أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

السباق الدولي على أرض السودان .. المغزى والتوقيت

بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية بين قوى الحرية والتغيير وتشكيل الحكومة الانتقالية اصبح السودان محط انظار الدول الاوربية والعربية والافريقية, وتسابقت الدول في زيارته، فخلال شهر واحد استقبل السودان وزراء خارجية كل من مصر والمانيا، وبالأمس استقبل وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان، فضلاً عن وزير الخارجية الاريتري الذي زار السودان مرتين خلال هذه الفترة.

ففي الثالث من سبتمبر الحالي وصل وزير الخارجية الالماني هايكو ماس على رأس وفد يضم ثلاثين مسؤولاً، ويؤكد في الخرطوم تعهد بلاده بدعم الانتقال الديمقراطي في السودان, وطالب الالماني أن يكون السودان قادراً على استغلال الفرصة التاريخية بعد سنوات من العزلة لتلقي الدعم الضروري من المجتمع الدولي، وقد ملأت صوره الاسافير وهو يتحدث إلى شباب الثورة جالساً معهم على فنجان شاي في الشارع العام.

وقال مدير عام العلاقات الأوروبية والأمريكية بوزارة الخارجية السودانية، محمد عبد الله التوم، يومذاك إن الزيارة تأتي في إطار حرص ألمانيا على الاستقرار والسلام بالسودان، ودعم الحكومة الانتقالية، والرغبة في تعزيز علاقات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. مُراقبون بالداخل والخارج أيضاً رأوا في زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري انها تأتي في اطار المصالح التي تربط البلدين سواء قضية سد النهضة أو ما يتعلق بانسياب المنتجات المصرية. اما زيارة وزير الخارجية الفرنسي فقد اعتبرها السودان بحسب وزارة الخارجية مؤشراً واضحاً لدعم المجتمع الدولي الكبير والدول الفاعلة لتحقيق توجه السودان الديمقراطي والتنمية الاقتصادية.

بناءً على ذلك فقد رأى بعض المراقبين أن هذا التسابق الدولي على السودان يعكس الروح الدبلوماسية في العلاقات الدولية التي ترتبط الى حد ما بالمصالح المتبادلة.

الخبير في الشؤون الدولية د. راشد محمد علي يقول ان هذا التسابق غير غريب على دولة كانت تعيش فترة عزلة لعشرات السنوات، فوارد جداً الاهتمام بها خاصة من الدول ذات الاهتمام بالتنمية والديقراطية والسلام، اضافة لذلك فإن التجربة التي قادتها الثورة السودانية اخيراً وبحثها الدائم عن السلام والعدالة والحرية جعلت الدول تتحرك لمكامن هذه الدولة، إضافة إلى وجود بعض المنظمات الداعمة لانفتاح السودان، مما يشير إلى أن العقوبات كانت على النظام الحاكم وليس على الدولة، وقال إن هذه الزيارات تمثل مؤشراً لفعالية السودان في المنظمات الدولية وغيرها.
وأكد على وجود المصالح وان تأجيلها تم الى فترة معينة حتى تستطيع التعامل مع النظم القائمة, إضافة إلى الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي للسودان، وهو المحدد الأول لابعاد المصالح والاشكالات، إضافة للموارد الموجودة في فرص الاستثمار والزراعة.

أما عن زيارة وزير الخارجية المصري وما ترمي اليه من مصالح، فقد أكد راشد أن العمق الاستراتيجي للسودان في المنطقة له أثره في أية دولة جوار، وكذلك بين الدول بعضها البعض لتأمين المجال الاقليمي وصناعة فرص السلام.
ويُشار أيضاً إلى أن هذه الزيارات ارتبطت لدى المراقب السوداني باشياء اولها من جهة الزيارات الاوربية انها تأتي في اطار الدور الذي يلعبه السودان في مكافحة تجارة البشر التي تعاني منها الدول الاوربية، وان السودان سيستفيد كذلك لجهة معاناته الكبيرة في السابق من وضع اسمه في قائمة الدول الراعية للارهاب، وانها خطوة في الاتجاه الصحيح لاعفاء السودان من الديون التي اثقلت كاهله لفترة طويلة، ووصلت بفوائدها الى سبعة وخمسين مليار دولار.
السفير الصادق المقلي تفاءل بهذه الزيارات، وقال إن زيارة وزير الخارجية الفرنسي وغيرها من رصفائه الالماني والبريطاني والسويدي سيكون لها مردود ايجابي في مسار العلاقات الثنائية من جهة وعلى صعيد الاتحاد الاوروبي من جهة اخرى، سيما ان للدول الاعضاء في هذا التجمع الاقليمي المهم سياسة خارجية موحدة مثلها مثل اليورو. وأضاف أن ما يضفى على هذه الزيارات اهمية الاعجاب الكبير من الدول الاوروبية بثورة السودان التي اطاحت بالحكم الشمولي ووضعت البلاد على اعتاب نظام ديمقراطي تعددي.

واشار المقلي إلى أن هذه الزيارات تمثل اختراقاً من شأنه مساعدة الاتحاد الاوروبي في ظل التحول الديمقراطي على بذل مساعيه لدى الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، لأن العقوبات الاحادية من جانب امريكا تعيق مساعي الدول الاوروبية في مساعدة السودان في المجالات الاقتصادية والتجارية والنقدية, كما انها تشكل حجر عثرة في سبيل التفاوض مع نادي باريس لجدولة او الغاء ديون السودان الخارجية، بل حتى في تصنيف السودان ضمن قائمة (الهيبيك) وهي الدول الفقيرة والمثقلة بالديون.

وبالتالي لا سبيل حتى للتعاون مع المؤسسات العالمية القارضة والمانحة وعلى رأسها البنك الدولي، وتوقع انطلاق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من مخرجات زيارات وزراء الخارجية من الدول الاوربية، لمزيد من اللقاءات في هذا السياق على هامش مشاركته في فعاليات الدورة (74) المقبلة للجمعية العامة للامم المتحدة لمزيد من الاختراق في علاقات السودان مع الفضاء الاوروبي. اما ان كانت هناك مآرب اخرى لهذه الزيارات، فقد أكد المقلي أنه في ظل ازمة المياه والغذاء وتوفر الموارد الطبيعية والمواد الخام، فإن السودان سيكون سوقاً يتيح لهذه الدول فرص الاستثمار والمزيد من التعاون في مجال محاربة الأرهاب وتجارة البشر والهجرة غير الشرعية.

تقرير: سناء الباقر

الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى