تحقيقات وتقارير

مقترحات “الثورية” في مشاورات أديس .. خلط الأوراق

بينما أنظار السودانيين شاخصة بصورة مركزة نحو ما يجري من مفاوضات بين مكونات “قحت” وحاملي السلاح بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي تسهم هذه الأيام بصناعة جزء من فواصل المشهد السياسي المتقلب والمتجدد، قفز إلى السطح مقترح دفعت به الجبهة الثورية أمس الأول (السبت) أحدث جدلاً واسعاً وذلك باشتراطها تشكيل حكومة تصريف أعمال لـ6 أشهر تشكل بعدها حكومة تدير مهام الفترة الانتقالية كما اقترحت كذلك تسمية مني اركو مناوي عضواً بالمجلس السيادي المزمع تشكيله بين العسكري والتغيير، وجبريل إبراهيم لوزارة الخارجية ضمن التشكيل الوزاري.

(1)

من بين مقترحات حاملي السلاح أجمع في سبيل الوصول إلى تفاهمات تعبد الطريق لفترة انتقالية سلسة لم يكن ملفتاً أو خبر مثار اهتمام سوى الاقتراح المتعلق بتشكيل حكومة تصريف مهام لـ6 اشهر والذي أحدث تبايناً كبيراً حوله كما رفضته مكونات “قحت” نفسها والتي تعتقد بأنهم والشعب كذلك لن يوافقوا على هكذا مقترح .
وبحسب الأنباء التي وردت فإن الجبهة الثورية اشترطت على قوى التغيير للموافقة على الاتفاق السياسي والقبول بأن تكون جزءاً من الاتفاق ألا تشكل حكومة انتقالية إلا عقب (6) أشهر على أن تشكل حكومة تصريف مهام خلال الستة أشهر الأولى.

وتواصلت أمس الأحد لليوم الثاني على التوالي المشاورات بين وفدي الجبهة الثورية وتحالف قوى إعلان الحرية بمشاركة وفد كبير من تحالف “نداء السودان” وذلك في إطار الوصول إلى تفاهمات بمجمل قضايا الراهن السياسي وحسب الأنباء التي ترد من عاصمة الزهرة الجديدة أديس، فإن المشاورات تشهد اختراقاً كبيراً وينتظر أن تكون هنالك نتائج إيجابية خلال الساعات القادمة.
وبمراجعة إعلان قوى الحرية والتغيير فإن أحد بنودها نصت على أن قضايا الحرب والسلام هي من صميم واختصاص الحكومة الانتقالية خلال الـ6 أشهر الأولى وليس تشكيل حكومة مؤقتة كما ورد في مقترح الجبهة الثورية، وبالتالي فإن البعض يرى بأن هنالك تناقض كبير بين بنود إعلان “قحت” وتفاوضها الحالي مع حاملي السلاح بالعاصمة الأثيوبية أديس.
حسناً فإنه إضافة إلى مقترح في منابر التفاوض الحالية يواجه بكيفية إدخاله ضمن ملف الاتفاق السياسي الموقع بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حيث أن بعض الأنباء أشارت إلى أن العسكري أوصد الباب تماماً أمام محاولة لفتح التفاوض حول الإعلان السياسي وأن أي مستجدات في هذا الشأن ينبغي أن تدمج وترحل للوثيقة الدستورية وهو ما يعتبر عقبة حقيقية في الوقت الحالي،

غير أنه من الممكن التعامل مع ملف التفاوض مع الحركات المسلحة عبر الحكومة المدنية المرتقبة حيث نص اتفاق الإعلان السياسي الذي نص في الفقرة رقم 17 على أن من مهام المرحلة الانتقالية إنهاء عملية السلام الشامل في مدة لا تتجاوز 6 أشهر من التوقيع على هذا الاتفاق.

(2)

الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة نهار عثمان نهار قال لــ(الانتباهة) بأن الفترة الانتقالية في حد ذاتها تحتاج إلى فترة تحضيرية خاصة وأن المعنيين بالأمر حتى في معسكر الحرية والتغيير ليس جميعهم متوافقين كما أن قضاياهم مختلفة والتفكير بالأمور أيضاً مختلفة وبالتالي إذا ذهب الجميع إلى فترة انتقالية مباشرة بدون اصطحاب الجبهة الثورية وحاملي السلاح فإن الأمر يعني إنتاج الأزمة مجدداً وعدم مخاطبة القضايا الحقيقية المتمثلة بالحرب والسلاح.
وأضاف نهار بأن حاملي السلاح هم جزء من مكونات “قحت” ولكن هنالك نقطة مهمة ينبغي النظر إليها بعمق وهي أن هنالك مجموعة من حاملي السلاح خارج قوى الحرية والتغيير وكمثال عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو وحتى الحركات الموقعة على وثيقة الدوحة ما زال يكتنف الغموض مصيرها خاصة في ظل ضبابية مواقف العسكري والتغيير حيال اتفاقية الدوحة كمرجع للعملية السلمية التفاوضية وفي ظل الاستقطاب الاقليمي الجاد يمكن أن تذهب الدوحة ضحية لهذا التجاذب.
نهار يرى بأن مدة مقترح حكومة تصريف مهام لـ6 أشهر تسهم في حلحلة قضايا الحرب والسلام ومخاطبة قضايا حاملي السلاح، وبالتالي هي فترة جيدة جداً لتعبيد الطريق نحو فترة انتقالية تكون جيدة وتسهم في حل مشاكل البلاد بصفة عامة وتابع نهار بأن الفترة الماضية كلها انصب فيها الحديث عن تقاسم السلطة في حين أن مشاكل السودان الحقيقية تبقى مشكلات الحرب وبلد فيها أكثر من 3 ملايين نازح ولاجئ لم تتطرق حتى الأن اي جهة لكيفية ارجاعهم إلى أماكنهم وكيفية ايقاف صوت البندقية وهذه هي الحلقة الجهنمية المفرغة التي نعيشها منذ الاستقلال.

(3)

الخبير السياسي د.صلاح الدومة يرى بأن طلب الجبهة الثورية غير منطقي وموضوعي ويضيف خلال حديثه لــ(الانتباهة) بأنه مقترح تعجيزي ولا يستبعد من أن يكون بتحريض من العسكري، وهي من أشواقهم وبحسب الدومة فأن هنالك اولويات أخرى قبل التفاهمات مع حاملي السلاح ومن أبرزها تفكيك النظام القديم .
ويرى مراقبون بأن الجبهة الثورية ومقترحاتها تبطن أنها على خلافات مع مكونات “قحت” وأن مقترح حكومة تصريف مهام لـ 6 أشهر كان بمثابة بالونة اختبار لمدى جدية العسكري و”قحت” في إحداث تحول حقيقي يلبي مطالب وشروط القوى المسلحة من أجل الانخراط في العملية الانتقالية وفي حال لم تتحقق هذه المطالب فإن هذه القوى ستكون في مواجهة مع الحكومة الانتقالية شبيهة بالتي كانت ضد نظام البشير، كما أن الوضع بالإمكان أن يتطور إلى أكثر خطورة وذلك بنشوء تحالفات جديدة بين أذرع النظام السابق والحركات المسلحة لتقويض الحكومة الانتقالية .
في حين يرى آخرون بأن مقترحات الثورية هي عبارة عن كروت ضغط وحديث للاستهلاك السياسي في محاولة الوصول إلى نسبة كبيرة من مطالبهم مع الإشارة إلى وجود آراء مسيطرة على نخب الجبهة الثورية ترفض إعادة مركزية الحكم.

تقرير : محمد جمال قندول

الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى