تحقيقات وتقارير

أفورقي في الخرطوم.. تفاصيل اللقاءات المغلقة؟!

بعد سنوات من علاقات ظلت تتأرجح ما بين القطيعة الكاملة والتوترات، وصل (أمس) الرئيس الأرتري أسياسي أفورقي للسودان فى زيارة ليومين. تزامنت الزيارة مع ما يجري من صراع بولاية البحر الأحمر بين قبيلتي البني عامر والنوبة. زاد من أهميتها والنظر إلى أبعادها الأخرى. إذ إنه – وطوال سنوات النظام المخلوع – ظل البلدان يتبادلان الاتهامات بأن كلا منهما يشكل حاضنة لمعارضة الآخر.
من المفارقات أنه في الوقت الذي هبطت فيه طائرة أفورقي أمس بالخرطوم، كانت القنوات العالمية تنقل جلسات محاكمة البشير، وما بين الرجلين سنوات من العداء المعلن والخفي.
زيارة أفورقي تؤكد أن ما يجري فى شرق السودان وأمن البحر الأحمر هو واحد من أهم أجنداتها؛ خاصة بعد أن أعلن إعلام القصر أن المباحثات مغلقة ولا سبيل لوصول الإعلام إليها؛ عدا تصريح مقتضب جداً لا يتجاوز خطاب العلاقات العامة.

 

استقبال شعبي
بدا أفورقي رئيساً يجيد فنون المراسم وبروتوكول المنصب، ربما لطول فترة حكمه، إذ أظهر مقدرة احترافية فى التعامل مع (المصورين) إذ إنه وقف ولثوانٍ أمام عدسات المصورين قبل أن يدلف لقاعة المباحثات ببيت الضيافة.
الجالية الأرترية احتشدت محتفية بوصول أفورقي بالمطار الرئاسي، لكن ما بدأ لافتاً أنه عندما طلب من مستقبله البرهان أن يتقدم أولاً عند تفتيش (كركون) الشرف إلا أن البرهان دعاه أن يذهب أولا!

بداية جديدة
ما بين أيام التوتر بين البلدين إبان حكم الرئيس السابق وأفورقي والمشهد الآن، جرت مياه كثيرة تحت الجسر. تأتي زيارة أفورقي بعد أيام قليلة من مراسيم توقيع اتفاق صلح قبيلتي النوبة والبني عامر بأهم ولاية سودانية يرى البعض أنها صارت جزءا من تسابق دولي محموم وصراع إحلال وإبدال، لذلك لا يمكن اعتبار ما شهدته مدينة بورتسودان أزمة عابرة تم احتوائها ومضى كل إلى حال سبيله، إلى جانب أن عدداً من البيانات التي صدرت من مكونات شرقية وحدها تتحدث عن ضرورة إعادة النظر فى أمر منح الجنسية والجوازات السودانية، وهو ما عده مراقبون إشارات خطيرة جداً ما لم يتم التعامل معها بحسم.

أمن البحر الأحمر
فور وصول أفورقي عقد الرجل جلستين إحداهما مغلقة مع رئيس المجلس السيادي الفريق البرهان، وأخرى مع رئيس الوزراء حمدوك، وكلاهما ببيت الضيافة، ما خرج من تلك الاجتماعات لا يتجاوز كلمات الترحيب والعلاقات العامة، عدا الجملة التي أوضحت أن برهان وأفورقي تناولا ضمن موضوعات أمن البحر الأحمر.
ما يؤكد أن ما يجري فى الشرق كان حاضراً على طاولة الرجلين حيث أوضح تعميم مقتضب ممهور بتوقيع إعلام المجلس السيادي الانتقالي أن أفورقي التقى – وفي مستهل برنامج زيارته للبلاد – الفريق البرهان، وبحث اللقاء العلاقاتِ الثنائية وتعزيز التعاون المشترك بين السودان وأريتريا والقضايا ذاتَ الاهتمام المشترك، خاصة المتعلقة بأمن منطقةِ القرن الأفريقي.
فيما أوجز وزير شؤون مجلس الوزراء عمر منيس، للصحافيين – عقب اللقاء – أن الجانبين تناولا أنسب السبل والوسائل لتطوير العلاقات القائمة بين البلدين والآليات المناسبة لتعزيزها بما يحقق المصالح المشتركة، مشيراً إلى ما يربط بين البلدين من علاقات تاريخية متجذرة.

أفورقي وحميدتي
وبحث الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، عضو مجلس السيادة في السودان مساء أمس مع الرئيس الأريتري أسياسي أفورقي، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها وتطويرها. وتطرق اللقاء بين أفورقي وحميدتي إلى المجالات الاقتصادية والتجارية وفتح الحدود.

تاريخ علاقة
وفى التاريخ غير البعيد ظل السودان الداعم واللاعب الأساسي لاستقلال أرتريا، العلاقات بين البلدين منذ ذلك الحين لم تستقر أبداً، وكانت أسوأ فتراتها تسليم سفارة السودان للمعارضة السودانية التى كانت تستضيفها أسمرا. ومؤخراً وقبيل سقوط البشير انحدرت العلاقة لأسوأ مراحلها لتعلن الخرطوم إغلاق الحدود.
أسباب تدهور العلاقات لم تتجاوز توجس أرتريا من النظام السابق والاتهامات المتبادلة بإيواء النشاط المعارض، فضلاً عن عدم رضا أرتريا من العلاقات السودانية الأثيوبية المزدهرة، أضف لذلك أصداء التحالفات الإقليمية بين دول المنطقة.
وكانت أحسن فترات العلاقة إبان الدور الأرترى لإنجاز اتفاق سلام الشرق بين الحكومة والحركات المسلحة فى الشرق. ومن الثابت أن البلدين يشكلان امتداداً طبيعياً لبعضهما البعض، ويصبح بالتالي تعزيز العلاقات بينهما ضرورة ملحة وليس خياراً.
وتتيح زيارة أفورقي في الخرطوم الفرصة لتبادل وجهات النظر والتنسيق حول التطورات في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.

تقرير: سوسن محجوب

الخرطوم: (كوش نيوز)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى