ناهد قرناص

الى مدني ورفاقه ..مع التحية

مسابقات (تلي ماتش ) كان يبثها التلفزيون السوداني في أيام مجده وعزه ..المسابقات منقولة من التلفزيون الألماني وكان فريق برنامجها يتنقل بين القرى و(الحلال) الألمانية يقيمون مسابقات بسيطة وشعبية وعبرها نتعرف على اهل تلك البلاد وطرق عيشهم ..احدى تلك المسابقات كانت تعتمد على ملء برميل ضخم باستخدام (جردل ) صغير ..خلال مدة بسيطة ..تجد المتسابقين يلهثون وهم يحاولون قطع المسافة بسرعة وفي ذات الوقت المحافظة على الجردل في وضع رأسي حتى لا تتدفق المياه اثناء النقل ..رغم الحرص المفقود من المياه كبير ..تسمع صراخ الجمهور وتذمرهم ..وتشجيع البعض وارتفاع التصفيق ..والمتسابق تحت الضغط ..ترشح منه المياه وربما ينزلق في اثناء الطريق ..لكن وفي نهاية الأمر ..تجد ان المياه التي وصلت كانت كمية جيدة وتستحق المجهود الذي بذل.

الاداء الوزاري خلال الفترة الانتقالية ..يذكرني كثيرا بمسابقات (تلي ماتش) حيث المراقبة اللصيقة للجمهور ..وارتفاع اصوات الغضب ..او تعابير الاستحسان ..الضغوط الممارسة التي ربما تجعل المتسابقين يرتجفون وبالتالي نفقد مياه كثيرة قبل الوصول الى خط النهاية ..هي ذاتها الاستهجان او التنمر الذي يواجهه السادة الوزراء من قبل الحادبين او الحاقدين على حد سواء ..الامر الذي يجعلنا نصرح بأن الامر ليس مسابقة (تلي ماتش) انه وطن نحبه جميعا وان اختلفنا في كيفية التعبير عن ذلك .

ابتدر عدد من الوزراء بابعاد رموز النظام السابق من واجهات الخدمة المدنية والمؤسسات الحكومية ..وهي خطوة لاقت الكثير من الجدل بين موافق ومعارض ..وبين مطالب بالتأني واخضاع ملف كل شخص للفحص على حدة ..لكني ارى ان التمكين لم يكن فقط في احلال وابدال اسماء بعينها بشخصيات محددة ..وانما كان التمكين لافكار غريبة غيرت حتى مفاهيم التعامل التجاري والصناعي ..وساهمت في تراجع السودان من بلاد (نامية) تتلمس خطاها في بدايات سلم التقدم ..الى بلاد (نايمة) في الدرك الأسفل من بئر الاستهلاك .

سعادة الوزير مدني ..بالامس سألت عن سعر جوال السكر كان الرد مفاجاة لي من حيث المفارقة ما بين السكر المنتج محليا ..وذلك الذي عبر البحار ليحط رحاله في السوبر ماركت في حلتنا (سكر كنانة سعر الجوال 1800 جنيه ..بينما السكر المستورد من الهند 1500) ..وهذا الامر ينطبق على اي منتج محلي ستجده اغلى بفارق كبير من السلع المستوردة ..لماذا ؟ لان الميزانية العامة في السودان تعتمد اعتمادا كليا على الجبايات والضرائب والقيمة المضافة وحتى تحصيل النفايات ..هذه ال300 جنيه تخرج منها مرتبات مؤسسات بأكملها ..في مصر (القريبة دي) ستجد ان سعر المستورد أعلى بكثير من سعر المنتج المحلي ..و الدولة هناك تشجع المصانع الصغيرة والمنتجين المبتدئين وتمنحهم اعفاء ضريبي لعدة اعوام وتمنحهم قروض ميسرة وسدادها يتم على المدى الطويل ..

في النهاية اقول (كنس) افكار العهد البائد واقتصاده القائم على فكرة (السمسرة) وبيع (الساهلة) ..هو الأهم ..تمكين فكرة (الانتاج) ورفع مستوى الوعى باهمية المنتج المحلى وتشجيع الصناعات الصغيرة وتوطين التقنيات الحديثة هو المهم ..والذي يجب التركيز عليه في المرحلة القادمة ..لا تكترث ان رشحت بعض المياه يمنة ويسرة ..الطريق صعب والدرب زلق ..المهم في النهاية ان اغلب المياه تصل خط النهاية قبل انتهاء الزمن وانطلاق صافرة الحكم.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى