الطاهر ساتي

المعادن ..!!

:: أغلي ما في بلادنا هم الأوفياء .. فالوفي معدن أصيل لم تزده المرحلة التي تمر بها بلاده إلا ( بريقاً ).. ومع الشهداء الذين جادوا بأرواحهم، ثم الجرحى الذين ضحوا بدمائهم، ثم السجناء الذين تنازلوا عن حرياتهم، في سبيل ما يؤمنون بها من قيم مبادئ، فهناك آخرين يحترقون كالشموع لتضئ سماء بلادهم بالحرية والسلام والعدالة و النهضة .. وعلى سبيل المثال، أعلن أحدهم بالنص : ( بعد المدنية تجى اول خمسة عربات ح أغسلهم مجاناً يا جماعة)..!!

:: نزار، من ثوار أمدرمان، مواليد العام 1996، تعلم ولم يجد من الوظائف غير أن يعمل – غسَّال عربات – بمحطة صابرين، بجوار سوق ليبيا بأمدرمان.. شاب مكافح، ولم يشغله كفاحه عن قضية بلاده .. لم يجد نزار ما يقدمه لوطنه بمناسبة تحقيق لحلم المدنية، غير التبرع بغسيل خمس عربات (مجانا)..وفي هذا الموقف، فان هدية نزار – الغسيل المجاني – لا تُعتبر هدية لأصحاب الخمس عربات، بل هي هدية للوطن .. !!

:: وهكذا حال كل أخيار بلادنا بالداخل والخارج، أي بعد أن تنفسوا الصعداء، تأهبوا لخدمة بلادهم بصدق وإخلاص.. كلهم، كما نزار، بعد أن كان لسان حالهم قبل الثورة : ( إن كان ذا وطناُ ويمنعني الهواء، لم الوطن؟)، فالنهج الإقصائي المخلوع كان قد جرد أخيار الشعب حتى من مجرد الإحساس بأن هذا الوطن وطنهم.. ولكن أصبح لسان حال الجميع بعد الثورة : (انا بفخر بيك يا وطني / بالروح افديك يا وطني )..!!

:: يتبارون في تقديم خدماتهم لوطنهم.. وفي خضم منافسة كل أهل السودان في خدمة الوطن، تصدر مؤسسة محمد إبراهيم – مستر مو – بياناُ ترحيبياُ بإنشاء مجلس السيادة، ثم تقول : ( ويُسعدني أن أرى وجود سيّدتَين في عضوية مجلس السيادة الانتقالي، بما في ذلك ممثلة واحدة عن الأقلية المسيحية القبطية. وآمل أن يشارك مزيدٌ من الشباب والنساء مشاركةً نشطةً في الحكومة الجديدة)..!!

:: والشاهد، قبل الثورة بأشهر، فرح البعض باعلان الملياردير السودانى مو إبراهيم عن دعمه للأحزاب، وعن تخصيصه مبلغ مليون ونصف جنيه إسترلينى للأحزاب والقوى والمنظمات المعارضة بالسودان، ولكن لم تكتمل فرحة قوى الثورة .. لقد نفت مؤسسة مو ابراهيم الخبر، وقالت أن المؤسسة تعنى بإرساء قواعد الحكم الرشيد فى افريقيا، ولا تتدخل فى شئون الأحزاب، وليس من مبادئها دعم أحزاب أو حتى أفراد فى العمل السياسي..!!

:: مستر مو لم يدعم سودان ما قبل الثورة بدولار، ربما لشمولية نظام الحكم، وهو موقف يتسق مع أهداف مؤسسته الساعية لترسيخ قواعد الديمقراطية في كل دول افريقيا، بما فيها بلاده .. ولكن مؤسسة مستر مو لم تدعم الثورة أيضاُ، وهذا موقف غريب لمؤسسة من أهدافها نشر محاربة الأنظمة الفاسدة و نشر ثقافة الديمقراطية في كل شعوب افريقيا، بمن فيها شعبه .. و…و.. المهم .. نأمل يكون مستر مو مواطناً إيجابياُ، بحيث يدعم سودان ما بعد الثورة بالوفاء قبل المال، أو كما يفعل ( نزار) ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى