حوارات

سفير بريطاني بالخرطوم “حمدوك يفضل أن تكون محاكمة البشير في السودان””

جلست (السوداني) مع السفير البريطاني بالخرطوم عرفان صديق؛ لأكثر من ساعة. فبريطانيا تلعب أدواراً كبيرة في الملف السوداني وتمسك بالعديد من خيوط اللعبة السياسية في المنطقة عموماً.. هو كان داعماً للثورة والتغيير في السودان؛ وقال إن بسبب موقفه الداعم للثورة كان هناك تخطيط لطرده من الخرطوم.. تسليم البشير للجنائية ورفع السودان من قائمة الإرهاب وملف السلام؛ والعديد من الملفات التي تشغل الساحة السياسية والشارع طرحناها على طاولته، فكان صريحاً وبلا قيود.. معاً لتفاصيل الحوار:

  • سعادة السفير؛ كثيراً ما قدمت بريطانيا الوعود؛ أنه في حالة شهد السودان تحولاً ديمقراطياً، أنها ستدعم الحكومة المدنية والشعب السوداني.. ماذا يمكن أن تفعل بريطانيا حيال رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
    هذه لحظات تاريخية للسودان، ومن هنا أحيي كل الشعب السوداني على هذه الإنجازات.. في الواقع هذه الفترة بعد سقوط النظام حتى تشكيل الحكومة المدنية الحالية؛ كانت صعبة بالنسبة لكل التحديات والتطورات، وأعتقد أن الصبر والإصرار من الشعب السوداني كان سبب النجاح في تشكيل الحكومة، الآن نحن في فترة جديدة؛ فترة تنفيذ الأولويات والسياسات من قبل الحكومة المدنية؛ وأعتقد أن أهم شيء في هذه الفترة هو الوعي بواقعية الوضع، وأكيد أن هناك توقعات هائلة وكبيرة من الشعب عن المستقبل الجديد؛ مستقبل أكثر نجاحاً وبناءً مثمراً؛ لكن في الواقع كان هناك حكم استبدادي وديكتاتوري طوال (30) سنة؛ وتأثيرات ونتائج ذلك لا يمكن أن تحل خلال أيام. كان هناك رفع للعقوبات الأمريكية الاقتصادية في سنة 2017، والآن أمر رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يعتبر خطوة أساسية مهمة لتطبيع العلاقات الاقتصادية الدولية؛ وهذا لن يكون سهلاً؛ حتى لو كان هناك موقف مساعد وداعم جداً من الدول الغربية للحكومة المدنية السودانية الجديدة، لأن هذا القرار في الآخر قرار أمريكي؛ من قبل الحكومة والكونجرس الأمريكي، كلنا نستطيع أن نؤثر وننفذ على الأمريكان في هذا الصدد، ولكن على حسب علمي أنهم لن يسعوا للقرار، فحتى الآن هم يريدون أن يشاهدوا التحسينات والتغيير في الوضع؛ نعم هنا حكومة مدنية لكن لا بد أن يتم تغيير في بعض القوانين والسياسات والحريات العامة وحرية الإعلام..
  • وملف السلام؟!
    السلام أمر مؤقت قليلاً، لأن المعني به ليس طرفاً واحداً فقط؛ بل طرفين.
    لكن السياسات الداخلية؛ هي مسؤولية الحكومة، يمكن أن تصدر قرارات جديدة، خاصة لأشياء مثل “حريات الإعلام، حريات التعبير، حريات حق التجمع، حريات الأقليات، حريات الدين” أيضاًُ هناك حريات التجول في البلد، أيضاً إمكانية وجود المنظمات الدولية في البلد لتوفير الإغاثة، كل هذه الأشياء كانت عبارة عن مشكلات في الماضي.. معالجة هذه الإشكالات تكون خطوات لبناء الثقة بين المجتمع والدولة وخاصة الحكومة الأمريكية وبين الحكومة الجديدة، وعندما تنفذ هذه الأشياء تكون هناك حجة أكثر قوة..
  • عفواً لهذه المقاطعة، لكن العقوبات في الأساس قامت على أن النظام السابق كان إرهابياً ودعم الإرهاب من لدن بن لادن والقاعدة وكارلوس، والتهديد بداعش والمتطرفين وفتح المنابر لهم. هذا النظام الإرهابي قد سقط، وهذه العقوبات لم يكتوِ منها النظام المخلوع بل ساعدته كثيراً في نهب أموال وخيرات البلاد، بينما اكتوى بالعقوبات الشعب السوداني كثيراً؛ فلم يستفد من التسهيلات والقروض الدولية ومن البنك الدولي؛ بالإضافة لحظر التحويلات المالية والبنكية، وحتى حظر المنتجات والتقنيات الطبية والعلاج والسفر للخارج. ألا تعتقد أن هذا الشعب آن له أن يعود في المنظومة الدولية بعد ثورته على النظام المخلوع، وهذا أمر أخلاقي في المقام الأول؟
    لا خلاف على ذلك، لكن هناك فرقاً بين موقف المجتمع الدولي وموقف الحكومة الأمريكية، فالمجتمع الدولي ليس مسؤولاً عن سياسات الحكومة الأمريكية، لكن هناك دوراً للمجتمع الدولي للترويج والدعاية والتأثير والنفوذ والمشاورة مع الحكومة الأمريكية؛ وفي الواقع نحن بدأنا في ذلك منذ فترة طويلة، ولكن القرار بيد الأمريكان؛ وليس في يد أي دولة ثانية.
  • ألا يمكن للدول الصديقة والاتحاد الأوروبي أن تكسر العزلة عن السودان نوعاً ما، على الأقل على صعيد التحويلات البنكية، أم لا يمكن تجاوز الحظر الأمريكي؟
    هو ليس قرار حكومات. فالتأثير الرئيسي لوجود دولة في قائمة الإرهاب؛ هو عدم السماح للشركات الأجنبية للاستثمار في هذه الدولة، وعدم توفير تمويل دولي، فهي قرارات خاصة من الشركات والبنوك، وكليهما يخافان من العقوبات الأمريكية. لذلك القرار ليس بيد الحكومات الغربية حتى نقول لشركاتنا وبنوكنا أن تدخل للعمل في السودان؛ فنحن لا نستطيع أن نعطيها الضمانات. لذلك نحن لازم نعمل مع الحكومة الأمريكية حتى نعطيها الثقة لرفع السودان من القائمة. نحن مقتنعون بالثورة والتغيير في السودان وبإمكانية المستقبل وحتمية إنهاء المعاناة والمشكلات فيه. سنبذل كل جهودنا مع الأمريكان ليتخذوا هذا القرار في أسرع وقت ممكن. وعلى حسب علمي الأمريكان يريدون أن يتخذوا هذا القرار ولكن عندما يتلقون التأكيد والضمانات وأنه فعلاً يوجد تغيير. الآن في السودان هناك تغيير في الحكومة، ولكن في تنفيذ السياسات حتى الآن لا يوجد الكثير، وعندما نرى كل هذه التغييرات والسياسات ويكون التنفيذ مختلفاً على الأرض؛ سيكون لدينا حجج أفضل لنستخدمها مع الحكومة الأمريكية. فالأمريكان يقومون بالرصد كل 6 أشهر لما يجري في السودان لكي يستعرضها الكونجرس؛ ويجب أن تكون الممارسات في تلك الفترة جيدة وإيجابية؛ وبعد ذلك يتفق مع الحكومة الأمريكية لإزالة الاسم من قائمة الإرهاب. لذلك حسب علمي من الأمريكان أن الرفع لن يتم قبل ستة 6 أشهر.
  • أنت اجتمعت بحمدوك، ما أبرز ما دار في ذلك الاجتماع؟
    أهم ما شرحته لحمدوك، بأننا مقيمون في السودان ونستطيع أن نرى التغيير، ولكن البعض في عواصم البلدان الأخرى لديهم فكرة عن التغيير؛ ولكن ليس لديهم كل التفاصيل؛ وعلى حسب علمهم أنه يوجد اتفاق بين العسكر والمدنيين، وليس لديهم فكرة واضحة أن هذه الحكومة هي حكومة مدنية ملتزمة بمبادئ الديمقراطية والحرية.
  • لكن كل عيون وآذان العالم الآن على السودان، ولديها آلياتها لمعرفة ما يجري؛ وهناك تقارير ترفع بصورة دورية لهذه العواصم؟
    في كثير من لا يعلم عما يجري في السودان، ولكن لا توجد كل التفاصيل، حتى الآن في الواقع وعلى حسب علمي من الزملاء في لندن؛ بالنسبة للمشاورات مع البرلمان البريطاني هناك أناس يشكون في التغيير، لذلك أنا قلت نحن موجودون هنا في السودان وعلى علم أن التغيير فعلاً هو تغيير حقيقي، وأن على الحكومة السودانية والشعب السوداني أن يقنعوا العالم كله، كيف ذلك؟ بتنفيذ السياسات؛ بتغيير أسلوب الحكم، فحتى الآن لا توجد مؤشرات كثيرة على الأرض بأنه يوجد تغيير ثوري، وعندما نرى هذه التغييرات ممكن تكون هناك ثقة أكثر من الغرب والحكومة الأمريكية.
  • ماذا كان رد حمدوك حول هذا الأمر؟
    هو متفق تماماً معنا، ولدينا بعض الأفكار في هذا الصدد، مثلاً لدينا حملة في الحكومة البريطانية خاصة بالنسبة لحريات الإعلام؛ وستكون هناك مناسبة في نيويورك على هوامش الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ من قبلنا في هذا الصدد، ودعونا رئيس الوزراء السوداني ليكون جزءاً من هذه المناسبة ليعبر عن التزام وإيمان الحكومة الجديدة بمبادئ حرية الإعلام، وهذا سيكون مؤشراً للعالم بأنه فعلاً يوجد تغيير في السودان. هذه خطوة بسيطة ولازم يكون هناك الكثير من هذه الخطوات، فهي تؤثر في الكونجرس الأمريكي.
  • لقد كنت شاهداً على هذه الثورة المجيدة، وتجولت في ميدان الاعتصام.. بماذا يمكن أن تدعم بريطانيا هذه الثورة والشعب السوداني، خصوصاً في مجال الصحة والتعليم والتدريس كما كان يحدث في السابق؟
    أولاً دعني أقول؛ كان وستستمر المساعدة الواضحة والملموسة سياسياً من الحكومة البريطانية تجاه هذا التغيير، وكان هذا واضحاً منذ بداية المسيرات والتظاهرات؛ وموقف بريطانياً كان واضحاً جداً. الآن نريد أن نساعد الحكومة الجديدة في تنفيذ التغيير وتنفيذ أولوياتها، ونحن لا نفرض على الحكومة السودانية أفكارنا وأولوياتنا؛ لكن عندما قابلت رئيس الوزراء حمدوك كان موقفه واضحاً بأنه يريد حكومته ان تحدد أولوياتها؛ وعندما تحدد أولوياتها سيطلب من المجتمع الدولي المساعدة في تنفيذها. لذلك ليس لدينا خطة للمساعدة، لدينا بعض الأفكار؛ ولكن لا نريد أن نفرضها على الحكومة السودانية. هناك دور مهم للمجتمع الدولي في التنسيق والتعاون لتقديم خطة موحدة لمساعدة الحكومة السودانية.
    لكن في الماضي كانت هناك مساعدة من بريطانيا في مجالات الإلام والتعليم والصحة وفي كثير من المجالات، ونحن جاهزون للمساهمة في هذه البرامج على حسب أولويات الحكومة السودانية.
    وهناك اهتمام كبير بهذه الثورة من العديد من الدول؛ ولتوفير المساعدة للحكومة الجديدة؛ ولا بد أن يكون هناك تنسيق بيننا؛ حتى لا يكون التركيز في قطاع واحد (الإعلام التعليم الصحة الخدمة المدنية البرلمان والجامعات) والكثير من المجالات الاخرى التي يجب أن يكون هناك استثمار ومساعدة فيها، ونحن جاهزون لدراسة الأولويات والاحتياجات، وهناك اهتمام كبير لتقديم المساعدة لإنجاح الانتقال إلى الوضع الديمقراطي الحقيقي.
  • الديون وتراكمها من قبل نظام الإنقاذ – وصرفها البذخي على الأمن والحروب بالإضافة للفساد – جعلت الشعب يرزح تحت وطأة الديون، ألا يمكن لبريطانيا والمجتمع الدولي السعي لمعالجة تلك الديون؟
    هذا موضوع مهم جداً؛ ولدينا تركيز عليه، لكن للأسف هذا موضوع تقني، وهناك إجراءات قانونية لا بد أن نمر بها قبل الوصول لأي نتائج. وهو مرتبط بأمرين مهمين؛ أولاً قائمة الدول الراعية للإرهاب، وثانياً سداد تراكم الدين (الدفعات السابقة)؛ وأنت لم تدفع ما عليك؛ فتقنياً كل المؤسسات الدولية في حالة أنك لم تدفع الحد الأدنى؛ لن توجد أي إمكانية كي تطالب بإعفاء الديون. لذلك سنسعى لرفع السودان من قائمة الإرهاب؛ ثانياً إيجاد سبيل لدفع الحد الأدنى من (الدفعات السابقة). هو أمر صبع قليلاً؛ لأن السودان ديونه تقريباً (60) مليار دولار؛ (الدفعات السابقة) نفسها تقريباً (3) مليارات دولار؛ لازم في البدء تدفع الثلاثة مليارات قبل أن تكون مؤهلاً لعملية إعفاء الديون. الجيد أن هناك رغبة واضحة من قبل كل دول المانحين بإعفاء الديون، لذلك يجب أن نعمل على خارطة الطريق هذه حتى نمضي قدماً للأمام في هذا الموضوع؛ خاصة بعد اتفاق السلام مع الجنوب؛ وكون السودان مؤهلاً لمبادرة (هيبيك) لتقديم المساعدات الاستثنائية لخفض أعباء الدين الخارجي.
  • كيف تنظرون لحكومة حمدوك؛ وهل يمكنها المضي للأمام في تنفيذ هذه الخارطة؟
    على حسب ما سمعت، كان هناك رد فعل إيجابي تجاه تشكيل الحكومة، أنا التقيت بعدد منهم قبل اخيارهم للوزارة. ولكن بعد تشكيل الحكومة قابلت فقط رئيس الوزراء، والوزير عمر مانيس. وأتمنى أن يكون هناك المزيد من اللقاءات. وحسب علمي أنهم “تكنوقراط، بشكل عام مستقلون، نزيهون، لديهم المصداقية والثقة من قبل الشعب”، ونتمنى أن يكونوا قدر ثقة الشعب ويوفوا بها، ونحن جاهزون لتقديم كافة المساعدة.
  • على ذكر حرية الإعلام، وعودة (البي بي سي) قريباً، هل تعتقد أن الحكومة الجديدة ستفتح الحريات للصحافة؟
    هذا المفروض أن يكون، وخاصة بعد تعيين الوزير فيصل محمد صالح لوزارة الثقافة والإعلام؛ وهو صحفي ومثقف. وكفالة حريات الإعلام ستكون مؤشراً ورمزاً للتغيير. بعكس عمليتي السلام والإصلاح الاقتصادي فهما معقدتان بعض الشيء وتحتاجان لوقت. لكن حرية التعبير والإعلام ممكن تقرها في يوم وتنفذها في نفس اليوم. لذلك نحن متفائلون في هذا الملف.
  • ظهرت أصوات في أوروبا تطالب بتسليم البشير للمحكمة الجنائية، وآخرون يقول يجب أن يحاكم البشير داخل السودان؛ لأن هناك قضايا لم تذهب ملفاتها للجنائية مثل (شهداء حراك سبتمبر، وشهداء ثورة ديسمبر)، كيف تنظرون لهذا الأمر؟
    موضوع العدالة مهم جداً، ولا بد أن يكون هناك محاكمات لكل المتهمين بالجرائم، في الماضي كان هناك هذا الطلب من المحكمة الدولية بمحاكمة البشير؛ لأنه لم يكن ممكناً توفير محاكمة ذات مصداقية واستقلالية داخل السودان. أنا كنت في مناقشة مع رئيس الوزراء د. حمدوك في هذه النقطة تحديداً؛ وهو يفضل أن تكون المحاكمة في السودان، على أن تكون محاكمة مستقلة بشفافية ومصداقية. لكن حتى الآن لا يوجد إصلاح في القطاع القضائي، والآن تطرح أسئلة في الخارج “هل فعلاً هناك قضاء مستقل في السودان؟”. لكن لو تم الإصلاح في القطاع القضائي لماذا لا تتم المحاكمات هنا!. ولكن إذا لا توجد الإمكانية لمثل هذه المحاكمات أعتقد أن هناك الخيار الآخر.
  • إذا تمت محاكمته محاكمة عادلة؛ هل يمكن أن تحل مشكلة الجنائية، وحتى لا تكون هناك مطالبات بفرض عقوبات جديدة نحو السودان كونه لم يسلم البشير للجنائية؟
    الجنائية الدولية موجودة فقط في حالة عدم توفر العدالة في دولة ما. ولكن بشكل عام المبدأ هو الأولية للعدالة الوطنية، وإذا لم توجد إمكانية لتنفيذ العدالة الوطنية؛ الملجأ الأخير هو الجنائية. الآن هناك شك في إمكانية تنفيذ العدالة الحقيقية في السودان، وفي الواقع هناك موضوع مختلف؛ أنتم في مرحلة انتقال في السودان، وهناك مبدأ مختلف كذلك؛ هو فكرة العدالة الانتقالية. في جنوب إفريقيا مثلاً كان هناك موضوع المصالحة ورد الحقوق لأصحابها. وممكن تكون هناك صيغة جديدة في السودان، وهو ليس موضوع جنائي فقط؛ هناك الكثير من المشكلات لا بد من معالجتها في الفترة الانتقالية، لذلك نحن سوف نرى القرارات السودانية؛ من مصداقية واستقلالية القرارات، ولا أعتقد أنه سيكون هناك إصرار من الغرب لحلول دولة إذا كانت هناك حلول ذات مصداقية واستقلالية في السودان.
  • البعض عندما قرأ مقالك الأخير حول السودان، قالوا السفير يتحدث عن دعم بريطانيا للتغيير في السودان فقط على الورق، بينما دولته غارقة في أزمة (بريكست)، وإن ما تقوله فقط من أجل الظهور الإعلامي، وأن بريطانيا غير مهتمة أصلاً بالسودان؟
    إذا بريطانيا غير مهتمة بالسودان؛ ما كانت ستلعب هذا الدور الدولي البارز لدعمه. وأنا كانت لدي العديد من التغريدات والأفعال منذ بداية الحراك، وكذلك من وزير الخارجية البريطاني السابق – وهو كان منافساً لمنصب رئيس الوزراء – وخلال المنافسة كان يقوم بتغريدات عن السودان. حتى في أوج موضوع (بريكست) كان هناك اهتمام من بريطانيا نحو السودان؛ وهي علاقة تاريخية، والتغريدات كانت مهمة جداً. مع الأخذ بعين الاعتبار أنني لا أستطيع فعل شيء ضد موقف حكومتي وضد سياساتها؛ وكل شيء أنا كتبته وذكرته هو سياسة الحكومة البريطانية، فأنا هنا لست كمستقل إنما أنفذ سياسة حكومتي؛ وبدعم كامل (100%) منها. وهنا نقطة سأذكرها؛ لا يوجد أسرار الآن، مرتيان تم استدعائي لوزارة الخارجية السودانية خلال الفترة الفائتة؛ وكان هناك تخطيط بطردي بسبب موقفي، علماً أنه ذات موقف الحكومة البريطانية. وإذا كان لا يوجد دعم من قبل الحكومة البريطانية وعلم ومساعدة وتشجيع ودفع منها لهذا الموقف، أنا لا أستطيع أن أعمل هذه المواقف.
  • لازالت بريطانيا هي العقل الذي يدير العالم من وراء ستار.. من الجانب الأخلاقي كون بريطانيا كانت مستعمرة السودان، ألا تعتقد أنها يجب أن تكون مساندة وفاعلة أكثر وتلعب أدواراً أكبر لنهضته؟
  • ضاحكاً – هذه مبالغة.
    لكن بعد إنهاء عصر الاستعمار؛ هناك شيء فريد؛ وهو المشاعر الإيجابية من السودان تجاه بريطانيا، وهذا شيء إيجابي نستطيع أن نبني عليه.. أما سبب عدم التركيز على السودان من الحكومة البريطانية في الفترة الأخيرة بسبب سياسات ونوعية الحكم في الثلاثين سنة الأخيرة؛ ولم تكن هناك إمكانية التعاون بيننا، الآن تم التغيير وأعتقد هناك إمكانية تعاون أفضل بكثير من الماضي؛ وخاصة من أوروبا عموماً. والآن نستطيع أن نركز على علاقاتنا التاريخية.
  • ملف السلام، الآن يوجد به اختراق حقيقي؛ وتوقيع خارطة طريق لمفاوضات في الشهر القادم بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة المختلفة التي أبدت مرونة في مواقفها، ما عدا تمترس عبدالواحد محمد نور، وهذا أمر خطير؛ كون رفع الحظر عن السودان رهين بتحقيق السلام، ماذا يمكن أن تقدموا في هذا الملف؟
    هذا التقدم في ملف المفاوضات أمر إيجابي جداً. وأكيد موضوع السلام أمر مهم لرؤية المجتمع الدولي تجاه السودان. ولكن موضوع السلام ليس من الأشياء التي تسيطر عليها الحكومة وحدها، إنما تقع على عاتق الطرفين؛ الحركات المسلحة والحكومة، والآن فعلا هناك تغيير وتوجد ثورة؛ ويجب أن يكون هناك دور جديد وموقف جديد من الحركات المسلحة، حتى إن كتبت تغريدة بأنه يجب أن يكون هناك موقف مختلف من قبل الحركات المسلحة، وفعلاً رأينا التغيير في الحركات المسلحة، حتى الحلو بدأ الحوار مع الحكومة الجديدة. أما عبدالواحد لم يعترف بالتغيير حتى الآن؛ والمجتمع الدولي يعرف الوضع بشكل جيد، ولو تم تقدم في الاتفاق من قبل الحركات المسلحة الأخرى؛ ولم تنضم حركة عبدالواحد في العملية السلمية؛ هو سيكون المسؤول عن عدم التقدم وليست الحكومة السودانية، ولن يحاسب المجتمع الدولي الحكومة على موقف عبدالواحد غير العملي والواقعي.
  • لماذا إذن لا تتدخل فرنسا في الأمر؛ كون عبدالواحد مستقراً فيها، وتضغط عليه؟
    فرنسا تتحاور معه وتضغط عليه، لكن القرار في الآخر يعود له. وأعتقد أنه إذا لم يكن ينخرط في العملية السلمية سيفقد مصداقيته ليس في المجتمع الدولي فحسب؛ إنما في دارفور أيضاً ووسط أهله؛ فالناس هناك تعبوا من الحرب والنزوح ويريدون أن يعم السلام، خصوصاً بعد حدوث التغيير والحكومة المدنية. وإذا لم يكن عبدالواحد ضمن عملية السلام؛ سيكون هو المخرب للعملية. حتى في الماضي كان هناك تهديد بفرض العقوبات من قبل المجتمع الدولي تجاه المخربين للعملية السلمية. والآن يجوز فرض العقوبات عليهم.
  • بعض السياسيين والصحفيين يقولون إن هناك جهات إقليمية ودولية لا ترغب لهذا التغيير أن يمضي للأمام؛ ويريدون وأد الثورة السودانية؛ وأن تتوقف في هذه المحطة الحالية فقط؟
    أنا سمعت عن هذه الأفكار. أعتقد من قبل كل مشاوراتي ومحادثاتي مع كل الدول المهمة في المنطقة تجاه السودان؛ وجدت اهتماماً من قبلهم لاستقرار السودان ونجاح الفترة الانتقالية. في الواقع كان هناك بعض الدول التي قدمت مساعدة مبكراً بعد التغيير؛ قبل أن يكون هناك حكومة مدنية موجودة؛ لذلك كان هناك شكوك وانتقادات من بعض الشعب السوداني، ولكن لمست التغيير في هذه الدول؛ وتقديمها للمساعدات دون التدخل ودعم طرف ضد طرف ثانٍ. وأعتقد أنه لا بد أن نستمر في هذا المسار؛ ولا بد أن يكون هناك إجماع دولي تجاه التغيرات في السودان؛ حتى يكون هناك سودان مستقل مستقر مزدهر، بدون أي تدخل بأجندات خارجية، والآن هناك نوع من الإجماع حول هذا. نعم كانت هناك بعض الشكوك في البداية لكن خلال الأسابيع الأخيرة لم نر أي من التدخلات السلبية، وأتمنى استمرار هذا النوع من الإجماع.
    في الواقع السودان يحتاج للمساعدة المالية الآن، بسبب مشكلات الديون الخارجية وقائمة الإرهاب؛ وستأخذ هذه الملفات وقتاً، وهذه المساعدات المالية لن تأتي إلا من هذه الدول الإقليمية؛ وفي الآخر لا يوجد حل بدونها.
  • سعادة السفير؛ كلمة أخيرة وددت أن تقولها في ختام هذا الحوار
    هذه لحظات تاريخية في السودان؛ كان هناك بعض المشكلات بعد سقوط النظام؛ حتى وصلنا إلى هذه اللحظة. 8 رمضان؛ و 3 يونيو من الأيام الحزينة، لابد أن يكون هناك محاسبة وعادلة للضالعين فيها. والآن فتحنا صفحة جديدة وعلى كل الداعمين والمجتمع الدولي أن يدعم ويساعد هذه الحكومة الجديدة حتى يكون هناك نجاح للفترة الانتقالية، حتى يكون هناك تغيير حقيقي، الآن هناك إمكانية وفرص للتغيير؛ ولكن على الأرض وحياة المواطن العادي لم يحدث فيها تغيير بعد، ولازال يعاني من الفيضانات وأزمة الخبز وصفوف الوقود. وكل هذا يعتمد على الحكومة الجديدة وإمكاناتها في تغيير الوضع في البلد، ونحن سوف نكون كتفاً بكتف مع الحكومة الجديدة بمساعدتها في جميع الملفات.

حوار :عطاف محمد مختار

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى