غندور، وقال: “الآن لا مانع أن يمارس نشاطه، لكن الظروف المعروفة جعلته يقرر أن يعيد نفسه وتتماسك عضويته”، وأضاف: “كما أننا لا نريد الدخول في مواجهات في الوقت الراهن”.
الحسن أكد أن حزب المؤتمر الوطني سيظهر في الوقت المناسب، وقال: “في ظل الدعوة للحرية ويمكن أن يمارس الحزب نشاطه بالقانون”، وأضاف: “حال وجود أي تصور لحرمان الناس من ممارسة نشاطهم سنقاومه بالقانون”، وزاد: “ومن حقنا أن ننال الحرية وممارسة النشاط والتوجه الفردي”.
ويرى الحسن أن هناك مجموعة تسيطر الآن على الشارع، لكن المواطن هو الذي يحدد من الذي يريده عبر الانتخابات، مشيراً إلى أن حزبه ما يزال مقبولاً لدى المواطنين والحديث عن رفضهم لوجود حزب المؤتمر الوطني (كلام ساي)، ووصف الحديث عن وجود خلافات داخل حزبه بالكاذب ولا أساس له من الصحة.

غضب الشارع
الخبير القانوني نبيل أديب، أكد في حديثه لـ(السوداني) أن الشارع السوداني يريد المحاسبة للفاسدين وليس اعتقالهم ومن ثم إطلاق سراحهم، وقال: “لا بد من إجراء تحقيقات حول قضايا الفساد الكبيرة التي حدثت في عهد المخلوع”.
أديب أكد أن حزب المؤتمر الوطني ارتكب مخالفات موجودة ولا تحتاج لدليل، مشيراً إلى مقر الحزب الذي لا توجد له ميزانية شفافه وتلقيه دعماً من دولة أجنبية لبنائه، وقال: “يجب أن تتم محاسبتهم فورا”، وطالب بملاحقة قياداته بالخارج المتورطين في قضايا جنائية.
نبيل أكد أن محاكمة البشير أغضبت الشارع السوداني لأن المحاكمة لا تتم للجرائم الكبيرة التي ارتكبها في حق المواطن السوداني، وأضاف: “هناك قضايا أهم يجب أن يحاسب عليها من بينها القصاص”.

رياح متحركة
عضو القطاع السياسي السابق بـ”الوطني” ربيع عبدالعاطي يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن ما يحدث الآن كأنما يعيد التاريخ نفسه، وقال: “ما يحدث للمؤتمر الوطني الآن سبق أن حدث لأحزاب في فترة سابقة”، وأضاف: “يجب التركيز على الفكرة، لأن الحركة الإسلامية ليست مقيده بأشخاص والمراحل لا تُحدد المستقبل، ما تُحددها هي الفكرة”، مشيراً إلى أنه سبق وأن تم اعتقال حسن الترابي وغيره من القيادات وآخرين سافروا إلى الخارج.
ربيع قال: “التغييرات الحالية حدثت في الماضي”، مؤكداً أن ما يحدث الآن لحزب المؤتمر الوطني لا يعني بأي حال توقفه بل هي مظاهر للاستمرار، مستدركا: “لا ندري كيف ستكون النتائج”، مشيراً إلى أنه بعد 1986م كانت كل كوادر الحركة الإسلامية بالسجون على الرغم من أنهم كانوا آخر من شاركوا المشير جعفر نميري الذي انقلب عليهم، وكذلك في جبهة الميثاق الإسلامي هم أول ناس دخلوا السجن.
وبرر الهجوم على حزبه بأنه ليس مستبعداً لأنه سبق الهجوم على الحزب الشيوعي، والمجزرة التي تم ارتكابها في الحزب الشيوعي الذي يمارس الآن عمله، وقال: “السياسة كما الرياح المتحركة وقبول ورفض وجود حزب المؤتمر الوطني لا يمكن الحكم عليه الآن لأنه لا ندري ماذا يحدث غداً؟”، وقال: “التاريخ يُعيد نفسه”.
وجدد رفضه لمستقبل حزب أو حركة بموت أو غياب أحد، وقال: “لا يمكن أن يحكم على حركة أو جسم بموت أحد”، وأضاف: “الأفكار لا تموت بدليل وجود الفكر الشيوعي”.

تقرير : وجدان طلحة

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى