تحقيقات وتقارير

المجلس العسكري والإسلاميون…على خط المواجهة

كشفت مصادر أمنية أمس، أن المجلس العسكري الانتقالي اعتقل أمس، ضباطاً كباراً بالجيش، بتهمة “التخطيط لتنفيذ انقلاب على الحكم” ، وأوضحت ذات المصادر أن”حملة الاعتقالات طالت رئيس الأركان المشتركة الفريق أول هاشم عبد المطلب، وقائد سلاح المدرعات اللواء نصر الدين عبد الفتاح، وقائد المنطقة المركزية التي يقع في محيطها مقر قيادة الجيش، اللواء بحر الدين أحمد بحر.
وقالت عدد من المواقع الإلكترونية المحلية، إن المجلس العسكري اعتقل النائب الأول للرئيس المخلوع الفريق أول بكري حسن صالح ،ووزير الخارجية السابق علي كرتي، والأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن، ووزير المعادن الأسبق كمال عبد اللطيف . وسبق الانقلاب وثيقة تشير إلى حركة تنقلات واسعة بين الرتب الكبيرة في الجيش ، وحملت الوثيقة الصادرة بتاريخ أمس الأول أمراً بالتحرك لعشرة ضباط برتبة لواء للتنقل بين الإدارات العسكرية المختلفة.

ويبدو أن أجواء الخرطوم السياسية والأمنية ما زالت ملبدة بالغيوم الكثيفة التي لايدري أحد على وجه الدقة ماذا ستُمطر حمماً من الخراب والدمار أم استقرار سياسي وأمني يؤسس لنهضة ونماء, فبينما تعقد المفاوضات بين قوى التغيير والمجلس العسكري ويتفاءل الناس خيراً بالتوافق الذي تم بينهما على الورقة السياسية ، تواترت الأنباء عن مجموعة انقلابات تكاد تُدخل السودان موسوعة غينيس في الانقلابات في العالم، فخلال ثلاثة أشهر او أقل , تم الإعلان عن “ثلاث” محاولات انقلابية آخرها كان الأسبوع قبل الماضي والتي أعلنها رئيس لجنة الأمن بالمجلس العسكري الفريق جمال الدين عمر، وقال إنه تم اعتقال عدد من الضباط وضباط الصف والمعاشيين بالجيش وجهاز الأمن تزيد أعدادهم عن الاثني عشر , ولكن حتى الآن لم يتم نشر اسمائهم مما دعا المراقبين إلى القول أنها مجرد أكذوبة الغرض منها الضغط على قوى الحرية والتغيير لسرعة التوقيع على الاتفاق والإيهام أن البلاد ستكون في حالة فوضى وعدم استقرار أمني إن تأخر التوقيع. .

ورغم أن المجلس العسكري حتى كتابة التقرير لم يصدر بياناً رسمياً بهذا الخصوص، إلا أن وسائل الإعلام تحدثت بكثافة عن محاول انقلابية حيث تم اعتقال أعداد كبيرة من قادة الجيش منهم قائد سلاح المدرعات اللواء نصر الدين عبدالفتاح الذي اعتقل بحسب المعلومات من منزله بمدرعات الشجرة من قبل مجموعة استخباراتية، وهذا اللواء كان قد نشر له مقطع قبل يومين يرد فيه على الفريق حميدتي حينما خاطبهم بوزارة الدفاع على نحو رأى فيه البعض استفزازاً لهم، مثمناً دور الدعم السريع على حساب الجيش. فأفحمه نصر الدين متحدياً له مما حمل الفريق حميدتي على الاعتذار.
..اللافت أن من بين المعتقلين عدد من المدنيين ورموز النظام السابق أبرزهم وزير الخارجية الأسبق علي كرتي ورجل المخابرات المعروف داخل كيان الحركة الإسلامية التي أتت بالرئيس البشير للحكم في العام 1989 وقائد قوات الدفاع الشعبي , وكذلك الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن وزير دولة سابق في مجلس الوزراء كمال عبداللطيف, مما يؤكد ان الانقلاب هذه المرة إن صح يختلف عن سابقاته الثلاثة حيث تمت تسريبات باسماء المعتقلين وهذا ما لم يحدث في المرات السابقة .
الإشارة الواضحة للتخوف مما قد يحدث داخل الجيش ما ذكره الفريق حميدتي في حديثه بام درمان أول أمس بأن هناك خيانة داخلية لكن من المفارقات العجيبة أن رئيس أركان القوات المسلحة هاشم عبد المطلب أحمد بابكر المعتقل في المحاولة الحالية، هو من كشف في بيان سابق عن أحد الانقلابات المعلنة في المرات السابقة قائلاً إنه تم إفشال المخطط في مهده قبل أن يستفحل أو كما قال حينها.
فماذا تعني سيول الانقلابات في هذه الأوضاع الحرجة؟ … ويتردد أن هناك مجموعة من داخل الجيش دعت إلى مغادرة الدعم السريع الخرطوم وأن يلتزم حدوده ، فيما عزاها البعض الآخر إلى كشف التنقلات الكبير جداً والذي استهدف أغلب الإدارات والقيادات بالجيش اعتباراً من أمس الأول الثلاثاء .

وفي تطور لافت أيضاً تواترت الأنباء أيضاً عن اعتقال النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية بكري حسن صالح ضمن المعتقلين أمس.
ويرى عضو مجلس قيادة الانقاذ اللواء ابراهيم نايل ايدام أنه من الغباء التفكير في انقلاب حالياً , وقال إن من يفكر في انقلاب خلال هذه المرحلة التي تمر بها البلاد وفي هذا التوقيت غير سوي ولا يعرف حتى ابجديات العمل العسكري , مؤكداً أن الجيش نفسه في هذ الفترة يحاول الوصول إلى حكومة مدنية
في إشارة للمفاوضات التي تحدث حالياً بين المجلس العسكري وقوى التغيير , وتساءل لماذا الانقلاب إذن؟ ولماذا المحاولة للرجوع للمربع الأول ؟ سواء كانت عسكرية أو إسلامية ؟ وأضاف مؤكداً على قومية الجيش أن الجيش لا يتحمل أبداً التنظيمات سواء كانت إسلامية أو يسارية، فالبلد قد مرت بالتجربتين.
وقال إن البلد لا تستحمل اياً منهما مرة أخرى، وطالب بردع كل من يحاول القيام بانقلاب أياً كان ، واتهم ايدام جهات خارجية بالتورط في كل ما يدور في السودان والتدخل في شئونه، وقال من المؤسف تحريك السودان من الخارج سواء من دول عربية أو افريقية او أجنبية ، وزاد ( كفانا خلاص) علينا الوصول إلى حل لمشاكلنا داخلياً دون تدخل من أحد. .

بالمقابل انتظرت القوات المسلحة لأكثر من 6 ساعات من أجل بيان يوضح حقيقة ما حدث بعد أن سرت أنباء الانقلاب العسكري منذ فجر امس، وسارع رئيس هيئة الأركان الجديد المكلف فريق أول ركن محمد عثمان الحسين، سارع لإخراج بيان مخاطباً الشعب مؤكداً خلاله في الاول على وحدة القوات المسلحة والدعم السريع وجهاز الأمن والشرطة وانهم يرصدون كل ما يهدد أمن وسلامة البلاد. وذكر الحسين أن الأجهزة الأمنية تمكنت من الكشف عن تفاصيل مخطط للعملية الانقلابية الفاشلة التي تم الكشف عنها في الأسابيع الماضية ،وأظهر البيان الذي أصدره رئيس الأركان الجديد المكلف المتورطين في المحاولة وعلى رأسهم رئيس الأركان المشتركة الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب أحمد إضافة إلى عدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني برتب رفيعة بجانب قيادات من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني البائد وتم التحفظ عليهم وجاري التحقيق معهم لمحاكمتهم .
ويشير الحسين في بيانه إلى أن المحاولة الفاشلة تهدف إلى إجهاض الثورة المجيدة ولإعادة انتاج نظام المؤتمر الوطني البائد للحكم ولقطع الطريق أمام الحل السياسي المرتقب الذى يرمي إلى تأسيس الدولة المدنية التي يحلم بها الشعب السوداني..
وتعهد الحسين خلال البيان أن لا تتهاون القوات في حماية البلاد ومكتسبات وأهداف الثورة وأماني الشعب في حياة كريمة آمنة ومستقرة. .
حسناً….سيظل السؤال يكرر نفسه في ظل تكرار المحاولات الانقلابية متى سيستقر السودان ومتى ستتوقف تلك المحاولات؟؟

تقرير: سناء الباقر

الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى