تحقيقات وتقارير

(أنا حي أنقذوني).. مفقودو القيادة العامة هل يجدهم دمبلاب؟

فجر الثالث من يونيو استيقظت الحاجة عائشة وهي مقبوضة القلب، معتزمة أن تؤدي صلاتها لتواصل صيامها لليوم التاسع و العشرين، لتسمع ضجيج في الغرفة المجاورة وطرقت عليها عدت مرات إلا أن ابنتها لم تعرها اهتماماً مما جعلها تدفع الباب بالقوة لترد عليها ابنتها وهي مبللة بالدموع (فضوا الاعتصام، قتلوهم يمه).

جلست الحاجة عائشة على السرير المجاور وأمسكت بهاتف ابنتها محاولة أن تصل إلى ابنها الذي كان بمقر الاعتصام منذ السادس من أبريل، إلا أن هاتفه مغلق حتى الآن دون الوصول اليه.

اختفاء قسري

الصدمة لم تكن على الحاجة عائشة وحدها بل عمت كل ارض النيلين بارتقاء شهداء وإصابة آخرين، وكانت الصدمة في وجود مفقودين لم تعرف أماكنهم ولم يتم الوصول اليهم حتى الآن، وبدأت المبادرة حول ايجاد فقيد، بطباعة منشورات عليها صورة مكتوب عليها (أنا حي افقدوني) في يوليو الماضي.

كشف تجمع المهنيين السودانيين عن اختفاء قسري لمئات المواطنين، في أعقاب أحداث فض اعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم في 3 يونيو المنصرم. في الثامن من اغسطس الماضي أعلن تجمع المهنيين عن العثور على (40) مفقوداً منذ فض اعتصام القيادة العامة، من أصل (100) بالمستشفيات والمشارح المختلفة.

وقال حينها عضو لجنة المفقودين، مصعب أحمد عبد الله في مؤتمر صحفي: (لدينا أكثر من 100 حالة مسجلة لمفقودين، وجدت 40 حالة منهم في المستشفيات والمشارح، بينهم 3 حالات وفاة).

وأوضح أن مبادرة المفقودين (تضم أطباء ومحامين وأطباء نفسيين ومعالجين، وشركاء من منظمات المجتمع المدني ومتطوعين)، لمتابعة قضية المفقودين والمعالجات اللازمة لها.

وأشار عبد الله إلى أن أكبر مشكلة تواجههم هي وجود دار للمفقودين الذين عثر عليهم حتى تسهل مهمة العلاج والرعاية الصحية والتواصل مع هؤلاء المتأثرين بفض الاعتصام.

من جانبها أعلنت في وقتها المحامية نون كشكوش تدشين حملة لمفقودي اعتصام القيادة العامة تصادف اليوم العالمي للمختفين قسرياً في 30 أغسطس الجاري، مشيرة إلى أن عدد المفقودين غير محصور بشكل كامل ونهائي، وأضافت أن النيابة العامة تجاوبت مع طلب المحامين بحصر عدد بلاغات المفقودين لدى النيابة والشرطة.

دمبلاب مع السيادي

قبل ايام ضجت الاسافير بالاعلان عن اجتماع سيعقده عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي سليمان، مع مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أمن أبوبكر دمبلاب، حيث تطرق اللقاء إلى إجراءات وخطوات جهاز المخابرات لحل قضية مفقودي أحداث فض اعتصام القيادة العامة وما بعدها.

و تمخض الاجتماع باعلان مسؤول ملف المفقودين وعضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان أنه إتفق مع مدير جهاز المخابرات الفريق أول أبوبكر دمبلاب على تكوين لجنة مشتركة لبحث قضية المفقودين من فض إعتصام المدنيين امام القيادة العامة.

واوضح عضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان أن اللقاء قرر تكوين لجنة مشتركة للبحث عن المفقودين تضم في عضويتها (جهاز المخابرات العامة، وقوات الشرطة، ووزارة الصحة، ومبادرة مفقود، ومحامين، وقضاة، وممثلين للاستخبارات العسكرية، وأعضاء من النيابة العامة وممثلين لأسر المفقودين)، على أن تستعين اللجنة بمن تراه مناسباً.

وقال سليمان إن اللجنة سترفع تقريرها النهائي بعد شهر من صدور قرار تكوينها أمام مجلس السيادة، وطالب الفكي بالعمل المشترك بين جهاز المخابرات العامة وباقي المؤسسات الحكومية لحل قضية المفقودين، بما يُسهم في إنهاء حالة القطيعة التي تسبّب فيها النظام البائد بين المواطنين والأجهزة الأمنية. من جانبه قال مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أمن أبوبكر دمبلاب، إن قضية المفقودين قضية إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون قضية أمنية وسياسية. وأضاف دمبلاب : “المجتمع السوداني غير معتاد على مثل تلك القضايا وهي دخيلة عليه، ويجب معالجتها على الفور، وتقديم الضالعين في تلك القضايا إلى المحاكمة العادلة والشفافة.

وأكد دمبلاب أن الجهاز يسعى لجمع المعلومات الأولية عن وقائع اختفاء المفقودين، ويجري اتصالاته مع جميع الجهات المختصة لحل القضية بصورة نهائية.

ونوه إلى أن جهاز المخابرات العامة على أتمّ الاستعداد للتعاون مع الجهات كافة بما يخدم القضية. وطبقا لإحصائيات مصادر طبية فإن عدد المفقودين في الوقت الراهن حوالي 22 شخص منذ فض إعتصام القيادة.

 المشارح والشوارع

القيادية بمبادرة مفقود فادية خلف ذهبت في حديثها لـ(تاسيتي نيوز) إلى أن المبادرة بدأت بحصر (100) بلاغ عن المفقودين، و انها توصلت الى (40) منهم في المستشفيات باصابات مختلفة، و (10) حالات مختلفة، مؤكدة انه منذ يونيو وحتى الان هناك بلاغ لـ(21) مفقود.

وأكدت فادية أن الحملات الميدانية مستمرة بالبحث في المشارح و المستشفيات و نشر صور المفقودين و لصقها، كاشفة عن اقامتهم وقفات احتجاجية أمام وزارة العدل ومكتب النائب العام وتجمع المهنيين السودانيين و الادلة الجنائية، مضيفة انهم رفعوا مذكرات احداهما للنائب العام ومفوضية حقوق الانسان.

في وقت يذهب فيه عضو مبادرة مفقود يحي حسين في حديثه لـ(تاسيتي نيوز) الى أنهم وجدوا بعض المفقودين بالمشارح وآخرين تائهين في الشوارع فاقدين للذاكرة و عليهم علامات تعذيب. وأكد يحي أن عدد الذين ما يزالون مفقودين (21)مفقود، (10) منهم منذ فض الاعتصام، و (11) منذ اندلاع الثورة، مشيراً إلى أن الأرقام احصائية منذ انطلاقة المبادرة في 8 يونيو و آخر تحديث للمبادرة في 15 سبتمبر الجاري.

تقرير : مشاعر أحمد

الخرطوم (تاسيتي نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى