تحقيقات وتقارير

تظاهرات نيالا.. موعد مع الرصاص و(الـــــدوشـــــكا) !!

احتجاجات واسعة ليومين متتاليين ظلت تشهدها مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، وحالة من الشد والجذب بين الشرطة وطلاب المدارس الذين خرجوا ولم يجدوا الخبز لتناوله في وجبة الإفطار الأمر الذي دفعهم إلى الاحتجاجات التي واجهتها الشرطة بالعنف عبر إطلاق الأعيرة النارية بصورة عشوائية، فضلاً عن استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق جموع المتظاهرين الذين يحاولون الوصول إلى أمانة الحكومة، لتسليم مذكرة للوالي المكلف اللواء ركن هاشم خالد محمود .

كر وفر
وشهدت عدد من أحياء المدينة حالة كر وفر بين الطلاب المتظاهرين، الذين انضمت إليهم مجموعات من المواطنين بأحيائهم تندد بعجز الوالي عن معالجة معاش الناس وتوفير الأمن وتصاعدت أعمدة الدخان في عدد من الأحياء في الطرقات الرئيسة، وأضرم المحتجون النار في إطارات السيارات وأغلقوا الكثير من الطرق بالمدينة مما دفع بلجنة أمن الولاية لتعزيز انتشار الشرطة في تلك الطرق.

الثورة المضادة
ويرى عدد من المواطنين ان هناك أسباباً منطقية وغير منطقية لتصاعد وتيرة الأحداث بالولاية، وخاصة في مدنية نيالا وفى هذا الشأن يقول الناطق الرسمى باسم تجمع المهنيين بالولاية، نور الدين بريمة، لـ(الانتباهة) إن الأسباب غير المنطقية هي تباطؤ الوالى فى معالجة التفلتات الأمنية ووضع حد لانتشار السلاح او انه متواطئ مع الدولة العميقة . والأسباب المنطقية أن الاوضاع المعيشية بصورة عامة سواء أكانت فى توفير الخبز او المواصلات والوقود وغيرها من ضروريات الحياة كانت السبب الرئيس فى ذلك فضلاً عن التفلتات الأمنية الداخلية التى شهدتها المدينة وراح ضحيتها عدد من الشباب، بجانب ما حدث في مناطق (ميرشنج وقريضة ورجاج ) وهذه تعتبر أسباباً منطقية . وأضاف بريمة ان من الأسباب غير المنطقية استغلال بقايا النظام البائد والمؤتمر الشعبى لهذه الاحتجاجات وتوجيهها فى مسار إجهاض الثورة، وهى ما تعرف بالثورة المضادة، وغير المنطقى أن تتعامل القوات النظامية مع الاحتجاجات بهذه الوحشية التى لا تمت للكرامة الانسانية بصلة، مما أدى إلى أن يرشق المتظاهرون قوات الشرطة بالحجارة.

استمرار الاحتجاجات
ورهن المتحدث باسم تجمع المهنيين نورالدين بريمة، وقف الاحتجاجات أو استمرارها بتعامل الحكومة معها إذا أحسنت إدارة هذه الأزمة ستتوقف و إذا لم تحسنها ستستمر الاحتجاجات، وسينضم إليها مواطنو الولاية، وتابع (المتتبع لوضع الولاية منذ تعيين الوالى المكلف اللواء ركن هاشم خالد محمود وحتى الآن يلاحظ أن الوالى غير راغب فى معالجة هذه المشكلات، وخاصة إننا في قوى إعلان الحرية والتغيير رفعنا العديد من المذكرات المطلبية ولدينا معه اجتماعات راتبة لكنها لم تحقق شيئاً على أرض الواقع .
من جانبه قال الناطق باسم مجموعة (معنا للتغيير) بالولاية الصادق محمد عثمان إن جهاز الأمن (المخابرات العامة) ما زال يسيطر على مفاصل الحكم ومعاش الناس بالولاية، واعتبر أن أزمة الوقود والدقيق مفتعلة من قبل حكومة الولاية لصرف نظر وانتباه المركز عن القضايا الأمنية بالولاية، فالوالى لا يستطيع التحرك فى شيء الا بتوجيهات من مدير الجهاز – على حد زعمه – وأضاف عبدالله أن الاحتجاجات سوف تستمر بالولاية وهناك دعوه لوقفة احتجاجية اليوم، تطالب باقالة الوالي لتقصيره فى إدارة شؤون الولاية وستقام هذه الوقفة فى جميع انحاء ولايات دارفور الخمس فى نفس التوقيت حتى نؤكد لحكومة المركز مطلبنا الأساسي هو وضع حد لهذه الانفلاتات حتى لا تعود دارفور إلى مربع الحرب، وسوف يشارك فى الموكب مجموعات ضغط وكل النشطاء وهناك تنسيق كامل مع مجموعات أخرى بالخرطوم.

في قفص الاتهام
ويقول نور الدين بريمة من تجمع المهنيين بالولاية، من المؤسف جداً واكثر ما يثير غضب مواطن الولاية ان كثيراً من قيادات المؤتمر الوطنى تدير دفة الحكم بالولاية بدءاً من مدير مكتب الوالي وأمين عام الحكومة والمديرين التنفيذيين ومديري العموم بالوزارات وغيرهم من القيادات الأمنية والشرطية والاقتصاديين، وهذا ما دفع شركاء التغيير للمطالبة باقالة الوالي .

الأزمة في الوالي
من جانبه قال المتحدث باسم التجمع الوطنى عبدالله سولارا، إن الأحداث هي نتاج لافرازات ازمة موجودة والوالى نفسه جزء من الأزمة، لأنه ظل يعتمد فى إدارة الولاية بنفس (الاصطاف) القديم للوالى السابق . ورفض تصرف الوالى لسحبه رقابة الاستخبارات العسكرية بالولاية من محطات الوقود والإشراف على عملية توزيع الدقيق وإرجاع الأمر للأمن الاقتصادى، وقال سولارا إن خروج الطلاب فى مسيرات احتجاجية تلقائية ولكن هناك من اراد استغلالها، بينما يرى ان موكب غداً ليس له علاقة البتة بهذه الاحتجاجات بل هو جاء من اجل التضامن مع ضحايا العنف والقتل والتعذيب الذي حدث بالمدينة وبعض محليات الولاية، وهى تشمل ولايات دارفور الخمس وقال الموكب قائم حسب الجدولة والاهم فى الامر هو سلميته ليس فيه متاريس بل هى وقفة احتجاجية نطالب من السلطات حمايتها حتى يتم تلاوة البيان الذى يطالب باقالة الوالى ووضع حد لهذه التفلتات حتى لا تنجر الولاية لمربع الصراعات وتسليم الوالى هذه المذكرة.

لا خسائر في الأرواح
وعلى الرغم من الاستخدام المفرط فى الاعيرة النارية بصورة عشوائية، إلا أن عدد الإصابات لم يتجاوز الثلاث حالات وتم نقلهم لمستشفى نيالا لتلقى العلاج، وحسب ادارة المستشفى انه لم يتم تسجيل حالة وفاة بالمستشفى وفى ذات الاتجاه شهد معسكر (عطاش) للنازحين احتجاجات واسعة داخل المعسكر ادت الى أحداث تخريب فى المؤسسات وثلاث مدارس بالكامل ونهبها، فضلاً عن تخريب مجمعات التغذية وبعض المراكز العلاجية دون حدوث خسائر فى الارواح.

(لعلعة الدوشكا)
بالمقابل سارع تجمع المهنيين باخراج بيان يدين من خلاله استخدام العنف ضد المحتجين العزل في نيالا، وذكر من خلاله ان المئات من طلاب المدارس الثانوية خرجوا لليوم الثاني توالياً، واتجهوا إلى شارع قيادة الفرقة الـ16 مشاة إلى أن وصلوا لبيت الضيافة مقر إقامة الوالي المكلف اللواء هاشم خالد محمود، مطالبين بتوفير الخبز في المدينة فوراً كما طالبوا بعدم تلاعب الأجهزة الأمنية في توزيع الدقيق والوقود بالمدينة مستقبلاً .

وأشار البيان بحسب موقع صفحة تجمع المهنيين في الفيس بوك امس، أن نيالا شهدت صباح السبت تظاهرات طلابية ضخمة بكل الشوارع احتجاجاً على النقص الحاد في الخبز، مع زيادة أسعاره وندرة في المواصلات، قابلتهم الأجهزة الشرطية بالغاز المسيل للدموع مع الرصاص الحي من مدافع (الدوشكا )، واكد التجمع ان جماهير الشعب السوداني عندما خرجت في ثورة ديسمبر المجيدة كان خروجها من أجل الحرية، السلام والعدالة فحق التعبير السلمي قد انتزع انتزاعاً بالمواكب والتظاهرات السلمية، وسقط في سبيلها الشهداء الكرام، فلا الوالي المكلف ولا غيره لهم الحق في انتزاع هذا الحق، وتابع البيان ( نحن في تجمع المهنيين إذ ندين هذا السلوك الذي يمثل تركة النظام البائد نحذر من تأخير تعيين الولاة المدنيين الذين يمثلون الثورة وتطلعاتها، ونطالب بالتحقيق الفوري ومحاسبة المسؤولين عن الأحداث الدامية إذ لا يمكن السماح بأن تستمر سياسة الإفلات من العقاب في ظل الحكومة المدنية ).
ويبدو الخوف من تكرار مجزرة القيادة وما تلاها من مجزرة الأبيض حاضراً والأخيرة راح ضحيتها طلاب مدارس، بينما وجه المقارنة أن من خرج في تظاهرات أمس الأول وأمس هم أيضاً طلاب المدارس .وتبدو الحكومة المركزية حالياً في موقف لا تحسد عليه أمام خيارات المواكب والتظاهرات التي انتظمت ولايات مختلفة وستتكرر اليوم في كل ولايات دارفور، للمطالبة بإقالة الولاة العساكر فهل سيتم الإطاحة بهم ثمناً للتهدئة ؟.

تقرير :عبدالرحمن ابراهيم

الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى